تقارير

“القصير”.. مزرعة حشيش لحزب الله اللبناني ومشروع سکني لإيران

 

أعده موقع اورينت نت
27/4/2017


يمسک حزب الله اللبناني بکل ما أوتي من قوة، بمنطقة القصير بريف حمص، في مسعی لإنهاء أي رابط لها مع ماضيها وتحويلها لمزرعة بکل ما تحمله الکلمة من معانٍ مادية ومعنوية وما تحتويه من موجودات وسکان، فالقصير التي کانت أول المناطق التي تم اخلاؤها من سکانها تحت وطأة القوة، باتت اليوم “مرتعاً” للحزب اللبناني الذي يعمل علی مسح الذاکرة وتغيير ديموغرافية المنطقة بشکل جذري.

 
رغم أن وسائل الاعلام توقفت عن الحديث عن مدينة “القصير”، إلا أن العرض العسکري الذي قام به حزب الله اللبناني وسط المدينة العام الماضي، أعادها للواجهة کما هو الحال في عام 2013، لتکون الصور المسربة عن ذلک العرض حديثاً متداولاً وقضية تتصدر المشهد علی مختلف الأصعدة، ليغيب هذا الحدث مرة أخری بين زحمة الأخبار وتتالي المعارک العسکرية والسياسية في سوريا، إلا أن تأسيس الحزب اللبناني شرکة بناء ضخمة و بتمويل إيراني، مخصصة لإنشاء عقارات علی عقارات سابقة، وتسجيل هذه العقارات بأسماء أشخاص تابعين للحزب، سواء من أهالي البقاع اللبناني أو الجنوب، يعيد فتح ملف هذه المدينة.

 مدينة القصير ذات الموقع الجغرافي الفريد، المشرف علی الطريق العام بين دمشق وحمص ثم حلب واللاذقية، وامتدادها علی مساحة واسعة مع الحدود اللبنانية ما يجعلها ذات عمق استراتيجي لحزب الله اللبناني، تلک المنطقة تتميز بأراضيها الخصبة، ما جعلها حاضنة جيدة لزراعة بذار مادة “الحشيش” المخدرة، التي يشتهر حزب الله بزراعتها وتصنيعها وتجارتها، إذ تعتبر من أهم مصادر تمويل الحزب في عملياته الأمنية والعسکرية.
 
بدأت قصة “القصير” مع الثورة السورية، منذ أيامها الأولی،  فنشط أهلها بالمظاهرات، ونجحوا في حمايتها بعد إجبارهم علی التسلح، وتمکنت من تقديم نموذج مميز بالإدارة والتنظيم، ، وقد جعلتها مميزاتها الجغرافية والطبيعية هدفاً في غاية الأهمية والضرورة لإيران، فواجه أهلها حلف ثلاثي “الأسد – حزب الله و ايران” في معرکة لم يعرف التکافؤ طريقاً لها، فاضطر أهلها و ثوارها للخروج  في الرابع من حزيران عام 2013، بعد حرب ضروس أتت علی کل شيء من حجر و بشر، و استطاع من کتب له البقاء حياً من الوصول إلی القلمون بشقيه (الشرقي – و الغربي) ولاحقاً إلی لبنان وتحديداً عرسال بعد سقوط القلمون بيد النظام وحلفائه في آذار 2013.
 
زراعة الحشيش
وبالرغم من دفاع أهلها عنها، إلا أن النظام وحزب الله استنزف من أجل الهيمنة عليها بعد إبادة أهلها بالقتل والتهجير، بحسب ما قال الکاتب الصحفي “عبد الرحمن ع”، لموقع أورينت.
 
وأکد أحد الإعلاميين المقربين من الحزب لموقع أورينت، والذي رفض ذکر اسمه لأسباب أمنية، أن مناطق زراعات نوح زعيتر المؤيد للحزب تعدت الحدود اللبنانية، ومصانع الکبتاغون التابعة له، وهي الأهم بات اغلبها علی الأراضي السورية، وعمليات التصدير تتم عبر السويداء باتجاه درعا ثم الاردن والخليج حيث السوق الأغنی.
 


 

 أما الإعلامي “هادي ع”، فشدد علی أن الحزب يمنع أي أحد من دخول مناطق بساتين القصير حتی أمن نظام الأسد، وأمست محصورة لعناصر حزب الله اللبناني وعوائلهم، والشيء المؤکد إن حزب الله أخذ بساتين القصير وبدء بزراعتها  وأخذ محاصيلها، وأضاف “وردنا أنباء قوية من سوريين کانوا يسکنون في مناطق سيطرة حزب الله بالقصير، أنهم يقومون بزراعة بساتين القصير وريفها بالحشيش”.

في غياب القانون من الطبيعي أن يکون هناک زراعة حشيش وتجارة مخدرات، فلا دولة ولا قانون، بحسب ما قال المحلل السياسي المعارض “موسی النبهان”، واعتبر أن هذه الأمور ستنتهي بسقوط النظام وکل من هو تابع له بما فيهم حزب الله اللبناني.
 
تغيير السجلات العقارية في القصير
 لم تقتصر نشاطات ميليشيا حزب الله اللبناني علی استغلاله الأراضي الزراعية، أو عرض قواه العسکرية هناک، بل تعدته الی بدء مشاريع لإقامة مباني سکنية للبنانيين تابعين له من الجنوب والبقاع، بعد تزوير عقود بيع وتسجيلها بأسماء جديدة، بحسب العنصر “غ.ل” في حزب الله، فضل عدم ذکر اسمه لأسباب أمنيه.
 
وأکد عنصر حزب الله “غ.ل”، لموقع أورينت، أنه تم تأسيس شرکة بناء ضخمة مخصصة لإنشاء عقارات علی عقارات سابقة، تمويلها إيراني،  ويتم تسجيل هذه العقارات بأسماء أشخاص جدد، فالتکتل السکاني الذي يقوم حزب الله باستحداثه في القصير هو امتداد لبعلبک، لکن حتی الآن لم تبدء عملية إعمار، ولکن الحزب بدء بتلزيم الأراضي لشرکات، أما أهالي القصير وريفها (الشيعة)، التابعين کلياً لحزب الله فيتم إجبارهم علی بيع أراضيهم للحزب، وتوقيع عقود البيع، فالهدف وذلک لاتباع القصير ببعلبک إيديولوجياً وفکرياً ومالياً وسکانياً وطائفياً.
 
وتابع “غ.ل”، الذي کان أحد مقاتلي الحزب في معرکتي القصير وحلب، أن “مرکز الأحوال الشخصية بأکلمه تابع للحزب، ويتم نقل ملکية أراضي أهل القصير الذين ترکوا منازلهم بأوراق مزورة، وعمل الحزب علی توظيف عمال سوريين لاجئين للعمل في شرکة الأعمار هذه، بإغوائهم بالمال ولتسهيل أمورهم سواء في المنطقة أو علی الأراضي اللبنانية”.
 
ونفی الإعلامي “هادي ع”، لموقع أورينت، أن يکون أحد من سکان القصير وريفها السني قد باع حزب الله أراضيه، وأن عقود البيع الذي يعتبرها حزب الله ذريعة بيده کلها مزورة، مشيراً إلی أن عناصر الحزب حرقوا مبنی الأحوال الشخصية والبلدية في القصير متعمداً، وأکد هادي “عدم وجود أحد من سکان القصير وقراها السنية، اذ أن جميعهم نزحوا باتجاه القلمون خوفاً من الاعدامات الميدانية والاعتقالات”، وأضاف “هناک فيديوهات مسربة تؤکد أن معظم قری القصير خاوية من السکان، أما الأغلبية المسيحية فقد خرجت أيضاً من القصير خوفاً من بطش حزب الله من جهة، فيما تضامن قسم منهم مع خروج السنة من جهة أخری، أما الحي الشيعي في القصير وهو حي وحيد في القسم الشرقي من المدينة، فعاد سکانه الی منازلهم في الحي المتطرف عن المناطق الأخری”.

الهلال الشيعي والقصير
لم تکن السيطرة علی مدينة القصير وريفها أمراً عشوائياً، بالنسبة لإيران أولاً وحزب الله ثانياً، إذ إن القصير تعد نقطة استراتيجة بالنسبة لهم، لأنها توصل حمص “وسط سوريا” بالعراق ومن ثم تصل العراق بإيران، هذا ماقاله ابن القصير “هادي ع”، وتابع “عقدة حمص والقصير کانت هدفاً لإکمال إيران بمساعدة حزب الله اللبناني للهلال الشيعي، فحزب الله يسعی لوصل شيعة لبنان بشيعة ايران عن طريق القصير- حمص، ومن ثم طريق تدمر الصحراء، وصولاً إلی العراق عن طريق دمشق-بغداد، وصولاً الی إيران، وبالتالي يکون قد أمن خط إمداده بکل سهولة”.
 



وادي حنا وذخيرة حزب الله
وعزا هادي، السبب الثاني لأهمية القصير بالنسبة لإيران وحزب الله، إلی وجود مستودعات ذخيرة و أسلحة في منطقة تدعی “وادي حنا”، وهي منطقة حدودية بين سوريا ولبنان، تقع بين القری الشيعية التابعة إداريا الی سوريا وبين منطقة الهرمل الشيعية اللبنانية، والتي تعد من أهم معاقل حزب الله.
 
وشرح هادي وضع منطقة وادي حنا، بأنها وادي تحت الأرض ممنوع لأحد أن يقترب منه، وبحسب المعلومات فإن هذه المنقطة تضم مستودعات تحت الأرض فيها سلاح وذخيرة کما أن هناک انباء عن تواجد سلاح کيماوي داخلها.
 
حزب الله في القصير برضی دولي
لم تعد القصير تحت سيطرة النظام ، فهي لحزب الله بامتياز، وتعتبر من أهم مراکزه العسکرية، وتعد مرکز مراقبة له، ومنطقة تدريب عسکريه لعناصره، هذا الأمر لم يکن ليتم لو يکن هناک رضا دولي، بحسب “س.ل” وهو أحد عناصر حزب الله، في تصريح خاص لموقع أورينت، والذي اعتبر أن حرکتهم کعناصر حزب الله في المنطقة تکون بشکل مريح.
 
ورجح ابن القصير هادي ع، أن تواجد حزب الله في القصير هو بغطاء إسرائيلي ، معتبراً أن الحرب بين الحزب واسرائيل هي مجرد أکذوبة، لذا تم اقتحام المدينة وريفها بأريحية دون ضرب خطوط الإمداد التابعة للحزب وبشکل علني وواضح، ليحرقوا المنطقة قبل أن يقتحموها، ففي مرحلة من المراحل کان النظام يضرب في الدقيقة الواحدة 40 قذيفة، وأکثر من 100 غارة جوية، بالرغم من أن منطقة القصير منطقة صغيرة جداً، وکان واضحاً أن حزب الله لديه الضوء الأخضر ليتحرک کما يريد.
 
ورأی الجنرال المتقاعد في الجيش اللبناني “وهبة قطيشة”، في لقاء صحفي علی موقع جنوبية اللبناني، “أن إسرائيل لم يعد يعنيها حزب الله ولا طوشته العسکرية، لأنها فرحة جداً بالمهام التي يقوم بها داخل سوريا، أما عن روسيا فلا يهمها القصير ولا القلمون ولا کل الحدود المحاذية للبنان ذلک ان ما تريده روسيا من سوريا هو حلب والساحل وقواعدها العسکرية”، ما يعني أن تواجد حزب الله کان بتسهيلات دولية بدءاً من اسرائيل و وصولاً إلی روسيا.
 
ذخيرة الحزب وقواعده العسکرية
وقال ابن القصير “عبد الرحمن ع”، إن “حزب الله لم يکتف بزراعة أراضي القصير بالمخدرات، بل قام بإنشاء قواعد ومنشآت عسکرية سرية في المنطقة”، وأضاف “لم يبق في القصير إلا عدة عوائل لا يتجاوز عددهم مئة شخص، من مسيحيين وعلويين وشيعة وبعض السنة الموالين لحزب الله، وهم محصورون في الحي الشرقي المتطرف عن المدينة، ولا يسمح لهم السکن داخل المدينة.
 
وبحسب شبکة “ستارتفو” للتجسس، والتي نشرت صوراً لقواعد عسکرية لحزب الله في القصير ملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية، وأکدت في تقرير نشرته أن “مصدرا مقربا من حزب الله ذکر أن الجماعة تعتزم تخزين اسلحة مدفعية مثل صواريخ کاتيوشا ومدافع الهاون ومدافع الهاوتزر فی القاعدة بالقرب من القصير، کما تعتزم نقل بعض دباباتها الرئيسية التي يبلغ عددها حوالی 60 دبابة من طراز تي- 72 هناک، وبالإضافة إلی ذلک، قالت المصادر إن هناک أربعة مصانع ذخيرة منفصلة في القاعدة”.
 


 رسالة إيرانية وعرض عسکري لحزب الله
التواجد العسکري والتراسنة العسکرية في منطقة القصير، لم کن بالأمر المخفي، منذ إعلان ميليشيا حزب الله اللبناني بمشارکته الحرب في سوريا، إلا أن عرضه العسکري الذي کان في الـ3من أيار/ نوفمبر عام 2016، والذي عرض خلاله مدرعاته وقواه العسکرية في القصير بحجة يوم الشهيد، کان رسالة واضحة للسوريين خاصة وللمجتمع الدولي عامة أن المنطقة باتت تحت سيطرة إيران، وامتداد لبعلبک اللبنانية بحسب معتقد الحزب.
 
واتسم ذلک العرض برسالة ذات حدين، واعتبر الکاتب اللبناني “فداء عيتاني”، في مقال کتبه بعنوان “حزب الله وجرائم الاحتلال”، إن عرض حزب الله العسکري هو رسالة للنظام تفيد بأنه جزء من سوريا ويملک حصة قد تکون أکبر من حصة النظام في تقرير المصير، وهي رسالة موجهة ايضا إلی روسيا، التي اشتبکت عدة مرات مع حزب الله وضربت قواته، وقتلت العديد من ضباط الحرس الثوري الإيراني في أکثر من مناسبة، أما الکاتب الصحفي “ابراهيم حيدر”، فرأی بمقاله في جريدة النهار اللبنانية، أن العرض العسکري في القصير يؤکد أن أولويات الحزب حالياً ليست المعرکة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

نفوذ الحرس الإيراني في کل سوريا
لم يکن ذلک العرض العسکري الأول من نوعه، اذ قام حزب الله في أيار عام 2015، بعرض عسکري في مدينة السيدة زينب بريف دمشق، إحياء لمقتل القيادي العسکري في صوفوه “مصطفی بدر الدين”، کرسالة أن امتداد قواه والأيادي اللبنانية قد طالت سوريا کافة.
 
وهذا الامر أکده الإعلامي المقرب من الحزب، في حديث لأورينت، فقال ان “المنطقة بدء من حمص حتی القصير مرورا بالقلعة، وصولاً لمضايا والوادي وببيبلا، کلها منطقة نفوذ واحدة أي أنها تحت سيطرة حزب الله،إضافة الی أن محيط دمشق بالکامل سيکون تحت سيطرة البيت الزجاجي التابع للحرس الثوري وبادارة حزب الله، أما العراقيون فهم  يشارکون فقط من الاتجاهات الشرقية لسوريا، اما المناطق الغربية فهي لحزب الله حصراً، اذ أنه يعتبرها متاخمة للحدود اللبنانية”.
 
وصرح المصدر، أن مکتب التنسيق التابع للحشد الشعبي بالضاحية الجنوبية (والذي لا يعلم بوجوده أحد حتی الآن) هو المسؤول عن تنسيق العمل بين العراقيين واللبنانيين في هذه المناطق.
 
 80 ألف مدني خارج القصير
انسحاب الجيش الحر من منطقة القصير، التي کان يقطنها وضواحيها حوالي 120 ألف نسمة، نزح منهم 80 ألفاً، فيما تبقی العلويون والشيعة وبعض المسيحيين، کان بعد معارک طاحنة في شهر يونيو عام 2013، بعد أن شارک حزب الله بـ17فرقة، تضم کل منها 100 عنصر، أي ما يقارب 1700 مقاتل، بحسب ما ذکرت مصادر مقربة من الحزب، والذي فقد منهم خلال معرکة القصير أکثر من 104 عنصر بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، الأمر الذي نفاه المسؤول الاعلامي في الحزب “إبراهيم الموسوي”، دون أن يقدم حصيلة العدد النهائي لقتلاه آنذاک.
 
حزب الله يعلن حربه في سوريا
دخل حزب الله اللبناني الی القصير بحجة حماية الحدود اللبنانية، ولکنه أعلن فيما بعد أنه طرف في الحرب السورية، وأن تواجده کان لحماية الأماکن المقدسة والقری الشيعية المتواجدة في محيط القصير “مثل زيتا والعقربية”، والتي ادعی أنها لبنانية، فيما هي سورية الأصل.
 
وبحسب الإعلامي هادي فقد تم اثبات أن القری الشيعية المحيطة بالقصير، التي ادعی حزب الله أنها لبنانية، بأنها تابعة لسوري إداريا، من خلال شهادات من الناس المقيمين فيها، ومن خلال لقاءات مع مخاتير المناطق، وبالرغم من ذلک کان الحزب في المرحلة الأولی ينکر قتاله في القصير.
 
وشرح “هادي ع”  في حديثه لموقع “أورينت نت” کيف استطاع الجيش الحر، ‘ثبات تواجد حزب الله في القصير في عام 2013، فکانت القصة تتلخص بسحب جثة تعود لقيادي في حزب الله وهو حسين صلاح حبيب “أبو علي رضا” ، وتم تصويرها بهدف إثبات تواجد حزب الله في القصير، الأمر الذي أثار جنون الحزب و بدأت مفاوضات کثيرة  لتسليم الجثة وعدم نشر صورها، من خلال الدکتور اللبناني “علي زعيتر” ، في مسعی لإخفاء إثباتات وجود الحزب في سوريا کما دأب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله علی نفيها في خطاباته.

وتابع هادي، “بدأت المفاوضات بعروض مبالغ مالية کبيرة، وضمان سفري وعائلتي إلی أوروبا، وانتهت بالتهديد، وبعد الرفض ونشر الفيديو وإرفاقه بصور نعوة قيادي حزب الله القتيل، اتضحت الأوراق وکشف حزب الله عن تواجده في سوريا، وکان الفيديو نقطة تحول في القصير وسوريا عامة”.
 


 

 أهل القصير کيف نزحوا ..والی أين ؟؟
بدأت القصة في القصير قبل سقوطها بيد حزب الله والنظام ، إذ بدأت بعض العائلات بالنزوح، بعد ارتفاع وتيرة القتال والحصار، لاسيما مع بداية حزيران عام 2013 ، وکان نزوح النساء والطفال ممکناً حينها، وکان النزوح إلی القری والبلدات الواقعة علی طريق دمشق، کبلدة شنشار وحسياء ومدن القلمون وقارة ودير عطية والنبک.
 
وقال ابن القصير، الصحفي “عبد الرحمن ع”، لأورينت ، إن “الکثير من الرجال حاولوا مغادرة القصير في حزيران 2013، عبر حواجز النظام، بسبب القصف، ظناً منهم أنهم غير مطلوبين للجهات الأمنية، إلا أن عدداً کبيراً منهم وقع في يد حزب الله، وتم إعدام أکثر من 120 مدني موثقة أسماؤهم، ولم نتمکن من توثيق الکثير من القتلی”.
 
وتابع العمار، “بدء النزوح الأکبر في الرابع من حزيران ، ليخرج کل ما تبقی من أهالي القصير عبر فتحة الموت، وکان عددهم يقدر من بـ 15 الف مدني، معظمهم من الرجال، وهم من تبقی من أهالي القصير وقراها”
 
نزوح أهالي القصير الأول، کان في شهر حزيران عام 2013 الی منطقة حسياء وجندر، اذ بلغ عددهم هناک 10 آلاف نازح تقريباً، فيما نزح الی قارة نحو 15 ألف، وثلاثة آلاف مدني الی دير عطية، وهجر الی النبک خمسة آلاف مدني، اضافة الی 12 ألفاً اقاموا في يبرود، أماعرسال اللبنانية فکان نصيبها حوالي 20 ألف مدني، وتشتت الباقون في مناطق متفرقة، بحسب عمار.
 
أما النزوح الثاني لأهالي القصير، بحسب ابن القصير، فکان بعد سقوط القلمون بأيدي النظام السوري وحزب الله، في شهر أيلول 2013، إذ نزح معظم أهالي القصير وقراها إلی لبنان، وبات أکبر تجمع لهم في عرسال، اذ يبلغ عددهم 20 ألف شخص، فيما نزح الی طرابلس 10 آلاف مدني، ولم يخلو الشمال السوري من مئات العائلات، وکان لنزوح أهل القصير الی الأردن وترکيا نصيب أيضاً، وصل الی آلاف العائلات، بعض العائلات سافرت کما باقي السوريون الی أوروبا، أما ما تبقی في مناطق سيطرة النظام السوري، سواء في القلمون أو حمص أو غيرها، لا يتعدی بضعة آلاف علی أبعد تقدير.
 
اعدامات جرحی القصير
لم يکتفي حزب الله بتهجير أهالي القصير وريفها خارج منازلهم ولم يکتفي بشن حرب واضحة علی الأراضي السورية باسم المقاومة، بل قام بإعدام جرحی القصير الذين سقطوا خلال المعارک التي دارت بينهم وبين قوات المعارضة إعدامات ميدانية، تلک الإعدامات نشرت في مقاطع فيديو، اتضح فيها أن عناصر حزب الله اللبناني هم من قاموا بتنفيذ الإعدامات، من خلال حديثهم  باللهجة اللبنانية، بينما کان الجرحی يتوسلون لعناصر الحزب.
 
القصير ستعود لأهلها
ويری المعارض السوري المستقل “موسی النبهان”، أن استنزاف حزب الله اللبناني في سوريا کان بقرارات دول کبری، وتورطه في الحرب السورية لم يکن بقراره بل قرار طهران، فحزب الله حسب قوله  “حفر قبره في سوريا بيده، وستعود الأراضي الذي استولی عليها لأصحابها، هم يحرقون أموالهم في سوريا ظناً منه بأنهم سيحققون تقدماً، لکن التغيير الديمغرافي الذين يسعون اليه فاشل بامتياز، فقد حاولوا في الخمسينات احداث هذا التغيير ولکنهم فشلوا وسيفشلون الآن کما أمس”.
 
جيش وطني ينهي وجود حزب الله
واعتبر النبهان في حديث خاص لموقع أورينت، أن الحل في سوريا، لن يکون إلا من خلال تشکيل الجيش الوطني السوري، المؤلف من المنشقين عن النظام والذي تجاوز عددهم 100 ألف منشق، اضافة الی الضباط الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء، أي دون الصف الاول الثاني من ضباط النظام الذين يصنفون ضمن قائمة الاجرام، وعندها فقط سيتم ضبط المخدرات والأمن والسلاح في کافة أرجاء سوريا.
 
وإن کان حزب لله اللبناني يتباهی بتقدمه علی الأراضي السورية، إلا أن هذا الامر لن يستمر، فالإدارة الأمريکية الجديدة تختلف 180 درجة عن ادارة أوباما، بضمها لنخبة الجنرالات الکارهين للمشروع الايراني في الشرق الأوسط وغير راضيين عن ماقامت به الإدارة السابقة، وماتصريحات ترامب منذ بداية حملته الانتخابية إلا توعد لإيران والمشروع الإيراني ومن تبعه من حزب الله وغيرهم بإخراجهم من المعادلة السورية، بحسب ما رای المحلل السياسي النبهان، وتابع “هم أرادوا أن يشربوا البحر (السنة)، لکن البحر کبير، لذا لا يستطيعون أن يبتلعوه”.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى