تقارير

الفلسطينيون للنظام الإيراني: مخططاتک لن تمر وشعارات دعم القضية لن تنجح

 

تقرير اعاده موقع الخليج أونلاين
17/4/2017


باتت الشعارات الرنانة التي طالما کان المسؤولون الإيرانيون يطلقونها نحو فلسطين وقضيتها ومقاومتها، في کل مناسبة ومحفل سياسي، لا تنطلي علی أصحاب القضية، وأصبحت بالنسبة لهم “فارغة المضمون” وتتماشی فقط مع المصالح الإيرانية وتمدد نفوذها في المنطقة.
عدم اقتناع الفلسطينيين بخطاب طهران، وشعورهم بخطر التمدد الإيراني في المنطقة علی حساب قضيتهم والمقاومة، کشفه آخر استطلاع للرأي نشره المرکز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بقطر، في الـ14 من آذار/مارس الماضي، حين أکد أن الفلسطينيين أبدو نظرة سلبية للسياسة الإيرانية في المنطقة، واتفق 70% منهم علی أن إيران لها دور سلبي في المنقطة بأکملها.
ويظهر الاستطلاع أن اقتناع الفلسطينيين بالخطاب الإيراني تجاه قضيتهم وصل لأدنی مستوياته، وأنهم ينظرون إليها علی أنها “تستغل أزمات المنطقة لتوسيع نفوذها والبحث عن دور وتأثير أوسع لها، وأن هذه الشعارات تتعارض مع سياساتها الإقليمية ضد أشقائهم العرب المسلمين في بلدان العراق وسوريا واليمن”.
– الفلسطينيون ينتقدون إيران
الاستطلاع السنوي الذي حمل عنوان “المؤشر العربي” لعام 2016، نُفذ في 12 دولة عربية، واستغرق تنفيذه أکثر من 45 ألف ساعة، وعمل عليه 840 باحثة وباحثاً، وکانت فلسطين ضمن الدول التي تم قياس الرأي العام فيها تجاه عدة قضايا؛ وفي مقدمتها کيف ينظر الفلسطينيون إلی السياسات الخارجية للقوی الإقليمية والدولية ومنها إيران.
وکشفت النتائج عن نظرة سلبية من الفلسطينيين تجاه سياسة إيران الخارجية في المنطقة العربية، واختيار إيران هنا يرجع إلی الدور الذي تقوم به في المنطقة بشکل عام، وفي الساحة الفلسطينية خصوصاً، وحديثها الخارجي الداعم للقضية الفلسطينية، والذي تعبر عنه طهران في خطابها الدبلوماسي الخارجي، الذي لم يؤثر علی اتجاهات الرأي العام الفلسطيني.
وجاء تقييم الرأي العام الفلسطيني لسياسات طهران الخارجية سلبياً، إذ إن 70% من الفلسطينيين متوافقون علی أنها تجاه المنطقة العربية سلبية، في مقابل 6% قيموها بالإيجابية، و15% أفادوا بأنها إيجابية إلی حد ما، الأمر الذي يعني أن نسبة الذين لديهم رأي واضح وقطعي بإيجابية السياسة الإيرانية في المنطقة هي 6%، ويقابل ذلک أکثر من ثمانية أضعاف، ونسبة 50% عبّروا عن رأي قطعي في سلبية السياسات الإيرانية.
وفيما يتعلق بتقييم السياسة الإيرانية نحو القضية الفلسطينية، فقد عبر 52% من الفلسطينيين عن أن سياسات إيران نحو فلسطين مواقف سلبية (24% سيئة جداً و28% سيئة)، مقابل 36% أفادوا بأن السياسات الإيرانية نحو فلسطين إيجابية جداً أو إيجابية.
کما أن أغلبية الرأي العام الفلسطيني يعتقد بأن إيران تستغل الأزمات في المنطقة من أجل توسيع نفوذها، إذ أيد 72% من الفلسطينيين ذلک الطرح، بل أيد نصف المستطلعة آراؤهم بشدة استثمار إيران أزمات المنطقة في البحث عن دور وتأثير ونفوذ أوسع، في حين عبّر ما نسبتهم 17% منهم عن معارضتهم تلک العبارة، کما أيد 68% من الفلسطينيين عبارة (إيران تغذي النزعات الطائفية والعرقية والانفصالية في البلدان العربية) مقابل 18% عارضوها.
کما عارض نحو ثلثي الفلسطينيين 65% العبارة التي تفيد بأن “إيران تدعم التحول الديمقراطي في البلدان العربية”، في مقابل 4% أيدوا هذه العبارة، و18% عبروا عن موافقتهم عليها بشدة.
وتفيد النتائج التي توصل إليها “المؤشر العربي” بأن الفلسطينيين يجمعون علی أن طهران تحاول الاستثمار في أزمات المنطقة، من أجل أداء دور أکثر فاعلية وتأثيراً، کما أنها تستثمر في النزعات الطائفية والعرقية وتغذيها في الوقت نفسه، ومن ثم “هي قوة معيقة لعملية التحول الديمقراطي في الدول العربية التي شهدت ثورات شعبية، تطالب بالحرية والعدالة والکرامة”.
يذکر أن “المؤشر العربي” هو أکبر برنامج بحثي مسحي إحصائي في الوطن العربي، يرصد اتجاهات الرأي العام العربي حول قضايا عديدة تقع في نطاق اهتمام المواطن العربي ومشاغله.
– سياسة مفضوحة وشعارات فارغة
مواطنون في غزة والضفة الغربية، عبروا عن رفضهم القاطع لسياسة طهران في استغلال اسم “القضية الفلسطينية” لتلميع وتکبير صورتها أمام العالم وتمدد نفوذها في المنطقة، مؤکدين أن الشعارات الرنانة التي تطلق من طهران منذ سنوات باتت “فارغة المضمون ولا تقنعهم”.
مازن العجلة، طالب علوم سياسية بغزة، أکد لـ”الخليج أونلاين”، أن “طهران طالما کانت تتغنی بدعم فلسطين والقضية وقتال “إسرائيل”، لکن لم نرَ حتی هذه اللحظة أي مواجهة مع الاحتلال، کأن لسان حالها يقول أنا أرفع الشعارات وأنتم في فلسطين ادفعوا الثمن”.
ويوضح العجلة أن “سياسة إيران بالنسبة للفلسطينيين باتت مفضوحة، وکل تغنيها بمواجهة “إسرائيل” وقتالها مجرد بيع وهم واستهلاک لتمرير مخططات التفرقة الدينية والمذهبية والسياسية”.
حالة الغضب الفلسطيني من سياسة طهران الخارجية واستغلالها للقضية الفلسطينية، ليست فقط في قطاع غزة، بل انتقلت إلی مدن الضفة الغربية المحتلة، فخرجت خلال الفترة الأخيرة مسيرات شعبية ضد طهران ورفضاً لتغول أفکارها في الشارع الفلسطيني.
ويقول محمد أبو الرب، من سکان مدينة رام الله بالضفة، لـ”الخليج أونلاين”، إن: “إيران خطر کبير علی القضية والمشروع الوطني الفلسطيني، فهي تهدف لزيادة التفرقة الفلسطينية الداخلية، بدعم فصائل علی حساب أخری، وتأجيج الساحة والمعارک مع “إسرائيل” بشکل دائم”.
ويضيف: “لم أرَ منذ 30 عاماً رصاصة واحدة تطلق من إيران علی “إسرائيل”، ولکني سمعت خلال تلک الفترة ملايين الشعارات التي تدعو لتخليص المنطقة من السرطان الإسرائيلي، ولکن السرطان باقٍ ويتمدد وشعارات طهران کشفت لنا جميعاً”.
ويتابع أبو الرب حديثه: “طهران تستغل فلسطين وقضيتها لتنفيذ مخططاتها في المنطقة، وتعتبر أن الحديث عن دعم فلسطين مالياً لبعض الجهات والفصائل سيجعل لها قدماً هنا، ولکن هذا الأمر لن يحدث وإيران کشفت وجهها الحقيقي للجميع”.
– رفض النعرات الطائفية
واعتبر الکاتب والمحلل السياسي طلال عوکل، نتيجة استطلاع الرأي الأخير الذي نشره “المرکز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” في قطر، بأنه مؤشر جديد علی تغيير نظرة الفلسطينيين تجاه إيران ولدورها في فلسطين وکذلک الدول العربية المحيطة، وأنهم “يحکمون علی السلوک وليس الشعارات”.
ويؤکد عوکل، لمراسل “الخليج أونلاين”، أن “إيران دائماً ما کانت تتغني “إعلامياً” بقتال إسرائيل وإبادتها، والدفاع عن الحقوق الفلسطينية، لکن کل ذلک بالنسبة للفلسطينيين بات حديثاً فقط دون أي ترجمة علی أرض الواقع، وهذا الأمر يعلمه کل فلسطيني الآن”.
ويضيف المحلل السياسي: “تغيير نظرة 70% من الفلسطينيين تجاه إيران، رقم ليس بقليل بحسب المرکز الذي نشر الاستطلاع، ويمکن بناء عليه أن نبين وجهة نظر الفلسطينيين تجاه إيران وسياستها في فلسطين وکذلک الدول العربية والإسلامية”.
وأشار إلی أن “الفلسطينيين بطبعهم شعب “حساس” ويرفضون تدخل قوی خارجية بالدول العربية والإسلامية، والسعي إلی تقسيم المقسم فيها، أو نشر النعرات الطائفية والمؤامرات دخل تلک الدول، ونتائج استطلاع الرأي تظهر توجههم الحقيقي السلبي تجاه إيران ونفوذها في المنطقة”.

زر الذهاب إلى الأعلى