العالم العربيمقالات

ضرورة إقامة منطقة الأمن في سوريا

 

 

أصبح في هذه الأيام خاصة بعد تسلم دونالد ترامب مقاليد الادارة الجديدة موضوع ضرورة اقامة منطقة آمنة في سوريا نشطا حيث أثار مواقف مختلفة.
نشاط هذا الأمر يأتي بسبب التغييرات التي طرأت علی الصعيد الدولي لاسيما بعد تغيير الادارة في أمريکا. وکان الرئيس الجديد دونالد ترامب قد وعد أکثر من مرة خلال حملته الانتخابية أنه سيقيم منطقة آمنة في سوريا للحؤول دون تدفق اللاجئين. 
وعندما مسک مقاليد الأمور في 20 يناير طلب ترامب في أول أمر تنفيذي أصدره من وزير الدفاع والخارجية الأمريکيين أن يعدا مسودة لاقامة مناطق آمنة في سوريا خلال مهلة أقصاها 90 يوما. وبذلک فقد أزال هذه السياسة العقبة التي کان اوباما ينتهجها. وفور اعلان ذلک أعلنت العربية السعودية والامارات وترکيا وغيرها من الدول دعمهم لتلک الفکرة.
وفي اتصال هاتفي استغرق ساعة بين ترامب والملک سلمان ملک المملکة العربية السعودية وکذلک اتصاله الهاتفي مع ولي عهد الامارات تم التآکيد علی هذا الموضوع. کما رحبت ترکيا بهذا القرار.
وکانت روسيا والنظام الايراني والأسد معارضين بشدة لتشکيل منطقة آمنة وکانوا يقولون انه يسبب في تصعيد التوتر. وکانت هذه الجبهة موحدة في قرارها. ولکن بعد مجيء ترامب وبعد قصة حلب فهذه الجبهة تشققت وأبدت روسيا مرونة في مواقفها السابقة.
ولم يستبعد وزير الخارجية الروسي سرغئي لافروف امکانية اقامة مناطق آمنة للمشردين داخل الاراضي السورية. وقال لافروف خلال لقائه بنظيره الاريتري عثمان صالح اذا کان الهدف من هذه الفکرة التخفيف عن زخم أزمة الهجرة الی اوروبا قد يتم التفکير حول تشکيل مناطق لاسکان المهاجرين داخل الاراضي السورية بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وفي الوقت الحاضر هناک أزمة انسانية في کل الحدود السورية. فهذا المشروع يريد معالجة مشکلة أزمة التشرد وتدفق المهاجرين. المکان الأکثر احتمالا حيث يکاد کل المصادر يشير اليه هو الحدود الترکية. کما هناک اشارات الی الحدود الاردنية في محافظة درعا والحدود العراقية مع سوريا ولکن المواقع الأکثر احتمالا هي الحدود الترکية السورية.
مشروع ترکيا لاقامة منطقة أمن يتضمن المواصفات التالية:
طول المنطقة حوالي 100 کيلومتر. تحدها من الشرق مدينة جرابلس ومن الغرب مدينة اعزاز. عمق المنطقة يصل الی مدينتي الباب ومنبج وخلف نهر سجور وعرضه قرابة 45 کيلومتر حيث تمتد من الحدود الترکية نحو مدينة حلب.
ولکن مقومات تشکيل هکذا منطقة؟ وما هي تحديات تشکيل هکذا منطقة؟
الواقع أن منطقة أمن تحتاج الی أربعة أرکان أساسية. أولها عنصر المشروعية. فهذه المنطقة هل تقام من خلال قرار لمجلس الأمن أو باتفاق دولي. مثل منطقة الأمن في کردستان العراق عام 1991؟ أو تقيمها دولة مثل أمريکا؟  ويبدو أن أمريکا تستطيع أن تفرضها بقوة.
ثانيا: منطقة أمن تحتاج الی أمن. من الذي يحمي ذلک؟ وکيف يتم حمايتها؟ حظر الطيران أو دخول عناصر عسکرية علی الأرض في هذه المنطقة المحظورة؟ من الذي يوفر الحماية وبأية وسيلة؟
ثالثا: هذه المنطقة تحتاج الی دعم جوي. بالنتيجة يجب أن تکون للقوة الجوية الأمريکية حضور أکثر لکي تحمي المنطقة. الرصد جوا يمکن يتم بالطائرات بلا طيار أو المراقبة الجوية للطائرات المقاتلة أو الأقمار الصناعية.
وفي حال تشکيل هذه المناطق فان الدعم الجوي لها سيتم من قاعدة اينجرليک في مدينة آدانا الواقعة علی بعد 100 کيلومتر من الحدود السورية. وفي هذه القاعدة الأمريکية هناک عدة أساطيل جوية حربية.
رابعا: يجب أن تکون حماية المنطقة برية. لسبب بسيط. من يضمن حماية السکان من العمليات وتوغل عناصر مخابرات نظام الأسد وقوات الحرس الايراني ؟ لذلک هناک حاجة الی تواجد عسکري بري لحماية الناس الذين يلجأون الی المنطقة.
اضافة الی المقومات الأساسية الأربعة لتشکيل منطقة آمنة هناک أسئلة أخری يجب حسمها:
-من الذي يتولی ادارة المنطقة؟ هل الأمم المتحدة أو احدی لجان الأمم المتحدة أو المفوضية العليا لشؤون اللاجئين؟
-من الذي ينفق تکاليفها؟ هناک الحديث عن مدينة کاملة مجهزة بالمدارس والمستلزمات الکاملة.
بالنتيجة يجب الانتظار لنری ما هي الخطة التي سيتم تقديمها. ولکن نفس المشروع هو ينم عن الأجواء الجديدة والتطورات الجديدة. يجب الاذعان بأن أبعاد الکارثة والأزمة الانسانية بلغت حدا لا يمکن تجاهلها. يکفي الاشارة الی الأرقام والاحصائيات المسجلة لتعطي صورة عن حجم أزمة اللاجئين السوريين وضرورة تشکيل منطقة الأمن:
-حسب تقرير الحکومة السورية المؤقتة في ديسمبر 2016 تشرد 5 ملايين من المواطنين السوريين.
-الأرقام المسجلة من قبل الحکومة الترکية في 30 ديسمبر الماضي تشير الی مليونين و407 ألف حيث تم توزيعهم علی 25 مخيما . ويسکن 276 ألف شخص في المخيمات ومليونان و 131 ألف خارج المخيمات.
-وهناک مليون و70 ألف مشرد في لبنان 100 ألف منهم داخل المخيمات وأکثر من 970 ألف خارج المخيمات. (خارج المخيم في لبنان).
-وفي الاردن هناک 633 ألف و 466 لاجئ حيث يسکن 120 ألف منهم في المخيمات و 509 آلاف منهم خارج المخيمات.
-500 ألف لاجئ في مصر حيث يسکن 104 آلاف في القاهرة وهناک بعض الاحصائيات الأخری في مصر تأتي نقيضة لذلک. ولکن هذه الاحصائية أعطتها الحکومة السورية المؤقتة في ديسمبر 2016.
-وأما في العراق فهناک 244 ألف و 527 لاجئ حيث 94 ألف منهم داخل المخيمات و150 ألف منهم خارج المخيمات.
وحسب الاحصائيات المسجلة للمفوضية العليا للاجئين هناک 438 ألف و 540 لاجئ يتواجدون في الدول الاوروبية.

زر الذهاب إلى الأعلى