أخبار إيرانمقالات

منظمة مجاهدي خلق علی حقيقتها

 

4/2/2017

 

بقلم:صافي الياسري

 

من المؤسف أن هناک بعض الأقلام العربية انجرفت مع سياقات غير صحيحة ومحرفة بشأن الوقائع التاريخية والسياسية في إيران فيما يتعلق بهوية المشروع الوطني الإيراني ودور منظمة مجاهدي خلق فيه وتقاطعاتها مع ولاية الفقيه الخمينية، وما تعرضت له هذه المنظمة من ضروب تشويه تاريخها والإساءة إلی رموزها وقادتها علی يد الأقلام الصفر الإيرانية مدفوعة الثمن. وهناک من ينجرف في تيار الکتابةهذه بطريقة خلط الأوراق أو نشر بعض الحقائق وبجانبها الکثير من المغالطات والتشويش، وهذا ما يخدم نظام الملالي وفق سياسته القائلة اشتمني 80 بالمائة واشتم المعارضة 20 بالمائة فأکون المستفيد.
وممن انجرف وحاول تشويه حقائق عن مسارات منظمة مجاهدي خلق مقال نشرته إحدی الکاتبات مؤخرًا في صحيفة “الوئام” الإلکترونية السعودية، فهو يکتب عن تاريخ أحد مؤسسيها الفاعلين– السيد مسعود رجوي – قائلاً إنه صعد بسرعة الصاروخ ليکون من قيادييها ويسيطر عليها، مغفلاً ذکر المؤهلات التي امتلکها هذا المناضل الکبير ليکون في صفوف القيادة ورسالة الاعتماد والتکليف التي وجهها القادة المؤسسون إلی السيد رجوي!! حيث وجّه الشهيد أحد مؤسسي منظمة مجاهدي خلق سعيد محسن قبيل إعدامه رسالة من خلال أحد قادة المجاهدين جاء فيها:
((سلام منا علی مسعود وقل له إن المسؤولية التي ألقيت من الآن فصاعدًا علی عاتقک ثقيلة جدًا، لأنک الشخص الوحيد الذي بقي علی قيد الحياة من بين أعضاء اللجنة المرکزية. إن جميع تجارب المنظمة تتمحور وتتجسد في وجودک کأمانة أودعت في هذه المرحلة إليک. ستعصف عليک زوابع کثيرة من الأحداث وستحدق بک الکثير من الفتن. سوف توجه إلينا جميع حالات التمجيد والثناء لأننا سنستشهد وسنلتحق برکب الشهداء ولکن جميع التهم ستوجه إليک لأني أعرف أنک ستواصل درب النضال وسوف تخوض مراحل ومراتب أعلی وأسمی من مراتبنا، لأنک ستستشهد کل يوم وکل ساعة. نعم ستصبح شهيدًا حيًا يرزق)).
وبعد إعدام مؤسسي المنظمة ومعرفة الشعب الإيراني بوجود هذه المنظمة التقدمية ارتفعت إلی حد بعيد شعبيتها، الأمر الذي دفع الملالي من أمثال منتظري ورفسنجاني وخامنئي وغيرهم إلی بذل کل جهودهم للتقرّب منها، ومارسوا ضغوطًا علی الخميني من أجل تأييدهم، وقد وصل الأمر إلی حد قيام منتظري -وقتها- بتشبيههم في رسالة خاصة وجّهها إلی خميني بأصحاب الکهف قائلاً: «إنهم فتية آمنوا بربّهم فزدناهم هدی».
والسيد رجوي قضی سنتين في السجن في تبيان حقيقة أيديولوجية المنظمة عقب الانقلاب الذي نفّذه ضدها بعض أدعياء المارکسية الذين أرادوا نفي هويتها الإسلامية، ونجح في ذلک إلی حد بعيد، حيث أعاد تماسک المنظمة وزادها قوة.
لکن الخميني کان له توجهه الخاص لبناء نظام ولاية الفقيه علی الضد مما أراده الشعب الإيراني وطموحه في قيام کيان ديموقراطي تعددي يرعی حقوق الإنسان والحرية، الإرادة التي تمسک بها رجوي ورفض التصويت علی دستور ولاية الفقيه، الأمر الذي دفع بالخميني إلی إصدار فتوی بعدم قبول ترشيح من لم يصوت علی الدستور، وبذلک أخرج رجوي من حلبة التنافس في #الانتخابات الرئاسية.
وقد کتب يومها إريک رولو مراسل صحيفة اللوموند الفرنسية عدد 29 آذار 1980، قائلاً في تعليق له علی الموضوع: «وحسب التوقعات المختلفة فإنه لولا رفض الإمام الخميني ترشيحه في يناير الماضي، لکان السيد رجوي قد حصل علی ملايين الأصوات، فقد کان يحظی بتأييد الأقليات القومية والدينية، لأنه کان يدعم منحهم حقوقاً متساوية وحکماً ذاتياً. کذلک کان سيحظی بقسم کبير من أصوات النساء اللواتي کان يؤيد حريتهن، وکذلک أصوات الشباب الذين يرفضون تماماً رجال الدين الرجعيين. وقد کشف المجاهدون بالوثائق حالات الفوضی والضغوط والتزوير والعنف التي صاحبت الدورة الأولی من هذه#الانتخابات التي جرت تحت حراب جماعات مسلّحة من حزب الله، فقد جرح من أنصارهم  2500 شخص، وأصيب خمسون منهم بإصابات بالغة علی أيدي جماعات مسلحة من حزب الله، وشُنّت هذه الهجمات علی التجمعات الانتخابية العامة…».
لقد حاول الخميني جاهداً تحييد الحرکة إن لم يتمکن من جرّها إلی أحضان نظامه. وحتی بعد عودة الخميني إلی إيران کان ابنه أحمد علی اتصال بقيادة الحرکة علی الدوام سعياً منه وراء تحقيق ما يرمي إليه. وعلی طريق الوصول إلي مراده، ولما لم تمض إلّا بضعة أسابيع علی عودة والده، قال لرجوي أثناء لقاء جمعهما: «إذا قمت بتأييد الإمام وعارضتَ الذين يُعارضونه، فإن جميع الأبواب ستُفتَح أمامک، وستنال کل ما تريد».
وفي لقاء تم مطلع العام 1980 بين مسعود رجوي ورفسنجاني الذي کان وزيراً للداخلية، بُغية الاحتجاج علی عمليات تزوير #الانتخابات البرلمانية لغير صالح المجاهدين، ردّ عليه هذا الأخير قائلاً بالنص: «لو  کنتَ مستعداً لقبول ولاية الفقيه للإمام لکانت قد فُتحَت أمامک کل أبواب الحکومة، وکنّا في غنی عن البحث وراء منصب وزير أو وکيل وزارة».
وخلال آخر لقاء تم بين قادة مجاهدي خلق والخميني في مدينة قم (أول أيار 1979)، أکّد الخميني ضرورة المشارکة في التصدّي للمارکسيين والشيوعيين والملحدين. ولم يکن من رجوي إلّا أن ردّ عليه بوحي من کلام الإمام علي بن أبي طالب في نهج البلاغة، مشدّداً علی ضرورة التمسّک بمبدأ الحرية في التعامل مع أبناء الشعب.
** وضع اسم المنظمة في لائحة الإرهاب الأمريکية.
المنظمة في هذا المسار وعموم مساراتها النضالية ثبتت مبدأ وسياسة ((أن الغاية النبيلة وسيلتها نبيلة)) وفي ضوء إيمانها هذا تتوجب قراءة سلوکياتها بشکل عام.
کلنا نعلم کيف خاضت المنظمة صراعًا قانونيًا علی ذلک المسار في أمريکا وأوربا وکيف نجحت في إثبات بياض صفحتها ورفع صفة الإرهاب عنها. اعتقد أن کاتبة المقال تعرف هذه الحقائق لذا لا معنی لما کتبته بقولها: (بعد تسريبات عن التعاون مع الغرب وشراء الولاءات والبذخ في شراء الذمم والتعاون الاستخباراتي معهم مما أدی لنجاحهم في مسعاهم القانوني))
وتستمر الکاتبة في هذا المسار وتقول: واستمرت المنظمة في نشاطها الإعلامي الواسع وفي شراء الولاءات في مختلف دول العالم بما فيها العربية من مسؤولين حکوميين وبرلمانيين ومسؤولين سابقين وشخصيات متنفذة بما فيها شخصيات دينية شيعية وسنية عربية!
لکن الحقيقة هي أن النجاح الباهر لحراک المنظمة الإعلامي والسياسي في الأوساط العالمية والعربية بشکل کان سببه ما کشفته المنظمة من حقائق عن هويتها وعن برنامجها السياسي المناهض لعدوانية نظام الملالي خاصة لجميع الدول العربية والإسلامية.
کما أن المشاريع المعلنة وبخاصة مشروع النقاط العشر الذي وضعته السيدة مريم رجوي والذي تضمن إقرار احترام حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة واحترام حقوق الأقليات العرقية والدينية ورفض التطرف والإرهاب والقمع والإعدامات وسياسة التمييز الجنسي أو الطبقي أو العرقي واحترام حقوق المرأة وانتهاج سياسة تثبيت السلام المجتمعي والعالمي، واحترام سياسة المصالح المتبادلة مع عموم بلدان العالم،… هو ما دفع بلدان وساسة وأحرار العالم للانخراط في صف داعمي ومؤيدي المنظمة.
کما أن المنظمة کسبت الساحة العربية بمواقفها المضادة للتدخلات الإيرانية وحروبها العدوانية وبخاصة في سوريا والعراق واليمن ولبنان وهو ما دفع العديد من الساسة والبرلمانيين العرب إلی دعم المنظمة بل وصل بهم الأمر إلی رفع شعار المنظمة بإسقاط النظام،رکما ردد الأمير ترکي الفيصل علنًا عند حضوره مؤتمر المنظمة بباريس في 9 يوليو – تموز – 2016 کذلک حضر العشرات من البرلمانيين العرب وأبدوا دعمهم لبرامج المنظمة السياسية وأدانوا عدوانية نظام الملالي.
أما حديث الکاتبة عن کثرة المنشقين عنها، فهو کلام لا صحة له، بل شهدنا أوسع التحرکات في أوساط عموم شرائح المجتمع الإيراني کالطلبة والشباب والنساء، والعمال والفلاحين والموظفين والأساتذة، بل وحتی السجناء من أنصار المنظمة ازدادوا تمسکًا بها وقد قرأت شخصيًا العديد من الرسائل التي سربوها من داخل سجونهم بهذا الخصوص إلی قيادة المنظمة. کما صمد أعضاؤها في مخيمي أشرف وليبرتي سنوات طوال استهدفهم فيها عملاء الملالي وأوقعوا عشرات الشهداء والمعاقين حتی تمکنت المنظمة في حزيران الماضي من انقاذ أعضائها ونقلهم بأمان خارج #العراق الأمر الذي سجل صدمة  لملالي إيران الذين کانوا يمنون أنفسهم بتصفيتهم.
وحديث الکاتبة عن وقوع المنظمة في الإحراج بعد الاتفاق النووي بين الدول 5+1 ونظام الملالي لم يکن موفقًا قراءة تداعيات هذا الاتفاق. فقد کانت انعکاساته في الداخل الإيراني تؤيد ما ذهبت إليه المنظمة في أنه لم ينه أزمات الملالي بل علی العکس زاد من حدتها حين أضاف إليها اشتداد الصراع بين عقارب النظام علی نتائج الاتفاق وبخاصة حين ابقت أمريکا علی العقوبات علی الملالي وتفکير الکونغرس الأمريکي بزيادتها علی خلفية ملف الصواريخ البالستية وتزويد الحوثيين وغيرهم بالسلاح خرقًا لقرارات مجلس الأمن.
نقطة اخيرة.
«يمکن أن تخدع کل الناس بعض الوقت، وبعض الناس کل الوقت، لکنک لن تستطيع خداع کل الناس کل الوقت» إبراهام لينکولن

زر الذهاب إلى الأعلى