العالم العربيمقالات

حزب الله.. شيعة لبنان أم إيران؟

 

 

 
الحياة اللندنية
25/4/2017

بقلم: حازم صاغية

 

منذ نشأته أوائل الثمانينات، کانت لـ «حزب الله» وظيفتان: تمکين الطائفة الشيعيّة وخدمة النفوذ الإيرانيّ، واستطراداً السوريّ. الوظيفتان ليستا متجانستين. إنّهما بالأحری متضاربتان. وإذا صحّ أنّ حرباً مع إسرائيل تلوح في الأفق، ولهذا يستطلعها مسبقاً «الإعلاميّون»، جاز القول بأنّ التضارب بين الوظيفتين يبلغ الآن أقصاه: إحداهما لا بدّ أن تفجّر الأخری: إمّا أن ينفصل الحزب عن الطائفة ليغدو مجرّد عصا إيرانيّة في تطويعها، وإمّا، وهذا هو الاحتمال المستبعد، أن ينفصل عن إيران ويعاود الالتحام بأهله وتغليب مصالحهم.

تبدأ المشکلة في التمکين. تمکين «حزب الله» للشيعة ليس من النوع الذي تُحدثه «أمل» بطريقتها: قضم للمواقع في الإدارة والمؤسّسات. إنّه تمکين سلاحيّ يقوم علی افتراض الحرب الدائمة. وککلّ تمکين يقتصر علی القوّة المحضة، يمکن في أيّة لحظة أن ينقلب إلی تدمير للطائفة التي يراد تمکينها. والمطالبة بالتضحية لا يمکن أن تمضي هکذا، وإلی قيام الساعة، من دون أيّ مقابل.

لهذا يجوز الافتراض بأنّه لو تُرک الأمر لـ «حزب الله» بتنا أمام سلاح يُلوّح به ولا يُستعمل. التلويح به قد يوحي بتمکين الأهل، بمعنی توازن القوّة. أمّا استعماله فيهدّد بتبديدهم. الدور الإيرانيّ المقرِّر هو الذي يدفع في الاتّجاه الآخر. الشيعة اللبنانيّون، في النهاية، ليسوا أهل الإيرانيّين، والإيرانيّون ليسوا أهلهم. إنّهم غير معنيّين بهم في ما يتعدّی استخدامهم أدوات في توسيع نفوذ طهران. للغرض هذا دفعوا «حزب الله»، ويدفعونه، کي يکون حزب مقاومة دائمة، مرّة علی الحدود الجنوبيّة للبنان، ومرّة في سوريّة.

إذا صحّ اليوم أنّنا عشية حرب کبری غرضها حماية النفوذ الإيرانيّ المستجدّ في سوريّة، صحّ أنّ کارثة محقّقة ستنزل علی لبنان، وعلی شيعته وجنوبيّيه خصوصاً.

لنستعرض بعض العناصر التي طرأت منذ 2006 والتي تدلّ کلّها علی أنّ الشروط الحربيّة ضعيفة جدّاً. يصحّ هذا في القدرة العسکريّة کما في سياسات الحرب واقتصادها: نوايا التدمير الثأريّ الإسرائيليّ أکبر بلا قياس. الاستعدادات الوحشيّة لم تکتمها التصريحات والمقالات التي تهبّ علينا بإيقاع متعاظم من تلّ أبيب. أموال البناء والتعمير التي توافرت في 2006 هي اليوم أقلّ بلا قياس في يد طهران کما في يد الدولة اللبنانيّة. النظام الدفاعيّ الأميرکيّ – الإسرائيليّ المعروف بـ «القبّة الحديد» عطّل فعاليّة الصواريخ التي يتباهی بها «حزب الله».

الأخير استُنزف بشريّاً وقتاليّاً في حربه منذ ثلاث سنوات علی الشعب السوريّ. العلاقات الطائفيّة، لا سيّما السنّيّة – الشيعيّة، أسوأ من أيّ وقت سابق، وهي لن توفّر أيّ حاضن، کالذي وفّرته في 2006، لضحايا عمليّة عسکريّة إسرائيليّة. تحويل الأموال ونقلها أصبحا، مع إدارة ترامب، أصعب من أيّ وقت سابق. العلاقات الأميرکيّة – الإيرانيّة لم تبلغ، منذ خطف رهائن السفارة الأميرکيّة في طهران عام 1979، مستوی التردّي الذي تبلغه الآن.

تعبير «أشرف الناس» لن يکفي لإطعام الأفواه وبناء البيوت المهدّمة. إنّه يغدو، والحال هذه، رشوة لا ترشو أحداً. وبالمعنی نفسه فإنّ اعتذاريّة «لو کنت أعلم لما فعلت» لن تعذر صاحبها هذه المرّة. أخبار الحرب باتت في کلّ مکان. الکلّ علی بيّنة من شروطها واحتمالاتها. الکلّ بات يعلم.

 

زر الذهاب إلى الأعلى