أخبار إيرانمقالات

تورط سفينة النظام في الوحل والخوف من الشباب

 

جاء جانب أکبر من تصريحات خامنئي الموجهة إلی مجموعة من عناصر النظام الذين ذهبوا إليه تحت عنوان المعلم والتربوي يوم الإثنين 2 أيار حول إبداء القلق من الظروف الثقافية وواقع حال الشباب الفکري وما يواجهه النظام في هذا المجال من تهديدات.
وأکد خامنئي في هذا المضمار أن ”لنظام السلطة الدولي” أجندات ومخططات ”ضد جيل المستقبل” و”إنه يريد أن تتم تربية جيل في الدول يحمل أفکاره وثقافته” فيما أبدی استياءه من هيئة الإذاعة والتلفزيون المؤتمرة بإمرته ”أنها لم تنشط کما يجب عليها” ولا تبث برامج مناسبة للشباب وکذلک أعرب عن سخطه تجاه وزارة الإتصالات المسؤولة عن التحکم علی فضاء الإنترنت أنه ”لماذا لا نتوخی الحذر؟ لماذا نترک هذا الفضاء غير قابل للضبط وغير المنضبط وشأنه؟!”.
فالسؤال المطروح أنه ما الذي حصل حيث يساور الخوف خامنئي هکذا؟ هل إنه قلق في الواقع من توغل الثقافة الغربية؟
يجب الرد علی السؤال في ضوء الواقع الجذري في البلاد حيث بلغ السيل الزبی وما ينعکس في صحف النظام وحتی في الإذاعة والتلفزيون الحکوميتين من أرقام وإحصاءات معلنة عن الوضع الإقتصادي والإجتماعي بدءا من وجود 15 مليون عاطل عن العمل وانهيار أکثر من 80 من المجتمع إلی تحت خط الفقر، مرورا بفساد ونهب مليارين لمسؤولي النظام ما أصبح وردا يتلوه خطباء خامنئي في صلوات الجمعة وإلی الرکود العميق الذي أرغم الولي الفقيه نفسه علی أن يعترف خلال کلمته في اليوم الأول من السنة أن ”نحو 60 من الإنتاج معطل”، فکله ينم عن أن التحديات المکدسة للشارع الإيراني خلال نصف العقد الأخير بلغت حد انفجار وشيک حيث تلوح هزة سياسية اجتماعية هدامة في الأفق.
وفي هکذا ظروف، تولی روحاني الحکم متبجحا بأنه يملک مفتاح جميع الأقفال والأزمات من الإشتغال والبيئة حتی الماء الصالح للشرب للمواطنين وإنه يتمثل في الإتفاق النووي … غير أنه بعد مرور سنتين ونصف السنة علی مجيئه علی السلطة وبعد مضي 4 أشهر علی تنفيذ الإتفاق النووي افتضحت مکيدة هذا الشيخ الماکر واتضح أن الإتفاق يُميت ولا يحيي! حيث يذعن أعضاء حکومة روحاني ذاته أيضا بأن نتيجة الإتفاق ”تکاد تکون صفرا” وإنما ازدادت الأوضاع سوءا في جميع النواحي وفي الواقع قد تورطت سفينة النظام في الوحل في کل الأصعدة.
ويذهب الشباب أول ضحايا لهذه الظروف فعلی سبيل التمثيل ولا الحصر، نسبة البطالة بين الشباب تضاعف البطالة العامة ضعفين فعلی هذا، يُعد الشباب بإعتبارهم أشد شرائح المجمتع الإيراني نشاطا وعصيانا، علی عتبة الإشتعال والإنفجار فليس من غير المتوقع أن خامنئي وسائر رموز النظام يبدون خوفهم من الشباب ويصعدون دوما إجراءاتهم القمعية رغم فقدان فاعليتها.
لکن دجل خامنئي يکمن في أن تظهر هذه الوضعية نتيجة للعنصر الخارجي، الإستکبار والغرب وآميرکا وتحريض وتوغلهم، علی غرار کل ديکتاتور يوشک علی السقوط بينما الشباب الإيرانيون متعطشون للتغيير ويبحثون عن حل ثوري يتبلور في مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية ما لا يحتمل النظام وفق إعترافه نفسه مثقال ذرة منها إذ يعتبرها مصدر إلهام ودافع للشعب خاصة الشباب.
غير أن السؤال المطروح هو أنه إذا کان الخوف قاسما مشترکا بين کلتا الزمرتين في النظام، فلماذا دافع حسن روحاني خلال کلمته أمس الثلاثاء في مراسيم معرض الکتاب عن حرية الفکر وحرية التعبير وفي إشارة إلی تصريحات خامنئي قبل يوم والذي تشدق بدجل بضرورة ”تحمل المعارض” رد بشطارة وتعريض أن: ”لا يعتقلون المنتقد ولا يسجنونه!”.
الواضح أنه في مسابقة الجدل والخداع هذه، يريد روحاني أيضا أن يحمل خامنئي مسؤولية الکبت والقمع لتبرئة نفسه الذي يتورط في جميع الإجراءات القمعية وجرائم النظام.
من الواضح أن کلتا الزمرتين تتفق علی التهديد الرئيس والجدي للنظام أي مجاهدي خلق والمقاومة ايرانية رغم اختلافهما في أسلوب المواجهة حيث يری خامنئي الحل في اللجوء إلی الثقافة الرجعية والايديولوجية البالية والمنحطة للملالي بکل مظاهرها بينما تعد زمرة رفسنجاني روحاني هذه الأساليب فاشلة وتسعی لإشغال وحرف جيل الشباب بمظاهر وجذبات غربية بيد أن عصابة خامنئي تؤکد أنه بکل شرخ وثقب  تحدث في جدار الکبت فهذا هو الايديولوجية والثقافية الثورية التي تجد فسحة للتقدم والتنمية إذ إنها تمثل ردا ملموسا وحقيقيا علی تحديات المجتمع الإيراني منبثقة عن الثقافة والتاريخ الإيراني.
إن استعراضا خاطفا لحساسية النظام الجنونية أينما يری أثرا وإسما من مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية، يحوّل کل ترديد إلی اليقين بأن النظام الإيراني خلال 37 سنة من تحديات مستمرة ومتشابکة، شخّص جيدا خصمه الوحيد المتمثل في مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية وعرّفهم بحد أحمر لا يمکن تجاوزه وکما رأينا خلال إلغاء زيارة روحاني إلی النمسا يحرص علی إفهام الأطراف الخارجية أياه لکنه من دون شک، کل جهود النظام مدان بالفشل بسبب تعارضها مع حرکة التأريخ ومسار التطور.

زر الذهاب إلى الأعلى