العالم العربي

تقرير نيويورک تايمز: حزب الله مرتزقة إيران.. التاريخ الأسود

 
نقلا عن نيويورک تايمز
4/11/2017
 
أجرت صحيفة “نيويورک تايمز” الأمريکية لعدة شهور لقاءات مع مسؤولين ومقاتلين وقادة عسکريين ومحللين من عدة دول، ومع أعضاء من جماعة حزب الله؛ لإلقاء الضوء علی دورها في الشرق الأوسط، واعتماد قادة إيران عليهم لتحقيق أهدافها.
تقول “نيويورک تايمز”، إن حزب الله ليس مجرد قوة في حد ذاته، لکنه واحد من أهم أدوات الحملة الرامية إلی التفوق الإقليمي من قبل راعيه الإيراني؛ فحزب الله متورط تقريبا في کل قتال يمثل أهمية لإيران، والأهم من ذلک أنه ساعد في تجنيد وتدريب وتسليح مجموعة من الجماعات المسلحة الجديدة التي تحقق الأجندة الإيرانية.
إيران وحزب الله يکملان بعضهما البعض؛ فکلاهما قوی طائفية في جزء من العالم ذي الأغلبية السنية بالنسبة لإيران، حزب الله لا يمدها بالقوی العسکرية فقط، بل أيضا القادة الذين يتحدثون العربية وعملاء يمکنهم العمل بسهولة في العالم العربي.
أما بالنسبة للجماعة، التحالف يعني المال اللازم لتشغيل شبکة واسعة من الخدمات الاجتماعية في لبنان، من خلال بناء المدارس والمستشفيات وفرق الکشافة، بالإضافة إلی الأسلحة والتکنولوجيا ومرتبات عشرات الآلاف من مقاتليها.
الشبکة التي ساعد حزب الله في بنائها غيرت الصراعات في جميع أنحاء المنطقة.
في سوريا، أدت المليشيات دورا رئيسيا في دعم بشار الأسد، الحليف الإيراني الهام، وفي العراق يقاتلون تنظيم داعش ويعززون المصالح الإيرانية، أما في اليمن فاستولوا علی العاصمة، وفي لبنان يبثون الأخبار المؤيدة لإيران. 

يقول حمزة محمد، أحد أفراد المليشيات العراقية تلقی تدريبه علی يد حزب الله وحارب في حلب: “علی خطوط الجبهة هناک الکثير من الجنسيات، حزب الله کان هناک، وأفغانيون، وباکستانيون، وعراقيون، الجميع کان هناک بمشارکة إيرانية لقيادة المعرکة”.
وتشير “نيويورک تايمز” إلی أن جذور تلک الشبکة تعود إلی الغزو الأمريکي للعراق عام 2003، عندما طلبت إيران من حزب الله المساعدة في تنظيم المليشيات الشيعية العراقية، التي قتلت في السنوات المقبلة المئات من القوات الأمريکية والکثير من العراقيين.
الحروب الأخيرة سمحت لإيران بإحياء وتوسيع نطاق الشبکة، وبعض الجماعات التي دربها حزب الله في العراق الآن ترد المعروف عبر إرسال مقاتلين إلی سوريا.
تقول “نيويورک تايمز” إن حزب الله وحلفاءه أکثر من مجرد حليف سياسي؛ حيث إن لهم علاقات أيدلوجية عميقة بإيران.
خلال لقاء يعترف نعيم قاسم، نائب أمين عام حزب الله، في فخر بجهود منظمته في تمرير تجربتهم العسکرية الثرية إلی قوات أخری موالية لإيران.
ويقول قاسم: “کل جماعة في أي مکان في العالم تعمل مثلما نعمل بأفکارنا، هي انتصار للحزب. هذا طبيعي، جميع من هم في توافق معنا في أي مکان في العالم، هذا انتصار لنا؛ لأنها جزء من محاورنا، ومکسب لکل من هم ضمن محاورنا”.
حرب بلا حدود
تقول صحيفة “نيويورک تايمز” الأمريکية، إن حزب الله أصبح نشطا في کثير من الأماکن ضد کثير من أعدائه، وسخر منتقدوه منه بقولهم إنه أصبح مثل شرکات المرتزقة الأمريکية سيئة السمعة.
في أحد المقابر ذات النطاق الواسع في مدينة النجف العراقية، يشير حسين علاوي، أحد مقاتلي المليشيات، إلی شواهد قبور الرفاق الذين قتلوا في الخارج، بعض المقابر تزينت بزهور بلاستيکية وصور الموتی، ويقول: “هذا من سوريا، وهذا من سوريا، لدينا الکثير من سوريا”.
الکثيرون بدأوا عملهم مثله، فبعد انضمامه لإحدی المليشيات، تلقی تدريبا عسکريا في العراق، وأکثر مدربيه خبرة کانوا من حزب الله.
تشير “نيويورک تايمز” إلی أنه في العراق، نشرت إيران مليشيات تم تشکيلها في الأصل لمحاربة القوات الأمريکية لمحاربة تنظيم داعش، کما جندت لاجئين أفغان للقتال من أجل إحدی المليشيات تسمی “لواء فاطميون”، کما نظمت جسرا جويا کبيرا من المقاتلين للقتال من أجل بشار الأسد في سوريا، ووفر الحرس الثوري الإيراني البنيات الأساسية، في حين رکز قادة عسکريون من إيران وحزب الله علی التدريب واللوجيستيات.
وصف رجال المليشيات الذين أجريت معهم لقاءات في العراق کيف سجلوا في مکاتب التجنيد للمليشيات المدعومة من إيران لقتال تنظيم داعش، بعضهم تدرب في العراق، في حين ذهب آخرون إلی إيران من أجل تدريبات استمرت 15 يوما قبل التوجه إلی سوريا للقتال، وتلقی المقاتلون الأکثر خبرة دورات متقدمة مع قادة من إيران وحزب الله في إيران أو لبنان.
بالنسبة لعلي حسين، طالب ثانوي عراقي متسرب من التعليم، بدأت المعرکة بعد اقتحام تنظيم داعش لشمال العراق في 2014، وتوجه إلی مکتب تجنيد إحدی المليشيات التي تدعمها إيران للانضمام إلی القتال ضد الإرهابيين، لکن في البداية قيل له إن عليه القتال في سوريا ضد المتمردين، وتم نقله إلی إيران مع مقاتلين آخرين ثم نقلوا جوا إلی سوريا حيث تلقوا تدريبات عسکرية، بالإضافة إلی محاضرات عن الحرب المقدسة. بعد شهر علی خطوط المواجهة عاد إلی العراق ومعه ألف دولار وحماس أيديولوجي جديد.
يقول فيليب سميث، الباحث بجامعة مريلاند ويدرس الجماعات المسلحة إن أکثر من 10 آلاف مقاتل عراقي کانوا في سوريا خلال معرکة حلب العام الماضي، بالإضافة إلی الآلاف من دول أخری.
ويقول مقاتلون إن ضباطا من إيران نسقوا أمر القوات البرية مع قوات النظام والقوات الجوية السورية، في حين قدم حزب الله قادة ميدانيين يتحدثون اللغة العربية.
ودافع قادة المليشيات العراقية عن دورهم في سوريا بقولهم إنهم ذهبوا لحماية الأماکن المقدسة وقتال الإرهابيين بناء علی طلب حکومة النظام.
أما في اليمن، فتقول “نيويورک تايمز”، إن إيران وحزب الله تبنوا قضية المتمردين الحوثين، الذين اقتحموا العاصمة صنعاء عام 2014؛ حيث قدموا لهم الدعم العسکري واللوجستي.
ويقول علي الأحمدي، رئيس جهاز الأمن اليمني السابق، إن المقاتلين الحوثيين بدأوا تلقي التدريبات العسکرية في لبنان في وقت مبکر من عام 2010، وإن اثنين من عملاء حزب الله اعتقلوا في اليمن عام 2012 وعادوا إلی لبنان عبر عمان.
ويضيف “أرسلناهم مع رسالة شفهية إلی زعمائهم تقول: توقفوا عن التدخل في اليمن”.
الموارد والقاعدة الأم
بالنسبة للتمويل، اعترف قادة حزب الله أن معظم ميزانيته تأتي نقدا من إيران، لکن يقول المقيمون ضمن تجمعات حزب الله إنهم يشعرون بمشکلة عدم وجود مال کافٍ مع نقص أموال الاقتصاد؛ حيث يقوم الحزب بتخفيض الإنفاق.
أما عن قاعدته الرئيسية، فمن بيروت يدير حزب الله عملياته السياسية والاجتماعية والعسکرية التي تعطيه القوة في موطنه وتزيد من نفوذه في الخارج. وتشير “نيويورک تايمز” إلی أن حزب الله لا يسيطر علی الدولة بقدر ما يحافظ علی السلطة التي يحتاجها لمنع أي جهد يقوض قوته، وفقا لدبلوماسيين ومسؤولين لبنانيين.
وتقول “نيويورک تايمز” إن مرکز عمليات حزب الله هو الضواحي الجنوبية من بيروت، التي تعتبر المرکز الرئيسي للحزب ومنطقة دبلوماسية افتراضية للحلفاء الإقليميين، وفي الداخل يدير بيروقراطيو حزب الله نظام مدرسي خاص وشبکة خدمات اجتماعية، ويحافظ ممثلو المليشيات الطائفية والحوثيون اليمنيون علی التواجد، فضلا عن وجود مجموعة من المحطات التلفزيونية الفضائية التي يديرها حزب الله وحلفاؤه لنشر الأخبار المؤيدة لإيران بالمنطقة.
زر الذهاب إلى الأعلى