العالم العربيمقالات

أخيراً… انتفاضة يمنية ضد الحوثيين


 نقلاً عن “الشرق الأوسط”
4/12/2017

بقلم:سلمان الدوسري

 

أخيراً فعلها اليمنيون وبدأوا انتفاضتهم شعبياً ضد ميليشيا الحوثي في صنعاء، العاصمة التي استولی عليها الحوثيون في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، بعد أن وضعوا الرئيس تحت إقامة جبرية، وسجنوا الوزراء، وانقلبوا علی مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية، وعطلوا کتابة الدستور، وطوال نحو ثلاث سنوات حکمت الأقلية الحوثية الأکثرية اليمنية، فکانت کارثة استراتيجية طال صبر اليمنيين عليها، ولم يعد باستطاعتهم الانتظار أکثر، خصوصاً بعد أن تمکن التحالف العربي بقيادة السعودية من السيطرة علی 80 في المائة من الأراضي اليمنية، بينما بقيت صنعاء يتحصن فيها الحوثي بدعم إيراني مباشر، إلا أن الوضع أصبح لا يطاق باعتراف «المؤتمر الشعبي العام» الذي اتهم حليفه السابق الحوثي بممارسات إجرامية، ومنها قطع مرتبات الموظفين لمدة تزيد علی سنة کاملة، والتسبب في ارتفاع الأسعار بشکل جنوني، واختفاء السلع الضرورية، «بالإضافة إلی ابتزاز التجار وأصحاب رؤوس الأموال، وتجار الوسط والتجزئة والباعة المتجولين، واختلاس مبالغ کبيرة منهم وبشکل مستمر تحت مبررات ومسميات وذرائع، إلی جانب قيامهم بالتصرف في الموارد العامة للدولة وإفقار الحزبية العامة، وعرقلة وصول مساعدات الإغاثة الإنسانية»، کل ذلک لا يستطيع مواطنو أي دولة الصبر عليه أياماً معدودة، فکيف بثلاث سنوات کانت بالغة القسوة علی أهالي صنعاء تحت الحکم الحوثي.
تأخر اليمنيون، وتحديداً القبائل الکبری منهم، في القيام بدورهم لإنهاء السيطرة الحوثية علی اليمن، سمح لهم بتأصيل مبدأ القلة التي تحکم الکثرة، وإن کان مؤقتاً، انتظرت صنعاء طويلاً حتی تحرک أهلها فبان الذعر علی الحوثي سريعاً، وربما من المبکر القول إن هذه الانتفاضة نجحت في التخلص من ميليشيا الحوثي تماماً، غير أنها ربما المرة الأولی منذ سبتمبر 2014 الذي نشهد فيه هذا الخلاف الحاد والمسلح بين أنصار «المؤتمر الشعبي العام» والحوثيين، بعد انحياز القوی اليمنية الواقعة بين الجانبين إلی فکرة طرد الحوثي أولاً، للتخلص من کابوس إيراني يهيمن علی بلادهم، وبعد ذلک ربما يکون المخرج أقل صعوبة في إيجاد حل للعملية السياسية التي تکون بإشراف الأمم المتحدة، وبمشارکة جميع الأطراف اليمنية وفق المرجعيات الثلاث المعروفة، وحل الميليشيات المسلحة وعودة اليمن دولة عربية مستقلة القرار بعيداً عن الأجندات الإيرانية، صحيح أن قيادات «المؤتمر الشعبي العام» کانت حليفة رئيسية للحوثيين وساعدتهم في انقلابهم ضد الشرعية، إلا أن الأمر الإيجابي أن «المؤتمر الشعبي» علی الأقل ليس محکوماً بإيران، کما أنهم مستعدون للدخول بجدية في العملية السياسية، علی عکس الحوثيين الذين أفشلوا کل المفاوضات التي جرت بإشراف الأمم المتحدة.
يمکن القول هنا إن التحالف العربي عمل للقضاء علی الإرهاب في جميع المناطق اليمنية، مقابل سعي إيراني قوي علی تمدده، بل قامت بإثارة النعرات الطائفية والمناطقية، فيما اليمنيون ينتفضون ضد الحوثي في صنعاء، العاصمة العربية الرابعة التي تباهی بها النظام الإيراني بأنها سقطت تحت سيطرته. من يدري ربما تکون صنعاء العاصمة الأولی التي تنتفض ضد الهيمنة الإيرانية علی تلک العواصم العربية، بعد أن استخدمت طهران کل الوسائل غير المشروعة، وعززت خلالها جميع الأدوات الطائفية، فالمنطق يفرض نفسه في نهاية الأمر، فلا يمکن أن تستمر غلطة تاريخ کما ميليشيا الحوثي ويحکم اليمن طويلاً.

زر الذهاب إلى الأعلى