أخبار إيرانمقالات

مفترق «التعاون أو التحدي» وهزيمة مقدرة

 


خلال اليومين الأخيرين کان الملا حسن روحاني يقول من جهة انفراجة في الاتفاق النووي ومن جهة أخری کان التلفزيون الرسمي للنظام يقول ان هناک عقوبات جديدة علی الأبواب. أية حالة في هذا التناقض الکبير هي الحقيقة: المزاعم بالانفراجة اليومية الناجمة عن الاتفاق النووي أو الأخبار المتعلقة بالعقوبات الجديدة؟
ولکي نعرف الحقيقة، يجب أن نلقي نظرة الی التحولات والأخبار التي وردت خلال اليومين الأخيرين. خبر زيارة مساعد الخزانة الأمريکية الی فرنسا وألمانيا للتنسيق فيما يخص استمرار العقوبات علی النظام وتصريحات موغريني التي قالت بوضوح: «الاتفاق النووي… ليس بمعنی أن جميع الخلافات مع ايران قد انحلت بين ليلة وضحاها». ومن اللافت أن موقع خراسان الحکومي أبدی تأوهه بشأن أهمية تصريحات مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي وقال «تصريحات موغريني هي سياسة طويلة الأمد وليست تصريحات وقتية». کما نقل تلفزيون النظام عن السيناتور کورکر ان هناک مشروعا في طريقه للتصويت عليه يطالب المزيد من العقوبات علی النظام بسبب ارهابه والصواريخ وانتهاک حقوق الانسان. وبدورها کتبت وکالة الأنباء الطلابية الحکومية : «الحکومة ومن أجل انقاذ الاتفاق النووي من الهزيمة المطلقة لا تری خيارا سوی المزيد من التبعية للولايات المتحدة». وأما صحيفة آرمان الحکومية فقد کتبت يوم 8 يونيو: «عقد الآمال علی الانفراجة في الاتفاق النووي قد زال… واننا واجهنا ظروفا غير متوقعة». اذن من المعلوم أن أحد طرفي هذا التناقض أي الأخبار المتعلقة بالقيود المتزايدة واستمرار العقوبات هي حقيقية، وأن الطرف الثاني من التناقض أي انفراجة يومية ما هو الا مزاعم.
ولکن ادعاءات روحاني لها وجهان. وجه يخص الدعاية من باب «المکر حیلة من لا حیلة له» ولکن الوجه الثاني هو حاجته الملحة وحاجة رفسنجاني وزمرتهما لکي يسوقون خط الاتفاق النووي حتی النهاية والا سيطردون من الخدمة ويتم تهميشهم في النظام ويفقدون مصالحهم الکبيرة في السلطة والنهب. کلامهم هو: سبب هذا المأزق هو أنه علينا أن نمضي قدما في تجرع کأس السم النووي حتی النهاية. لا يمکن أن نترکه وسط الطريق. وهذا بمعنی علينا أن نتجرع کأس السم الصاروخي والاقليمي. وقال روحاني في اتصاله الهاتفي مع أمير قطر في 8 يونيو: «يجب معالجة قضايا المنطقة… عبر الحوار… الجمهورية الاسلامية الايرانية دوما کانت تريد خير ومصلحة دول المنطقة».
واذا أراد النظام تطبيع العلاقات مع دول المنطقة فعليه أن يخضع لمطالبهم. وما هي مطاليب دول المنطقة من النظام؟ وهو ما کرره وزير الخارجية السعودي مرات عدة: «علی النظام أن يکف عن تدخلاته. وهذا الکلام اليوم بمعنی الانسحاب من سوريا وتنفيذ ما يقال عنه بشفرة «برشام» (أي ورقة عمل الشاملة المشترکة) روحاني يؤکد أنه من الضروري أن يتم تنفيذه مع دول المنطقة حتی نستطيع أن نستفيد من الاتفاق النووي».
والآن السؤال المطروح في الأذهان هو بما يعود الأمر الی مزاعم روحاني لحفظ ماء وجهه فهذا مقبول ولکن عندما يقال ان مزاعمه لها جذور عميقة داخل النظام، السؤال المطروح هو کيف يمکن أن يکون لنظام واحد جذران متناقضان؟
الواقع أن هذه الاشکالية والشبهة هي واقعية عندما يکون هناک حکم ذات قطب واحد. بينما النظام وحسب الملا مقدم له «قطبان في الحکم» وهذان الحکمان ناجمان عن الصراع المستدام بين الزمرتين المتخاصمتين علی السلطة والنهب. وهذا ما يبرز في تصريحات الملالي والمصادر الحکومية بعبارات «ثنائية الفکر» في النظام و «وجود ارادتين في النظام» . اذن ترون أن أسس الحرب لها امتداد في الجذور. کما ان تصريحات خامنئي نفسه عندما يتحدث ”عن الفوالق الزلزالية أي مواطن التزلزل الفئوية أمر خطير للغاية وقد يتحول الی زلازل“ تشير الی هذا الواقع. بدليل وجود الفوالق في الأعماق. نعم اننا نری تعاملين متناقضين تماما في النظام مع صراع شرس حول مسک السلطة وکل تداعياته. 
لذلک مسألة حکمين أو الصراع علی السلطة داخل النظام أمر واقع. ولکن لا شک أن تقرير مصير نظام ولاية الفقيه لا يتم من الداخل وانما من خارج النظام. أي علی يد الشعب والمقاومة الايرانية. وهذا الواقع أي الصراع المستدام علی السلطة سيضعف النظام بشدة ويستنزفه وعندئذ سيتم محوه بضربة قاضية أي بتعبير خامنئي بزلزال. وهذا الوضع المزدوج قد جعل النظام والولي الفقيه علی مفترق طرق حيث تورط فيه خامنئي والآن وسائل الاعلام التابعة للنظام تتحدث عنه باستمرار. مفترق طرق عبر عنه خامنئي في بداية العام الايراني الجديد «بين الاستسلام أو الضغط» أو کما عبرت عنه مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الاوربي «ايران بامکانها أن تختار اما التعاون أو التحدي».

زر الذهاب إلى الأعلى