أخبار العالم

الحکم بالسجن المؤبد علی مبارک ونقله إلی مستشفی سجن طرة

براءة 6 من قيادات الشرطة ونجلي الرئيس السابق يشعل غضب القوی السياسية

 

 

الشرق الاوسط
3/6/2012

وسط أجواء من التوتر والترقب، أصدر القاضي أحمد رفعت حکما في «محاکمة القرن» أمس بإدانة الرئيس المصري السابق حسني مبارک بالسجن المؤبد 20 عاما بتهمة التحريض علی قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير 2011، ومعاقبة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي بنفس العقوبة علی نفس التهمة أيضا، وتبرئة نجليه وستة من قيادات الشرطة. وقابل مبارک وابناه والعادلي الحکم بالوجوم، وقيادات الشرطة بارتياح. وهذه هي المرة الأولی التي يصدر فيها حکم حضوري علی زعيم مخلوع في دول انتفاضات الربيع العربي التي بدأت مطلع العام الماضي.
وفي بداية جلسة أمس بدا مبارک داخل القفص بوجه جامد الملامح، ولم يبد أي تعبير حين تم النطق بالحکم عليه وکان يضع علی عينيه نظارة سوداء، وهو ممدد علی سرير طبي. وکان المشهد داخل القفص متناقضا، حيث استقبل کل من علاء وجمال مبارک الحکم بنظرات استنکار وذهول کبيرين. وکانا قد حرصا علی الوقوف في مقدمة القفص أمام سرير مبارک لإخفائه عن کاميرات وسائل الإعلام.
واستقبل العادلي الحکم أيضا بحالة وجوم وذهول، وحرص علی مغادرة القفص صامتا هو وجمال وعلاء مبارک دون تعقيب، في حين تبادل باقي المتهمين الحکم بالأحضان والفرح وتهنئة کل واحد منهم الآخر. وقضت المحکمة أيضا ببراءة مبارک في جناية الاشتراک مع موظف عمومي واستغلال النفوذ للحصول علی منفعة وهو ما يتعلق بقضية تصدير الغاز لإسرائيل. وقضت المحکمة ببراءة مساعدي وزير الداخلية الأسبق المتهمين في القضية بالاشتراک في قتل المتظاهرين والمساهمة في حالة الانفلات الأمني وهم علی الترتيب: أحمد رمزي رئيس قطاع الأمن المرکزي، وعدلي فايد مدير مصلحة الأمن العام، وحسن عبد الرحمن مدير جهاز أمن الدولة السابق، وإسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة السابق، وأسامة المراسي مدير أمن الجيزة، وعمر الفرماوي مدير أمن أکتوبر.
کما قضی رئيس المحکمة بانقضاء الدعوی الجنائية المقامة ضد کل من مبارک وحسين سالم رجل الأعمال الهارب ونجلا مبارک علاء وجمال بتهمة استغلال النفوذ والتربح. وصدر الحکم في وقت صعب سياسيا في مصر؛ حيث تشهد البلاد مرحلة انتقالية وانتخابات رئاسية سيجري حسمها بعد نحو أسبوعين بين مرشح لجماعة الإخوان التي کانت محظورة في عهد مبارک، ورئيس وزراء من النظام السابق. وعقب إعلان الأحکام التي بثتها التلفزة علی الهواء مباشرة، اندلعت احتجاجات في وسط القاهرة وفي عدة محافظات.
وقبل أن ينطق القاضي بالأحکام أثبت حضور جميع المتهمين في قفص الاتهام، باستثناء حسين سالم الهارب إلی إسبانيا. وعقب النطق بالحکم مباشرة، ثار طرفا القضية من محامي المتهمين ومحامي المدعين بالحق المدني. وبدا أن الحکم في القضية لاقی اعتراضات من طرفي الخصومة، حيث قابل المحامون المدعون بالحق المدني الحکم بهتاف «باطل باطل»، و«الشعب يريد تطهير القضاء»، في حين شهدت قاعة المحاکمة مشادات بين عدد من المدعين بالحق المدني والصحافيين من جانب، وبعض أفراد الشرطة ومحامي الدفاع من جانب آخر. وکان المشهد خارج قاعة المحاکمة متوترا منذ الصباح الباکر حيث احتشد مئات من أسر الضحايا وبعض النشطاء والألتراس (مشجعون لنواد کروية) أمام مقر أکاديمية الشرطة للمطالبة بالقصاص من المتهمين وتوقيع عقوبة الإعدام عليهم.
وعند سماع بداية الأحکام علی مبارک والعادلي انتابت أسر الضحايا الموجودين في الخارج الفرحة وأخذوا يطلقون الشماريخ تعبيرا عن فرحتهم ولکن سرعان ما انتابتهم الصدمة عند الاستماع لباقي الأحکام الصادرة ضد المتهمين الآخرين، وأخذوا يهتفون باستمرار الثورة والقصاص لضحايا الثورة. وکان المشهد أيضا مختلفا لدی أنصار مبارک حيث احتشد نحو مائتي شخص منهم رافعين صوره أمام الأکاديمية ومعهم الطبول والأبواق الخاصة بالموسيقی العسکرية لعزفها ولکن عند النطق بالحکم أخذوا يصرخون قائلين «ظلم ظلم ولن تهدأ مصر بعد الحکم». وتطورت حالة الغضب لدی أنصار مبارک بالاعتداء علی بعض المصورين وأفراد الشرطة بالحجارة، وعندما حاولت قوات الأمن إبعادهم عن محيط الأکاديمية منعا لوقوع مزيد من الاشتباکات قاموا بإطلاق بعض طلقات الخرطوش في الهواء إلی أن غادروا المکان. وفصلت قوات الشرطة والشرطة العسکرية، التي کثفت من وجودها في إجراءات غير مسبوقة بالمدرعات والسيارات المصفحة والحواجز الحديدية، بين أنصار مبارک وأسر الشهداء بمساحة تصل إلی نحو مائتي متر. ورغم أن هذه الإجراءات حالت دون وقوع کثير من الاشتباکات بين الطرفين فإن حالة الغضب دفعت بعض شباب الألتراس والنشطاء للاعتداء علی سيارة من سيارات الشرطة والموجودين فيها وتطورت الاشتباکات بينهم بالحجارة مما أدی إلی اعتقال بعضهم حقنا للأجواء المشتعلة.
الأمر اللافت أن المدعين بالحق المدني ودفاع المتهمين اشترکوا في وصف الحکم بأنه سياسي. وقال محمد الجندي محامي حبيب العادلي إن الحکم تعامل مع الشارع ولم يتعامل مع أوراق القضية من قريب أو بعيد، مشيرا إلی أنهم سيطعنون علی الحکم خلال 60 يوما من الآن.
واعتبر محامي جماعة الإخوان وأحد المدعين بالحق المدني، عبد المنعم عبد المقصود، الحکم سياسيا أيضا، مشيرا إلی أنه سيکون له تأثير کبير علی جولة الإعادة بانتخابات الرئاسة.
وفي الإسکندرية انطلقت مظاهرات أمام محکمة الجنايات بالمدينة اعتراضا علی أحکام البراءة الصادرة بحق مساعدي وزير الداخلية. وفي السويس شرق القاهرة قال تامر رضوان، شقيق أحد شهداء المدينة: «إننا لن نسکت علی إضاعة حق الشهداء والثورة». وقالت والدة عادل عبد الحکيم أحد شهداء السويس: «نحن لن نسکت علی دماء أبنائنا»، إلا أن طلعت خليل عمر، رئيس حزب غد الثورة بالسويس، قال إن الـ25 دقيقة التي تلت فيها المحکمة بيانها أمس کانت في حد ذاتها محاکمة لعصر مبارک. وفي مدينة طنطا بمحافظة الغربية، أطلقت مجموعات شبابية الألعاب النارية ابتهاجا بسجن مبارک والعادلي، بينما أعربت مجموعات أخری عن غضبها من صدور باقي الأحکام بالبراءة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى