أخبار إيران

تسمية الارهاب العامل الأهم ضد التغيير في إيران

تسمية الارهاب العامل الأهم ضد التغيير في إيران

 
محمد إقبال 
 

 السبت 24 يوليو 2010

في ساعات متأخرة من ليل يوم الجمعة 16 من يوليو الحالي بتوقيت المنطقة العربية واواسط النهار بتوقيت الولايات المتحدة الأمريکية بثت وکالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمي خبرا عاجلا هاما جدا: ”محکمة الاستئناف في واشنطن ترفض تهمة الإرهاب الملصقة بمجاهدي خلق وتعتبرها انتهاکاً لمراحل القضاء العادل وخالية من الدلائل اللازمة وترجع الملف إلی الوزيرة لإعادة النظر فيه”. کما واعتبرت المحکمة إبقاء اسم مجاهدي خلق في قائمة الإرهاب انتهاکاً لمراحل القضاء العادل وخالية من الدلائل اللازمة، قائلة: ”إن وزيرة الخارجية فشلت في توفير إجراءات الحماية القائمة علی القضاء العادل لمجاهدي خلق وهي الإجراءات التي کانت المحکمة قد حددتها في قراراتها السابقة”. وإلی لحظة تحرير هذه السطور هناک تجد أن الاخبار المتعلقة بهذا التطور والمنعطف کثيرة الی حد لا يمکن للمتابع لأخبار إيران أن يجد الفرصة لقراءة الآ جزءا منها. وهناک مواقع شهيرة طرحت استطلاعات للرأي حول مجاهدي خلق.

وتصرح المحکمة في قرارها: ”إننا نعترف بأن التطبيق الدقيق لمبادئ القانون من شأنه أن يجعل شطب اسم مجاهدي خلق من قائمة الإرهاب ملزمًا، ولکننا ومن أجل مصالح السياسة الخارجية والأمن القومي التي کانت وزارة الخارجية الأمريکية قد طرحتها في وقت سابق نرجع الآن هذا الملف إلی وزيرة الخارجية لتقوم في إطار محدد بإتاحة الفرصة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية للمراجعة والرد علی القسم العلني للملف والذي اعتمدت عليه الوزيرة”.

وکانت الخارجية الأمريکية أدرجت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وبشکل مفاجیء وغير قانوني ودون أي وثيقة أو مستند قانوني، في قائمة المنظمات الإرهابية إبان وزارة السيدة مادلن أولبرايت وزيرة خارجية الرئيس بيل کلينتون وهذا کما کشفت السيدة أولبرايت فيما بعد علی أنها کانت ”تعتبر هدية لخاتمي” رئيس الجمهورية في ديکتاتورية الارهابية الدينية الحاکمة في إيران. وکان لهذا الادراج عواقب خطيرة لمجاهدي خلق من ضمنها القصف الجوي لمعسکراتها من قبل قوات التحالف إبان غزو العراق في مارس 2003.
وبدأت مجاهدي خلق التي کانت ترحب دائما بطرح أي موضوع مرتبط بها أمام محکمة عادلة، (بدأت) منذ ادراجها في هذه القائمة في عام 1997 معرکة دئوبة ومستمرة ضد هذا الادراج. ولکن الخارجية الأمريکية وبحجة سرية الوثائق کانت تنصلت عن تقديم أي وثيقة إلی المحکمة. ولکنه وبالرغم من هذا فإن الوثائق التي تمکن محامو مجاهدي خلق وباصرار، الحصول عليها، بحيث کانت تضحک الدجاج المطبوخ! ومن ضمن هذه الوثائق أن اعضاء مجاهدي خلق – أي الاشخاص نفسهم المحاصرون منذ اکثر من سبع سنوات في أشرف محاصرة کاملة وليس لديهم أي ارتباط وامکانية الخروج من المخيم حتی لمعالجة مرضاهم ويعيشون تحت المراقبة– نعم علی حد زعم هذه الوثائق کانت مجاهدي خلق تتعاون مع ”القاعدة” وکانت تقوم ب ”تدريب النساء الانتحاريات في کربلاء”! وکان من الواضح جدا أن ما تم الاستناد إليها کوثائق سرية غير قابل للعرض للمحکمة لم تکن الا تخرصات تکررها ”اطلاعات” اي مخابرات الملالي يوميا في وسائل اعلامها.

وفي القرار الموثوق جدا والمشتمل علی 22 صفحة الذي أصدرته محکمة ولاية کولومبيا التي عاصمتها هي واشنطن دي سي – القرار الذي يحتاج إلی دراسة قانونية حقوقية تفصيلية – نری أن کثيرا من الحالات المذکورة في الملف تدل علی أن تهمة الإرهاب الملصقة بمنظمة مجاهدي خلق لم تکن إلا صفقة سياسية وقرارا سياسيا في إطار مساومة ومسايرة الملالي الدمويين الحاکمين في إيران بالتطلع إلی سراب تغيير سلوک النظام الظلامي. لکنهم فشلوا في تحويل هذا النظام الی حمامة کما اوهم خاتمي العالم بذلک.

ومن المعروف أنه وقبل صدور هذا القرار القضائي الامريکي قد سبقه أن استنتجت سبعة قرارات صادرة عن محاکم أوربية منها محکمة الاستئناف البريطانية برئاسة اللورد فيليبس قاضي القضاة في بريطانيا ومحکمة العدل الأوربية وبعد النظر في ملف يتضمن آلاف الصفحات والوثائق العلنية والسرية أن إلصاق تهمة الإرهاب بمجاهدي خلق هو ”عمل غير عقلاني” و”تهکم” بسلطة القانون وعليه شطبوا اسم مجاهدي خلق من قائمة الإرهاب الصادرة عن بريطانيا وکذلک قائمة الاتحاد الأوربي للمنظمات الإرهابية.

ولکن تحديدات القوانين الأمريکية والاطار القضائي المحدود جدا للمحکمة هناک يختلف مع بريطانيا ومحکمة العدل الأوربية. وفي هذا عندما تکلف المحکمة، الخارجية الأمريکية باعادة النظر في القرار، رسالة واضحة. إن المحکمة وبتأکيدها لخرق حقوق مجاهدي خلق وتجاهلها تؤکد علی عدم شرعية وعدالة هذه التهمة الملصقة. وکما يقول خبراء القانون والحقوقيون إنه وفي اطار القوانين الأمريکية هذا هو الحد الأعلی الذي کانت المحکمة تتمکن من اجرائه. وتضع المحکمة وتجاوزا للاساليب القضائية السابقة المتفقة عليها (تضع) صحة الوثائق والمستندات التي قدمتها الخارجية الأمريکية تحت السؤال وتثير الشکوک حولها. وعليه من المؤکد أن السيدة هيلاري کلينتون وزيرة الخارجية لهذا البلد ستدرک بشکل جيد رسالة المحکمة واعادة النظر في ما نُسب من تهمة وحاجة القضاء الامريکي الی احترام القرار الذي حکمت به المحکمة.

ومع أنه وکما قالت مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية ”الالتزام بالعدل والقانون کان يتطلب الإلغاء التام والسريع لهذه التسمية التي لم تخدم إلا نظام الملالي الحاکم في إيران کما سجل في المحاکم الأوربية السبع ولکن إصدار هذا القرار وإرجاع الملف إلی وزيرة الخارجية يؤشران الی انتصار الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية”.

نعم، کنتيجة شرعية ومنطقية لقرار المحکمة فإنه علی وزيرة الخارجية الأمريکية أن تقوم الآن وعلی غرار ما فعله وزراء الخارجية للدول السبع والعشرون الأعضاء في الاتحاد الأوربي وبعيدا عن أي تباطؤ وتأخير بإلغاء تسمية منظمة مجاهدي خلق الإيرانية بالإرهابية وإزالة جميع مضاعفاتها.. فان إبقاء اسم منظمة مجاهدي خلق في قائمة الإرهاب کان منذ اليوم الأول استغلالا للسلطة وتقديم خدمة لماکنة الإعدام والقمع للنظام الإيراني وسيکون بعد الآن تمردا سافرا علی القوانين والمحکمة الأمريکية نفسها أيضا. وخلال عقد مضی کانت تسمية الإرهاب الملصقة بالمقاومة الإيرانية أهم عامل ضد التغيير في إيران وأکبر مساندة لبقاء الفاشية الدينية. ولکن اليوم وبالرغم من هذه العراقيل تعيش إيران أجواء الانتفاضة والتغيير وأن هذا التغيير سيتحقق علی أيدي الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة وعمودها الفقري منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.

* خبير ستراتيجي إيراني
m.eghbal2003@gmail.com
 ».

زر الذهاب إلى الأعلى