حديث اليوم

التغيير في نهج امريکا وتفاقم الأزمة في إيران

 

 

«لاشک فيه انه سيکون تغيير في نهج واشنطن حيال طهران في ظل کابينة دونالد ترامب والآن يدور النقاش فقط حول أبعاد هذه التغييرات». وهذا جانب من مقال کتبه ايلان برمن المحلل السياسي في صحيفة ”فورين أفيرز“ التي تعرف بانها تعکس مواقف ووجهات النظر للخارجية الامريکية.
کما أيد بعض وسائل الإعلام الحکومية  هذا «التغيير في المنهج» کل منه بطريقته الخاصة وکتبوا: «بعد إعلان نتائج الإنتخابات الامريکية تغيرت الأوضاع ويکاد ان يمسک السلطة ممثلو الجمهوريين، الذين يعتبرون الإتفاق النووي الخطأ الرئيسي الذي ارتکبه اوباما » (صحيفة شرق الحکومية- 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016).
ما يلوح في الأفق من تغييرات وايقاف التنازلات المذهلة التي تم منحها إلی نظام الملالي بسخاء خلال السنوات الـ 16 الفائتة قد جعل النظام مضطربا ومتخبطا. کما انعکست آثار هذا التخبط والأزمة في تصريحات عناصر النظام ووسائل الإعلام الحکومية بمختلف الصور وحتی في بعض الأحيان بشکل متضارب حيث أدی إلی تفاقم الصراع بينهم واشتداد أزمات النظام الداخلية.
ان الکلام الرئيسي بشأن الإتفاق النووي الذي يکرره روحاني في کلماته وتصريحاته خلال الأيام الأخيرة هو ان هذا الإتفاق کان منذ البداية بتوصية وقيادة «القائد المعظم» و وصل إلی ما هو عليه الآن.
واضافة إلی خامنئي يذکر روحاني أسماء بعض من مؤسسات النظام في بعض المناسبات ويقول: «اشترک البرلمان في هذا الفخر وکذلک مجلس خبراء القيادة  حتی مجلس الأمن الوطني والکل أيدوا هذا الإتفاق، کما أن سماحة القائد المعظم ايضا له مکانته الخاصة في هذا الأمر حيث کان دليلا لنا منذ البداية وقادنا في هذا الطريق» (کلمة روحاني- تلفزيون النظام- 13 نوفمبر 2016)
وفي هذه الأثناء الأمر اللافت هو مواقف خامنئي الإنتهازية والمزدوجة حيث انه ورغم اعترافه بانه کان قد فتح باب المفاوضات مع امريکا الا انه حاليا يقول: «من المستغرب ان الشعب الامريکي صوت لصالح ترامب لينقذ امريکا من الأزمات والمشاکل الداخلية والخارجية الا ان البعض في داخل بلادنا بسبب عدم تمتعهم بالبصيرة اصيبوا بهذا الوهم بانه علی إيران ان تعالج مشاکلها عن طريق مساومة امريکا!» (صحيفة جوان المحسوبة علی قوات البسيج التابعة لقوات الحرس- 17 نوفمبر 2016).
ولکن ناهيک عن الدعايات الإنتخابية ومحاولات زمرة خامنئي للإيحاء بانها مطمئنة البال مثلما قال خامنئي ”لا نحزن ولا نبتهج“ ولکن ”الخوف الحقيقي“ واضح جدا في تصريحاتهم وعنترياتهم من امثال کلمة خطيب صلاة الجمعة الموالي لخامنئي في طهران مخاطبا الرئيس الامريکي الجديد علی شکل تحذير للرئيس الأمريکي الجديد و يقول: «هذا السيد حديث العهد… يجب ان يفهم ان اللعب مع إيران هو اللعب بذنب الأسد» (صلاة الجمعة في طهران- 11 نوفمبر 2016) أو عندما يتضرع أحد خطباء الجمعة الآخرين المحسوبين لخامنئي في مدينة مشهد لرجال الحکومة ويقول: «لا تبرزوا الضعف للعدو إلی هذا الحد» (صلاة الجمعة في مشهد- 11 نوفمبر 2016)
ولکن أبرز مثال علی ذلک خامنئي نفسه بينما أکد في إطار مزاعمه عندما قال ”لا نحزن ولا نبتهج“ وفي نفس الوقت يعرب عن خوفه بهذه العبارة ”نحن مستعدون لمواجهة أي حادث محتمل“ من جهة واضاف من جهة أخری قائلا:
«ما يجب ان نتمرکز عليه هو طريق العبور عن مشاکل البلد الحالية واللاحقة».
وفي الواقع کل الکلام هو نفس العبور من الأزمات ”الحالية“ ومواجهة الأزمات ”اللاحقة“ المتفاقمة، وهي الأزمات التي ستکون أشد بکثير من الأزمات الساحقة الحالية بالتغيير في نهج امريکا تجاه النظام فبالتالی وضع الإتفاق النووي تحت علامة الإستفهام وهذا لا معنی له إلا تسارع إنهيار النظام أکثر من أي وقت مضی.

زر الذهاب إلى الأعلى