مقابلات

محلل عراقي: قادة بميليشيات الحشد خدموا في الحرس الثوري

 

 
12/6/2017


الدکتور أسامة مهدي، صحافي وکاتب عراقی – بريطاني حاصل علی شهادة الدکتوراه في الصحافة من جامعة کيل البريطانية عام 1990حول الهيمنة الإعلامية الغربية. له ممارسة صحافية زادت علی 40 عاما في حقل الأخبار وتغطية المؤتمرات العربية والدولية، خاصة القمم العربية والإسلامية والإفريقية. عمل مهدي بداية سبعينات القرن الماضي مديرا لمکتب وکالة الأنباء العراقية في المغرب ثم أستاذا في المعهد العالمي للصحافة بالرباط ومراسلا من بغداد لوکالة الأنباء المغربية بداية الثمانينات. وفي بداية التسعينات عمل مستشارا إعلاميا بمکتب الخليج لمنظمة اليونيسف بالرياض، ثم مراسلا لمجلة اليمامة السعودية في لندن. وفي منتصف التسعينات تولی أسامة مهدي مهمة مدير التحرير في جريدتي “الزمان” وبعدها “المؤتمر” الجريدة المرکزية للمعارضة العراقية الصادرتين في لندن، وکاتباً في جريدة الشرق الأوسط اللندنية. ومنذ عام 2003 وهو يتولی مسؤولية الملف العراقي في جريدة “إيلاف” الإلکترونية من لندن. وخلال مسيرته الطويلة هذه کتب مقالات وتحقيقات وتحليلات ودراسات سياسية. إضافة إلی تقارير إخبارية نشرتها وبثتها صحف ومجلات ووکالات أنباء عربية ودولية.
وأجرت “العربية.نت” مع الدکتور أسامة مهدي الحوار التالي وفيما يلي جانبا منه:
لماذا اخترت التخصص في مجال الصحافة؟
لقد نشأت في بيت يهتم بالثقافة وکان والدي – رحمه الله – مديرا لمدرسة ويملک مکتبة عامرة بالکتب، حيث کنت منذ دراستي الابتدائية أهتم بالقراءة وأحوز علی المرتبة الأولی في کتابة الإنشاء، وفي دراستي الثانوية کنت أنکب خلال العطلة الصيفية علی قراءة العديد من الکتب التي تضمها مکتبة الوالد، فنشأت لدي ملکة کتابة القصص القصيرة. وحفزتني اتجاهاتي الأدبية هذه لإصدار جريدة حائط تتضمن أخبار المدرسة ونشاطاتها وتضمينها حکما وقصصا صغيرة،.. وتصادف تقديمي إلی الجامعة تأسيس أول قسم للصحافة في کلية الآداب بجامعة بغداد فلم أتردد في الالتحاق به. وخلال السنة الثالثة من الدراسة أصدر القسم جريدة أسبوعية فکنت سکرتيرا لتحريرها، وبعد تخرجي من الجامعة وحصولي علی بکالوريوس الصحافة تعينت في وکالة الأنباء العراقية مراسلا في محافظة الناصرية “ذي قار” بجنوب العراق، فبدأت عندها مسيرتي الإعلامية الاحترافية التي قاربت نصف قرن.
هل سيستمر التدخل الإيراني في العراق في ظل وعي المواطنين بخطورته؟
الهيمنة الإيرانية علی العراق أصبحت واقعا ملموسا يتعدی رغبة بلد جار في تمتين علاقاته مع جاره، وأصبحت تشکل احتلالا غير معلن تکمن وراءه أهداف توسعية طامعة ليست بالتأکيد في مصلحة البلاد وشعبها. وفي ظل المعطيات المحلية والدولية الحالية فإنه علی الرغم من وعي العراقيين بخطورة هذه الهيمنة إلا أنهم غير قادرين علی مواجهتها بعد أن تمترست الأحزاب والقوی العراقية خلف ميليشيات مسلحة مدربة وممولة ومحمية من قبل الإيرانيين.
ويعول العراقيون حاليا علی المجتمع الدولي للانتباه إلی خطورة الأهداف الإيرانية في بلدهم، وإمکانية الحد منها في المرحلة الأولی ريثما تتهيأ معطيات إقليمية ودولية جديدة توقف إيران عن مخططاتها في العراق انتظارا لما يمکن أن تقدم عليه الولايات المتحدة في عهد إدارتها الجديدة بعد أن کانت أسقطت النظام في العراق وسلمت البلاد في عهد الرئيس بوش إلی إيران، حيث تهديدات الرئيس الأميرکي الجديد دونالد ترمب بتقليم أظافر إيران وميليشياتها في المنطقة وبالمقدمة منها العراق بانتظار التنفيذ.
وهنا أشير إلی معلومات تؤکد أن أعضاء الجالية الإيرانية في بغداد ومدن جنوب العراق يلوذون بالصمت ومحاولة تسيير أحوالهم دون الوقوع في شراک العراقيين المتکررة لجرهم إلی مواضيع السياسة والأمن في قضايا سوريا واليمن، سواءً في حافلات النقل العام والمقاهي والجلسات العامة والأسواق، حيث يوجه لهم العراقيون الذين يدرکون أن معظم هؤلاء يتعاونون مع السلطات الإيرانية أو هم عملاء لها اتهامات بالتدخل في شؤون بلادهم، ومحاولة سلطاتهم السيطرة عليها. ومنذ حادثة طعن تعرض لها إيراني في بغداد منتصف العام الماضي لم يعد الإيرانيون يشارکون بمثل تلک الأحاديث حتی أصبح الانعزال السمة الواضحة علی أفراد الجالية الإيرانية خصوصا أن أغلب العراقيين أصبحوا يعلمون تماماً أن ما يجري في العراق سببه إيران بالأساس”.
يری البعض أن الحشد الشعبي سيکون بمثابة حرس ثوري عراقي بيد سياسيين موالين لإيران بعد تحرير المواصل.. ما رأيک؟
إن طبيعة تشکيل الميليشيات التي يتکون منها الحشد الشعبي وقيام إيران بدعمها تسليحا وتمويلا تؤکد حقيقة تحولها إلی رديف للحرس الثوري الإيراني في المنطقة، وما يؤکد ذلک تهديدات قادة هذه الميليشيات بالذهاب إلی اليمن وسوريا للدفاع عن حلفاء إيران فيهما من دون أن نغفل حقيقة أن معظم قادة ميليشيات الحشد هم عناصر في الحرس الثوري ويتلقون رواتبهم منه.
وبذلک تکون إيران قد حافظت علی حرسها وزجت بالعراقيين من خلال الحشد الشعبي في أتون محارق جديدة دفاعا عنها وعن مخططاتها في المنطقة التي أصبحت من حقائق الأمر الواقع بعد أن سيطر الحشد الشعبي علی الحدود مع سوريا ودخول مجاميع من ميليشياته إلی أراضيها، محققا لإيران هدفها في الحصول علی ممر لها عبر العراق إلی سوريا ولبنان فالبحر المتوسط، وهي حقائق لا تصب في صالح مواطني هذه الدول ولا في حاضر ومستقبل المنطقة کلها.
ألا تعتقد أن دخول الحشد في سوريا سينتج تشکيل ميليشيات متطرفة خصوصا أن أغلبية الشعب السوري من أهل السنة؟
إن تشکيل الحشد الشعبي في العراق جاء کما قلنا برغبة وتدريب وتمويل إيراني لفرض هيمنة علی المنطقة وإدخالها في أتون صراعات دامية، وجعل بلدانها ضعيفة غير مسترة، ولتبقی إيران هي الوحيدة القوية التي تتمتع بالاستقرار من أجل أن تلجأ إليها تلک الدول لطلب العون والمساعدة منها دوما ولتفرض طهران إرادتها عليها، ولذلک فإنها دفعت فعلا بميليشيات الحشد إلی سوريا حيث تقاتل هناک حاليا ضد معارضي النظام، وتنفذ عمليات تغيير سکاني في المدن السورية من خلال تهجير سکانها السنة وإسکان إيرانيين وأفغان وحتی عراقيين من الشيعة مکانهم، وهو ما أدی فعلا إلی تصعيد في الأوضاع الدامية التي تعيشها البلاد وعقد الأوضاع وصعب من التوصل إلی حل للقضية السورية، حيث دفع کل ذلک إلی تشکيل منظمات سنية متطرفة تقاتل حاليا علی تراب وطنها ضد الغزاة الإيرانيين.

زر الذهاب إلى الأعلى