أخبار إيرانمقالات

صـناع تاريخ حقـــوق الإنسان

بمناسبة اليـــوم العالمي لحقـــوق الإنسان
 
13/12/2017
بقلم: المحامي عبد المجيد محمد
Abl.majeed.m@gmail.com
 
في تاريخ البشرية، هناک اشخاص يصنعون التاريخ ، وهناک اشخاص ايضا يکتبون التاريخ. صناع التاريخ هم من يسجل التاريخ اسمائهم وتبقی ذکراهم محفوظة للابد في التاريخ.
ومن هنا في اليوم العالمي لحقوق الإنسان واعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر / کانون الأول 1948، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أريد أن أکون أحد  الکتاب والحقوقيين والمحامين الايرانيين الذين يدخل اسمهم التاريخ في بلدي. صناعة التاريخ في ايران قبل خمسين سنة مضت تمثلت في ناشط دؤوب لا يعرف الکلل في مجال حقوق الانسان وفي النهاية ضحی بحياته في سبيل حقوق الانسان وشکلت هذه الشخصية التاريخية لي مثالا ونموذجا باعثا للفخروالاعتزاز..
وعلی الجانب الاخر من قصة هذه الشخصية المرموقة، هناک اولئک الذين استهدفوه برصاص حقدهم وکراهيتهم اللانساني وترکوا ورائهم السمعة السيئة والرهيبة التي سجلها تاريخ حقوق الانسان وتاريخ ايران بحقهم علی حد سواء ..
هذا الصانع التاريخ الشخصية المعروفة في مجال حقوق الإنسان في کل من إيران وأوروبا.  بعد تخرجه من مجال التعليم العالي في عام 1958، في افضل  مرکز علمي وسياسي يعني في کلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة طهران. ومن أجل استکمال دراساته القانونية والسياسية، اتجه الی فرنسا ونجح في الحصول علی درجة الدکتوراه في کل من اختصاصي العلوم السياسية والقانون الدولي واکبر دليل علی تعمقة وتبحره في هذين المجالين عمله بصفة استاذ في القانون الدولي في کلية الحقوق في باريس لاعوام عديدة.
وبالإضافة إلی ذلک، کان الأستاذ المساعد في المعهد الدولي للدراسات الدولية في جنيف ومسؤولا عن الحلقة الدراسية في مدرسة جنيف للأدب، وکذلک معهد دراسات التنمية الاقتصادية بجامعة جنيف.
اسم صانع التاريخ في مجال حقوق الإنسان هو البروفيسورکاظم رجوي.
وقد انتخب سفيرا لايران لدی الاتحاد الاوربي بعد انتصار ثورة الشعب الايراني في شباط / فبراير 1979.  کما کان سفيرا ورئيسا لوفد الهيئة الدبلوماسية الإيرانية في السنغال وسبعة من دول أفريقيا الغربية لفترة من الزمن. لکن بعد عشرة أشهر، وبعد اکتشافه طبيعة النظام الإيراني ومطامعه التوسعية فيما يسمی بمصطلح (تصدير الثورة) الی البلدان الاخری قام بالتخلي عن مناصبه الدبلوماسية احتجاجا علی هذا الواقع ومنذ ذلک الحين، وظف جل وقته في خدمة حرکة المقاومة الإيرانية، ونذر حياته لمقاضاة الفاشية الدينية الحاکمة في ايران علی دماء الضحايا المجاهدين والمناضلين في سبيل کشف جرائم نظام الملالي اللانسانية امام العالم.
وبهذه الطريقة، قدم کل رصيده العلم  والسياسي والمهني في خدمة المقاومة والمقاضاة من أجل دماء ضحايا الفاشية الدينية الحاکمة في إيران.
وللتعريف اکثر عن صانع تاريخ حقوق الانسان هذا، أود أن أشير بإيجاز من خلال رسالة السيدة الأولی في فرنسا، الراحلة  دانيل ميتران، بمناسبة الذکری السنوية الخامسة عشرة لرحيل البروفيسور کاظم. حيث تقول:
“إذا نواصل نحن نضالنا، فهوطريق فتحه آخرون ليصبح درب النضال سالکا ومن المؤسف حقا أنه بقتل أفضل المدافعين عن حقوق الإنسان خسرت الانسانية هذة الثروة البشرية . لکن حتی مع وفاة إنسان واحد فان رسالته وتعاليمه التي اعتقد وعبرعنها بکل شجاعة لن تذهب سدی وستظل باقية للابد ”
 اما أبرزالمحطات التاريخية الحية والعمل الدؤوب للبروفيسور کاظم رجوي لم تقتصرعلی أنشطته السياسية والعلمية فقط وانما في تاريخ نضال الشعب الإيراني، قام الدکتور کاظم بعمل ستتناقله الاجيال جيلا بعد جيل.
في حملة مکثفة جدا خلال عام 1972 وبعده، تمکن من إجبار نظام الشاه علی الحد من عقوبة الإعدام لشقيقه الأصغر مسعود رجوي، الذي کان في سجون نظام الشاه.
اعتقل مسعود رجوي عضواللجنة المرکزية لمنظمة مجاهدي خلق الايرانية في 23 أغسطس / آب 1971، إلی جانب عدد من الکوادر الرئيسية الأخری في هذه المنظمة من قبل سافاک نظام الشاه، وبعدعمليات التعذيب والاستجواب الشاق والمرهق حکم عليه  بالاعدام من قبل المحاکم العادية والمحکمة استئناف العسکرية. وفي شباط / فبراير1972، اطلع الدکتور کاظم رجوي علی خبر اصدار حکم الإعدام بحق شقيقه مسعود.
 

وبعد بضعة أيام من سماع هذه الأنباء، کان کورت فالدهايم، الأمين العام للأمم المتحدة قد ذهب الی سويسرا حينها، لذلک طلب الدکتور کاظم منه أن يطلب من الشاه إلغاء حکم الإعدام بحق المجاهدين.
وقام کورت فالدهايم بعد فترة وجيزة باخبار الدکتور کاظم أنه طلب من الشاه إلغاء حکم الإعدام علی مسعود رجوي في مکالمة هاتفية معه.
وواصل الدکتور کاظم رجوي أنشطته الفعالة ومن ضمن هذه الانشطة أنشأ لجنة الدفاع عن السجناء السياسيين الإيرانيين في سويسرا، وکان له اثر کبير في إطار رابطة أسر السجناء السياسيين في إيران، حيث اثار اهتمام المدافعين عن حقوق الإنسان، والأوساط الصحفية والسياسية، والرأي العام، الأحزاب والشخصيات الخارجية بحيث وفي الوقت نفسه، کتب صحيفة ليبرتي السويسرية: “سيل من البرقيات المرسلة إلی طهران”. وبالإضافة إلی هذا العدد الکبير من البرقيات، وبسبب جهود الدکتور کاظم الحثيثة. ذهبا محاميان سويسريان معروفان، إلی إيران في شباط / فبراير 1972 للدفاع عن أعضاء المنظمة.
وأخيرا، في 19 أبريل 1972، کللت جهود الدکتور کاظم بالنجاح في النهاية، وکان نظام الشاه قد تراجعت غصباً عنه وغير حکم الإعدام بحق مسعود رجوي الی الحکم بالسجن المؤبد مع الاعمال الشاقة. ولکن الخطر کان فعالا.
في اطار متابعة فعالياته في بداية ديسمبر 1976 شارک البروفسور کاظم في المؤتمرالدولي للاحزاب الاشتراکية، وبحضور 11 رئيس دولة و60 رئيس وزراء ووزير خارجية، کشف عن جرائم نظام الشاه ودعاهم لإنقاذ حياة مسعود رجوي.
واستمرت جهود الدکتور کاظم لإنقاذ حياة مسعود رجوي حتی 20 يناير/ کانون الثاني 1979،عندما أطلق سراحه مع اطلاق سراح اخر دفعة من السجناء السياسين من سجون الشاه، وعندها فقط استطاع البروفسور کاظم، بعد سبع سنوات من القلق، أن يشعر بالراحة اخيراً.
لم يکف البروفسور کاظم رجوي مادام کان علی قيد الحياة، عن محاولة الدفاع عن حقوق الإنسان.
وکشف الانتهاکات الممنهجة والمنتظمة لنظام الملالي في الجمعية العامة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية ونتيجة لجهوده الدؤوبة في 6 ديسمبر 1985، اصدر قرار بإدانة انتهاکات حقوق الإنسان في ايران بأغلبية الأصوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وعقب اصدارهذا القرار، قال الدکتور کاظم رجوي في مقابلة مع صحيفة نيويورک تايمز: “نحن نکتب تاريخ حقوق الإنسان بدمائنا”.
 

بسبب کشفه المستمر لانتهاکات نظام الملالي، کان دوبلوماسيو الفاشيية الدينية الحاکم في ايران يکنون له الکره الشديد، حيث أصدر الخميني فتوی لقتل ”البروفسور کاظم رجوي“ في عام 1986.
وأخيرا، وعملا بهذه الفتوی وبمهمة من وزارة مخابرات نظام الملالي اللعينة لإزالة البروفسور کاظم.
أراق المجرمون المرسلون من قبل ملالي طهران الی مدينة کوبيه جنيف، دم الدکتور کاظم رجوي علی الارض في 24 أبريل / نيسان  1990 وخطفوا من بين ايدينا هذا الناشط الدؤوب في مجال حقوق الانسان. ولکن سيخلد التاريخ اسمه تحت عنوان «شهيد حقوق الانسان العظيم» وکما قال هونفسه 
“کتب تاريخ حقوق الإنسان بدمه”
 
زر الذهاب إلى الأعلى