حديث اليوم

ایران.. صراع الإنتخابات ومواجهة السلطات الثلاث

 

يتواصل الصراع علی الإنتخابات في قمة السلطة في نظام ولاية الفقيه بنبرة غير مسبوقة وسط تبادل الاتهامات بين أطراف النزاع بالتبعية للسلطات الخارجية والتوعد بقص أجنحة الطرف المقابل.
مع أن طبيعة النظام کانت منذ اليوم الأول من تأسيسه مصطحبة بالصراع علی السلطة بين الأجنحة الداخلية وتتصاعد نبرته في منعطفات الإنتخابات ثم تتهدأ لتعود الی حالة طبيعة بعد اجتياز المرحلة، ولکن حقيقة الأمر هي أن في کل مرحلة کان موقع النظام يختلف عما سبقه ولم تعد الأزمة في المنعطف الجديد الی ما کانت عليه سابقا وانما بات وضع النظام أکثر هشاشة وضعفا وانخفضت قدرته لاحتواء الوضع. ثانيا وخاصة في الأزمة الحالية، أصبحت الظروف للنظام أکثر حساسية وباتت نتائج الأزمة وتداعياتها أکثر خطورة.
بداية، وبسبب شدة تدهور الوضع الاقتصادي، وتزايد الرکود والبطالة وظروف الاحتقان السائد في المجتمع، کان روحاني قد عرض في مسرحية الإنتخابات السابقة مفتاحا أمام الجميع وزعم أنه يمسک في قبضته مفتاح جميع المعضلات، ولکنه اليوم نفسه يعترف بأن «المعضلات الاقتصادية لن تنحل حتی بعد 100 عاما!». 
الواقع أن بعد ما مسک حسن روحاني زمام الأمور، لم تر النور وعوده علی أرض الواقع. انه قال ان کل شيء مرهون بتنفيذ الاتفاق الشامل المشترک وأن جميع المشکلات والمعضلات من البطالة والرکود والی البيئة والاستثمار وحتی مياه الشرب للمواطنين ستنحل. ولکن تم تنفيذ الاتفاق الشامل المشترک ولم يتحسن الوضع، بل أصبح آسوأ. ووصف محافظ البنک المرکزي لروحاني نتيجة الاتفاق الشامل المشترک «تکاد تکون صفر» کما وصف علي خامنئي الذي کان يشرف علی الاتفاق الشامل المشترک من ألفه الی يائه وکان يصدر توجيهاته فيه، الاتفاق بأنه «خسارة محضة».
ثانيا، تغيير المرحلة وتغيير الظروف الاقليمية والدولية التي جعلت النظام يواجه أخطارا متفاوتة نوعيًا بحيث تطل عناصر النظام برأسها واحدة تلو أخری وتبدي مخاوفها وتحذر من أن الظروف خطيرة! يريدون إسقاطنا. 
ثالثا، إن موقع خامنئي الذي وضعه يعکس وضع النظام برمته، ضعيف للغاية ولا يقدر علی احتواء الصراع والنزاع الذي قد هزّ أرکان نظامه. واعترف أحد نواب البرلمان باسم «بنيادي» في کلمة ألقاها في البرلمان بأنه أصبح توجيه الضربة لخامنئي تسبّب في کسب السمعة والآصوات في النظام، وتأوه قائلا «نری أن أفرادا ضيق الفکر ولهم سوابق سيئة في المسؤوليه يشککون في القيادة وموقعها في محاولة لهم لکسب الأصوات والأکثر اثارة للأسف هو أنه لا أحد يساعد السيد».
وهنا بين کل حالات التوجع والتألم وابداء الخوف من قبل عناصر وقادة النظام، أبرز الملا حيدر مصلحي وزير المخابرات سابقا جوهر الکلام وقال: «العدو.. له برامج وأجندات يريد باستخدام تجربة الفتنة 2009 آن يحض هذه المرة الطبقة المتوسطة المائلة الی الطبقة السفلی، لأنه قد حض الطبقة المتوسطة المائلة الی الطبقة العليا في العام 2009 علی الخروج الی الشوارع…». 
مصلحي وبعد ما وصف روحاني بأنه رجل قد طبّق آجندة العدو، بإثارة «ضرورة المواکبة مع سيد القوم» يمد يده نحوه ويقول «الکثير من المسؤولين هم أنفسهم رجال أمنيون ويعلمون اذا لم نصر في موضوع المقاومة علی الاستثمار، فان أمن البلاد في نهاية المطاف يتعرض للخطر».
وقصده من «المقاومة» القوات القمعية من الحرس الثوري والبسيجيين الذين يعيشون حاليا وضعًا بائسًا وبالنتيجة أدت الأزمات المستعصية في النظام إلی تساقط العناصر بالجملة.
ولکن نستطع إدراک شدة وعمق الخوف لدی الوزير السابق للمخابرات، عندما يشير إلی الوضع الصحي الغامض والمتذبذب الذي يعيشه خامنئي ويقول: «الفتنة التي علی الأبواب يجب أن تحدث في عهد القائد المعظم حتی يمکن احتوائها… واذا تأجلت الفتنة إلی مرحلة ما بعدها، فلا يستطيع من ينوب القائد احتواء الفتنة».
ومن اللافت للنظر أن مصلحي أدلی بهذه الکلمات أمام حشد من البسيجيين ويمکن فهم حال البسيجيين وعناصر النظام الذين أصبحوا يسمعون هذه التصريحات دومًا وهذه الإنذارات للخوف.
انظروا إلی سخرية الأمر هنا أن مصلحي ومن شدة الاستعصاء، علّق کل آماله علی المسمار المتآکل الرأس لحياة علي خامنئي الذي کسرت شوکته في انتفاضة 2009 دون عودة  ثم بات کل قواه منهکة في خضم الأزمات الداخلية والخارجية للنظام بحيث فقد حتی إصدار توبيخ وتحذير لأجنحة النظام والفئات الداخلية المتنازعة بينهم وهم يميطون اللثام عن أسرار النظام علنًا من الفساد المنفلت وحالات الإختلاس والسرقة وإلی عقد الصفقات الخيانية مع القوی الخارجية. 
إن جوهر کلام الملا مصلحي هو أن النظام حتی اذا نجح في إقامة مسرحية الإنتخابات ويستطيع من إخراج واحد من المرشحين من هذه الحالة من الهرج والمرج.. ليس ذلک نهاية المطاف، بل ربما تتحول الحالة إلی ما کان عليه في مسرحية الإنتخابات في عام 2009 حيث أصبحت إخراج احمدي نجاد من صندوق الاقتراع، نقطة انطلاق لشرارة الانتفاضة، والآن ربما تکون الحالة أشد وأخطر من ذلک. لأن النظام بأکمله أصبح متفتتا ومصابًا بأزمات مختلفة وکذلک شخص الولي الفقيه بات ضعيفًا أکثر بکثير وفقد قدرته علی السيطرة علی الموقف ناهيک عن أن القوات القمعية للنظام باتت فاقدة المعنويات ومنهکة القوی. 
الواقع أن هذا الوضع، هو مصداق واضح لوضع يدل علی أن اولئک الجاثمين علی کرسي الحکم لا يستطيعون واولئک التابعين في القاعدة لا يريدون الرضوخ للحکم.

زر الذهاب إلى الأعلى