مقالات

هل تنتقل عدوی الحراک الشعبي إلی إيران

 


 


نقلاً عن صحيفة العرب


9/9/2015



إبراهيم الزبيدي



لا أمن ولا استقرار لمنطقة الشرق الأوسط بوجود نظام الولي الفقيه وتدخلاته ومشاکساته وأطماعه في أن يکون صاحب القرار الوحيد في شؤونها. وعلی من يريد تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة أن يعين الشعب الإيراني علی التحرک لإسقاط النظام.
ومن الحقائق التي ينبغي التأکيد عليها عدم وجود فرق کبير بين المتشددين في النظام، وما يسمون بالإصلاحيين، فکلهم من طينة سريرة واحدة.
فللکثيرين من العرب والأجانب الذين ينظرون إلی حسن روحاني بعين الرضا والقبول، ويحسبونه علی معسکر الإصلاح والاعتدال، وينتظرون منه ترويض النظام، ونزع أظـافره المسمومة، ننقل هـذه المعلومة.
ولد حسن روحاني عام 1948، ودرس الحقوق والقانون. وبعد الثورة أصبح ممثلا للخميني في وزارة الدفاع وأرکان الجيش، وترأس لجنة الدفاع في البرلمان طيلة سنوات الحرب مع العراق، وکان عضواً في مجلس الدفاع الأعلی، ومساعداً للقائد الأعلی للقوات المسلحة، وتولی أمانة المجلس الأعلی للأمن القومي مدة ستة عشر عاما، وترأس فريق المفاوضات النووية في عهد خاتمي، وهو عضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، وعمل مستشاراً للمرشد لشؤون الأمن القومي وخلفه في هذا المنصب علي شمخاني.
إن مناسبة هذا الکلام تصريحٌ جديد نقلته وکالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا” عن حسن روحاني خلال تسلمه أوراق اعتماد سفير النظام العراقي في طهران، أعلن فيه أن “أمن العراق واستقرارَه هو أمن إیران واستقرارُها”، ودعا إلی “استمرار العلاقات المتنامیة بین البلدین في جميع المجالات”.
وليست خافية مرارة هذا الحرص الروحاني علی العراقيين، أبعده الله عن أشقائنا اليمنيين والخليجيين والأردنيين والمصريين، أجمعين.
ومن هذا المنطلق يصبح تأکيد الشيخ محمد بن زايد علی أن “مشارکة قوات الإمارات في الدفاع عن أمن اليمن هي للدفاع عن أمن الخليج”، عينَ الصواب وروحَ الحقيقة.
وبالتالي فإن نجاح وکلاء النظام الإيراني في تثبيت الوجود الإيراني في صنعاء وعدن وباب المندب، لن يکون سوی کماشة إيرانية تطبق علی السعودية والإمارات والبحرين والکويت، بعد أن أطبقت علی العراقيين والسوريين واللبنانيين، وضيقت أنفاسهم وأنقضت ظهورهم، علی مدی نصف قرن من الزمان.
وما يجري حاليا في العراق لا يبتعد کثيرا عما يحدث في اليمن. فالتظاهرات الجماهيرية الغاضبة في محافظات (الطائفة) التي يزعم نظام الملالي الدفاع عنها والحفاظ علی کرامتها ووجودها، هي إعلانٌ غير مباشر لثورة تحررية ضد وکلاء المحتل الإيراني العراقيين، يتوقف نجاحها، إلی حد کبير، علی ما تحققه الثورة التحررية التي يخوضها الشعب اليمني ضد وکلاء المحتل الإيراني اليمنيين.
ومن يتابع تصرفات النظام الإيراني وتصريحات کبار قادته السياسيين والعسکريين، يلمس أن تظاهرات العراقيين الشجاعة التي تتزامن مع الخسائر المفجعة الإيرانية في اليمن، وفي سوريا، ومع اعتصامات الحراک الشعبي اللبناني، أربکت النظام، ودفعت بأجهزة (الباسيج) التابعة للحرس الثوري الإيراني إلی استعراض عضلاته في شوارع طهران، بمناورة استخباراتية أمنية يوميْ الأربعاء والخميس الماضيين، تحسبا لما يمکن أن يحدث خلال انتخابات مجلس خبراء القيادة الذي يتمتع بسلطة تعيين الولي الفقيه أو تغييره.
وقد شارک في المناورات التي تهدف إلی “الحفاظ علی تنظيم قوات الباسيج”، حوالي 50 ألفا من قوات الميليشيات الحکومية.
وکان اللافت للانتباه في هذه المناورة حضور العنصر النسائي من أعضاء “الباسيج” لأول مرة، حيث قمن بحرکات بهلوانية وهجومية ودفاعية في شوارع العاصمة، لإظهار استعدادهن لأية احتجاجات محتملة في المستقبل. والشيء الأهم أن نائب عمليات معسکر (ثأر الله) المخصص لقوات الباسيج في طهران أعلن أن هذه المناورات جاءت بإيعاز من المرشد الأعلی.
ويذکر أن الدور البارز والمؤثر في قمع احتجاجات عام 2009 التي راح ضحيتها المئات من القتلی والمعتقلين من المحتجين، کان لقوات الباسيج.
تری، هل هي مجرد مناورات روتينية عابرة، أم أن لدی النظام معلوماتٍ عن احتمال اندلاع تظاهرات شعبية احتجاجية مشابهة لما يجري في العراق قد تتطور لتصبح ثورة؟
ليس هناک من حل لإسقاط أنظمة الاستبداد الثلاثة، العراقي والسوري واللبناني، سوی سلاح الجماهير التي صبرت طويلا، وتحملت کثيرا من ظلمٍ وقسوة وعنفٍ وجوعٍ وخوف، علی امتداد العشرات من السنين.
إن استمرار تظاهرات الجُمَع الاحتجاجية في العراق واتساعها، وانضمام شرائح أخری من الشعب العراقي إليها، وانتزاع حقوقها، ربما يغري الجماهير الإيرانية بالتحرک علی طريق خلاصها.
قد يکون هذا حلما يبدو غير قريب ولکنه ليس صعب التحقيق، ولا مستبعدا. فجميع الظروف الموضوعية متوفرة لثورة الشعب الإيراني العريق.
ومع سقوط النظام في طهران، أو انشغاله بإطفاء حرائقه في الداخل، لابد أن تتساقط أنظمة القهر والظلم والفساد الثلاثة، في العراق وسوريا ولبنان، ويسقط معها عصر الميليشيات والحروب المذهبية الشريرة، وتنتهي الحرائق التي أشعلها، ويشعلها، الولي الفقيه.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى