إنجازات» ولاية الفقيه في إيران- 3

 


ايلاف
18/2/2015

بقلم: سنابرق زاهدي


 
 
الهجرة وهروب الأدمغةْ
للترکيز علی ما فعله نظام ولاية بالإنسان الإيراني وبالاقتصاد الإيراني استميح القراء بالتيّمن بالقرآن الکريم في وصف النظام الحاکم في إيران بقوله تعالی:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُکَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَی مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ. وَإِذَا تَوَلَّی سَعَی فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِکَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (سورة البقرة 204 -206). صدق الله العظيم.
حقيقة إذا نظرنا لما قاله خميني منذ اليوم الأول وما يقوله زعماء هذا النظام حتی اليوم ونقارن أقوالهم بأفعالهم لنجد أنهم أکبر مصداق لهذه الآّية الکريمة. لذا کان من الأجدر أن يکون عنوان مقالاتنا هذه «نظام ولاية الفقيه =إهلاک الحرث والنسل». وبعد ما عرضنا مأساة إيران والشعب الإيراني سيجد القارئ أن هذا النظام الذي يدعي الإسلام والدفاع عن الدين أبعد ما يکون عن هذه القيم والمثل. ولأن نظام الملالي لم ينجز سوی الفقر والقمع والفحشاء والفساد والغلاء والمجاعة والإدمان للأغلبية الساحقة من أبناء الشعب.
هذه «الإنجازات» وغيرها الکثير مما يُماثلها أدّت إلی تحقيق «إنجازات» أخری علی صعيد التراجع في مختلف المجالات ولا سيما الإنسانية والمعيشية، لعلّ أول ما يُطالعنا فيها إتساع دائرة هروب الأدمغة من إيران إلی شتی أنحاء العالم. وهذا ما تقوله الإحصائيات. فمنذ أوائل التسعينات من القرن الماضي بدأ أکثر من 150 ألف إيراني من أصحاب الأدمغة بمغادرة البلاد کل عام. إلی جانب هجرة ما يقدّر بنحو 25 بالمئة من مجموع الإيرانيين الذين تلقّوا التعليم العالي إلی ما بعد المرحلة الثانوية، وهذا ما أکدّه تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي عام 2009 في إشارة إلی أن إيران تتصدّر قائمة البلدان التي تفقد النخبة الأکاديمية المتخصّصة لديها بمعدّل خسارة سنوية تتراوح بين مئة وخمسين ألف إلی مئة وثمانين ألف من المتخصّصين، هذا دون أن نَحصی الأعداد الکبيرة من الذين نزحوا هرباً من حملة القمع السياسي التي جاءت عقب احتجاجات الشعب الإيراني عام 2009. ثم عاد نفس الصندوق في العام 2013 فصنّف إيران في المرکز الأول بين دول العالم بالنسبة لهروب الأدمغة خلال الأعوام الأخيرة الماضية، حسبما أوردت ذلک صحيفة انتخاب بتاريخ 15 أيار / مايو 2014.
ووفقاً للإحصاءات الحالية فإن أکثر من 250 ألف طبيب ومهندس إيراني، وکذلک أکثر من 170 ألف من حاملي الشهادات العليا يعيشون في الولايات المتحدة فقط. أما التقارير الرسمية المقدّمة من دائرة الهجرة والجوازات عام 2008 فتقول أنه تمّ تسجيل أعداد المهاجرين من البلاد بحثاً عن حياة أفضل بمعدّل 3.2 أشخاص من حملة شهادة الدکتوراة يومياً، و15 من حملة الماجستير، والمئات من حملة شهاداة البکالوريوس في التخصصات المختلفة، وقد اعترف وزير العلوم والتکنولوجيا والبحوث السابق رضافرجي دانا بأن الأعداد الهائلة من النُخب التي تترک إيران هرباً من وضعه القاسي تُقدَّر بمئة وخمسين ألف سنوياً. وکما جاء علی لسان حسن حسيني نائب رئيس المعهد الوطني للنُخَب المختارة، حسب إذاعة « بي بي سي» في 2 تموز /يوليو 2013 أن 308 من حائزي ميداليات الأولمبياد و350 من بين أفضل الفائزين في الإمتحانات العامة في البلاد قد هاجروا من إيران ما بين 2003 و2007.
فليس من المستبعد أن نسمع من مراکز الإحصاء الأميرکية لتقول أن الجالية الإيرانية في الولايات المتحدة هي الجالية الأعلی تثقيفاً من جميع الجاليات الأخری التي تعيش في أميرکا.
أما بالنسبة لمجموع أعداد المهاجرين إلی الخارج من مختلف أطياف الشعب الإيراني فقد تصاعدت ووصلت لأول مرّة في تاريخ البلد إلی ستّة ملايين، منهم حوالي مليوناً ونصف في الولايات المتحدة،
وأکثر من نصف مليون في کل من ترکيا والإمارات، و400 ألف في کندا، و230 ألف في ألمانيا، و155 ألف في فرنسا…
وفي المجال نفسه صرح جواد قوام شهيدي الأمين العام لمجلس الإيرانيين المقيمين خارج البلاد أن عدد الجالية الإيرانية يشکل 7بالمائة من نسمة البلاد ما يعادل عددا يترواح بين 5 إلی 6 ملايين، وذلک بناءا علی ما نقلته عنه إذاعة صوت أمريکا في 11 ديسمبر 2014
وذکرت الوکالة الرسمية للأنباء -إيرنا ـ في 12 يناير 2014 استشهاد رئيس الجامعة الإسلامية الحرة حميد ميرزادة بتصريحات وزير العلوم حول إحصاء هروب الأدمغة إلی الخارج قائلاً إن 150ألف شخص يغادرون البلد سنوياً، وأضاف قائلاً: إذا کانت تکاليف دراسة کل شخص من المدرسة الابتدائية حتی الدراسات العليا تساوي مليون دولار في البلاد، فستلحق من جرّاء مغادرة 150ألف شخص البلد سنويا خسائر وأضرار تقارب مرة ونصف المرة من خسائرالحرب المفروضة [الحرب الإيرانية العراقية] وهي تبلغ أکثر من 97مليار دولار طبقا لإحصائيات الأمم المتحدة.
فإذا کان القمع والإرهاب هما السبب الأقوی وراء هجرة الأغلبية العظمی من هؤلاء، فإن الوضع الإجتماعي وحالات الفقر والإدمان تُعدّ من الأسباب الأساسية الأخری. ومن بين العوامل التي تسهم في هجرة العقول هي وجود الرفاهية الاقتصادية والآفاق التعليمية الأفضل في الخارج. وتمثل عدم قدرة النظام علی الاستجابة لاحتياجات مواطنيها، إلی جانب ارتفاع معدلات البطالة والنقص العام في الأمن الفکري والاجتماعي، جميعها عوامل تساهم في هجرة العقول. بالإضافة إلی أن الرقابة الذاتية تمنع الناس من التفکير والکتابة بحرية، کما أن وجود مثل هذا القيد يجعل البحوث العلمية سواء کانت علمية أو اجتماعية صعبة للغاية.
وإذا أردنا أن نعود قليلا إلی الوراء فإن الهجرة من إيران بدأت بعد فرض القمع الشامل والإعدامات السياسية في الثمانينات وبعد خطة التجنيد الإجباري أثناء الحرب الإيرانية العراقية.
قبل ذلک أغلق النظام جميع الجامعات الإيرانية من خلال «الثورة الثقافية» التي أمر بها خميني. وآنذاک تحدث خميني في 31 أکتوبر عام 1980عن هجرة الأدمغة بقوله:
“إنهم يتحدثون عن أن هناک هجرة للعقول. دع هذه العقول المتهالکة تفر. لا تحزنوا عليهم، ودعوهم يواصلوا إثبات هوياتهم في الوجود. هل کل عقل يتميز بـ – ما تطلقون عليه – علم؛ جدير بالاحترام؟ هل علينا الجلوس والحزن لهربهم؟ هل علينا أن نقلق لهرب هذه العقول إلی الولايات المتحدة أو بريطانيا؟ دع هذه العقول تفر ويحل محلها أخری مناسبة أکثر… لماذا تتناقش مع هذه العقول العفنة [لهؤلاء] الأشخاص الضائعين؟… هل هم يفرون؟ ليهربوا إلی الجحيم جميعًا. دعهم يهربوا. فهم ليسوا علماء. هذا أفضل. لا تهتموا. فهم عليهم أن يهربوا. [إيران] ليست المکان المناسب لهم ليعيشوا فيه. وهذه العقول الفارة ليست ذات فائدة لنا. دعهم يفروا.”
وإذا أخذنا في الاعتبار بأن خميني وأفکاره مازالت تسيطر علی الحاکمين في إيران وهم يطبّقون أفکار خميني باستمرار، وخامنئي ليس سوی تلميذ بارع لخميني فنصل إلی ما نقلناه من القرآن الکريم بأن هذا النظام حقيقة أهلک الحرث والنسل في إيران.



زر الذهاب إلى الأعلى