مقالات

الشطرنج السوري.. والنقلة الأخيرة!- طارق الحميد

الشرق الاوسط
15/12/2012



بقلم: طارق الحميد
شهدت الأيام القليلة الماضية ما يشبه لعبة الشطرنج في الأزمة السورية حيث تحرکت کل القطع لتحاصر الأسد وروسيا، وکل حلفاء الأسد، وبشکل لافت دفع الروس للانفعال، والارتباک. فبعد أن شاع أن الأميرکيين والروس يجتمعون في جنيف بحضور الأخضر الإبراهيمي لمناقشة الأزمة السورية، أعلنت الولايات المتحدة، وعلی لسان رئيسها، الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري کممثل للشعب السوري، وعشية اجتماع مجموعة أصدقاء سوريا في مراکش، الذي اعترف بائتلاف المعارضة السورية أيضا کممثل وحيد للسوريين، وفيه أعلنت السعودية عن تبرعها بمبلغ مائة مليون دولار دعما للشعب السوري.
الاعتراف الأميرکي بحد ذاته دفع وزير الخارجية الروسي لإصدار تصريح ينم عن إحباط، حيث قال: «استغربت إلی حد ما عندما عرفت أن أميرکا اعترفت من خلال رئيسها بالائتلاف الوطني کممثل شرعي للشعب السوري»، مضيفا: «نستنتج بالتالي أن أميرکا قررت أن تراهن علی انتصار بواسطة السلاح لهذا الائتلاف»! وهذا التصريح يوحي بأن موسکو قد شعرت بالخدعة، والإحراج؛ فبينما يجتمع الروس مع الأميرکيين للتفاوض حول سوريا يعلن أوباما اعترافه بالائتلاف السوري مما يعني أن واشنطن تحصر خياراتها بالتفاوض مع موسکو حول أمر واحد وهو رحيل الأسد! تلک التحرکات علی رقعة الشطرنج السوري؛ الاعتراف الأميرکي، واعتراف مجموعة أصدقاء سوريا في مراکش بالائتلاف السوري، والتبرع السعودي العلني، والذي يعني أن الرياض ماضية إلی آخر الطريق في مساعدة السوريين ضد جرائم الأسد، کل تلک التحرکات حاصرت الأسد سياسيا، مثلما يحاصره الثوار في دمشق، کما أحرجت موسکو علی کافة الأصعدة، وحددت شروط التفاوض معها حول الأزمة السورية، وخفضت سعر الأسد بيد التاجر الروسي.
والأمر لا يقف هنا، فربما تکون النقلات الأخيرة علی رقعة الشطرنج السوري هي التي دفعت روسيا للخروج بتصريح لافت، ومثير، علی لسان نائب وزير خارجيتها الذي اعترف بأن الأسد يفقد السيطرة علی البلاد «أکثر فأکثر»، وأنه لا يمکن استبعاد انتصار المعارضة، وهو ما يؤکده بالطبع، أي اقتراب سقوط الأسد، تصريحان لافتان؛ الأول للأمين العام لحلف شمال الأطلسي الذي قال فيه: «نظام دمشق يقترب من الانهيار، أعتقد أنها مسألة وقت»، والآخر هو قول وزير المالية العراقي إن سقوط نظام الأسد قد لا يکون سوی مسألة «أسابيع»! وعندما نقول: إننا أمام الشطرنج السوري فأبسط مثال علی تأکيد ذلک تلقف الخارجية الأميرکية لتصريح نائب وزير الخارجية الروسي بأن الثوار سينتصرون علی الأسد، والمسارعة بالترحيب بموسکو «لإدراکها الواقع أخيرا واعترافها بأن أيام النظام معدودة». کما أضافت الخارجية الأميرکية أن «السؤال الآن هو هل ستنضم الحکومة الروسية لمن يعملون في المجتمع الدولي مع المعارضة لمحاولة إحداث انتقال ديمقراطي سلس»؟ وبالطبع فإن هذا إمعان أميرکي بإحراج الروس، ومحاصرتهم علی رقعة الشطرنج السوري، ومن أجل دفع موسکو للتوقف عن دعم الأسد الذي يحتاج إلی مليار دولار شهريا للصمود أمام الثورة، والثوار!
خاتمة القول: إن الأسد محاصر، وموسکو محرجة، وإيران، مرشدا ورئيسا، تلتزم الصمت، مما يقول لنا إننا أمام النقلة الأخيرة في الشطرنج السوري.
 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى