مقالات

تعرف علی أساليب وطرق نقل الأسلحة الإيرانية إلی اليمن

 


 
حضرموت نت
24/8/2015



تتدفق الأسلحة من إيران إلی لبنان وسوريا واليمن وقطاع غزة وإلی مناطق أبعد منذ سنوات عديدة. ويتم تنفيذ معظم هذه الجهود الخاصة بعمليات التهريب من قبل «الوحدة 190»، وهي فرع خاص من «قوة القدس» التابعة ل «فيلق الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني. ووفقا لتقارير متعددة، تستخدم العناصر التي يبلغ عددها أکثر من 20 فردا والتي تشکل “الوحدة 190″ نظاما محکما من المؤسسات وشرکات الشحن کواجهة لإخفاء بصمات «الحرس الثوري» وتجاوز العقوبات الدولية. ويعد بهنام شهرياري، صاحب «شرکة بهنام شهرياري للتجارة»، واحدا من الشخصيات الرئيسية في الوحدة، وتدرج وزارة الخزانة الأمريکية کلا الإسمين علی لائحتها للکيانات المستهدفة.
وتستخدم «الوحدة 190» مجموعة متنوعة من الطرق لنقل الأسلحة المتطورة بحرا وجوا وبرا، وعادة ما تخبأ الأسلحة داخل حاويات إلی جانب غيرها من المنتجات الشائعة کمواد البناء. ثم توضع الحاويات علی الخطوط الجوية التجارية أو السفن (التي ترفع أحيانا أعلاما أجنبية) وترسل إلی المتلقين بوصفها سلعا غير مؤذية. وفي بعض الحالات، تمر هذه السفن عبر ميناءين أو ثلاثة قبل أن تصل إلی وجهتها النهائية. فعلی سبيل المثال، في تشرين الأول / أکتوبر 2010، عثرت السلطات النيجيرية علی قاذفات صواريخ وقنابل يدوية وقذائف هاون مخبأة في حاويات محملة بمواد البناء. وبعد إجراء المزيد من التحقيقات، اکتشفت السلطات أنه قد تم تحميل الأسلحة في مرفأ بندر عباس الإيراني علی متن سفينة «أم في إيفرست»، التي کانت تملکها شرکة فرنسية. ثم توجهت السفينة إلی الهند قبل أن تمخر عباب البحر نحو لاغوس، حيث تم اکتشاف الحاويات قبل أن تصل إلی وجهتها النهائية (التي کان يعتقد أنها غامبيا).
ولجأت «الوحدة 190» إلی أساليب أخری أيضا، ففي مراحل مختلفة استخدمت القطارات لتهريب الأسلحة إلی سوريا عبر ترکيا، والطائرات لنقل الأسلحة من طهران إلی عواصم إقليمية أخری، والشاحنات لنقلها عبر الصحراء العراقية إلی وجهتها في سوريا ومناطق أخری. أما الطريقة الأخری التي أصبحت أکثر وضوحا في السنوات الأخيرة، فهي عبر إعادة تصدير الأسلحة المصنعة في بلدان أخری، وذلک بهدف إزالة أي بصمات إيرانية. وفي آذار / مارس 2014، اعترضت إسرائيل شحنة أسلحة في البحر الأحمر کانت متجهة إلی غزة، وعثرت علی متن السفينة علی صواريخ سورية من طراز “أم -302″، نقلت من سوريا إلی إيران قبل أن يتم شحنها إلی السودان. وفي مکان آخر، أظهرت صور أخيرة قدمت من اليمن استعمال المقاتلين الحوثيين الصواريخ التي تشبه في تصميمها إلی حد کبير الصواريخ التي تصنعها الميليشيات الشيعية التابعة ل «فيلق الحرس الثوري الإسلامي» في العراق.
وعلی مر السنين، ثبت أن نطاق عمليات النقل موضع البحث قد اتسع وأصبح ضخما، حيث يستخدم «حزب الله» و «حماس» و «حرکة الجهاد الإسلامي في فلسطين» والحوثيين والميليشيات الشيعية هذه الأسلحة والمتفجرات الإيرانية بکميات کبيرة. کما تم استخدامها من قبل خلايا مختلفة کانت تخطط لاستهداف أهداف إسرائيلية وأمريکية في الخارج. وأبرز هذه الخلايا تکونت من شخصان اشتبه بهما کأفراد من «قوة القدس» التابعة ل «الحرس الثوري» الإيراني وألقي القبض عليهما في کينيا في حزيران / يونيو 2012 لتورطهما في مخططات لمهاجمة أهداف غربية هناک، بعد أن کانا قد هربا أکثر من مائة کيلوغرام من المتفجرات القوية في البلاد لهذا الغرض.
ما عدد عمليات النقل التي اعترضتها الولايات المتحدة؟
لا يحفل التاريخ الحديث حول جهود الاعتراض الأمريکية بالعديد من الأمثلة علی منع عمليات نقل الأسلحة الإيرانية. ففي کانون الثاني / يناير 2009، اعترضت المدمرة الأمريکية «سان أنطونيو» سفينة «أم في مونتشيغورسک»، وهي سفينة شحن تملکها روسيا کانت تبحر رافعة علم قبرص. وبعد توقيف السفينة في البحر الأحمر، صعد أفراد البحرية الأمريکية علی متن السفينة بإذن من القبطان، غير أن السبب الوحيد الذي سمح لهم بالقيام بذلک هو وجود اتفاق ثنائي بين الولايات المتحدة وقبرص يجيز الصعود علی متن السفن. وعلی الرغم من أن البحارة الأمريکيين عثروا علی أسلحة، إلا أنهم افتقروا إلی الصلاحية القانونية لمصادرتها، مما اضطر واشنطن إلی الضغط علی السلطات القبرصية لجلب السفينة إلی أحد مرافئها وقيامها بتفتيش الأسلحة بنفسها.
واکتشف المحققون أن السفينة کانت قد استأجرتها شرکة «خطوط الشحن لجمهورية إيران الإسلامية»، التي تدرجها وزارة الخزانة الأمريکية علی [لائحتها السوداء] ولکن سيتم شطبها کجزء من «خطة العمل المشترکة الشاملة».
وجری اعتراض آخر في کانون الثاني / يناير 2013، عندما أوقفت السلطات اليمنية سفينة «جيهان 1» بالتنسيق مع البحرية الأمريکية. وکانت السفينة في طريقها إلی اليمن حاملة صواريخ «کاتيوشيا» وأنظمة دفاع جوي محمولة علی الکتف ومتفجرات مختلفة صنعت کلها في منشآت «الحرس الثوري الإسلامي». وقد أصر أولا طاقم السفينة المؤلف من إيرانيين ويمنيين علی أن السفينة کانت ترفع علم بنما وتحمل الوقود، لکن سرعان ما تم العثور علی الأسلحة. ووفقا للمسؤولين اليمنيين، احتجز طاقم «جيهان 1» فضلا عن السفينة.
وتمت مصادرة الأسلحة، لکن مصير أفراد طاقمها اليمنيين المکون من ثمانية أشخاص والسفينة نفسها غير محدد في تقارير المصادر المفتوحة حول الحادثة. وفي نيسان / أبريل 2015، أرسلت «المجموعة الضاربة بقيادة حاملة الطائرات ثيودور روزفلت» إلی خليج عدن لاعتراض مجموعة من السفن الإيرانية التي زعم أنها تحمل أسلحة للحوثيين.
ومع ذلک، لم تکن هذه الاعتراضات في المخطط الأکبر إلا غيضا من فيض. فلا تزال الخطوط الجوية والسفن التجارية تصل إلی وجهاتها في سوريا ولبنان وغزة واليمن، محملة بأطنان من الأسلحة، مما يعزز القدرة القتالية لنظام الأسد ومختلف المنظمات المتشددة والإرهابية. وکانت هذه الحقيقة واضحة کالشمس في حرب غزة في صيف عام 2014، عندما أطلقت «حماس» صواريخ تشبه في تصميمها إلی حد کبير صاروخ «أم -302» السوري. وقد عرضت الحرکة أيضا طائرات من دون طيار من طراز «أبابيل» وأسلحة أخری تلقتها من إيران.
وبالمثل، لا يزال نظام الأسد وحليفه «حزب الله» يستخدمان الأسلحة الإيرانية لمحاربة الثوار في سوريا. ونظرا إلی الأدلة المصورة التي صدرت من اليمن حتی الآن، يمکن الافتراض بشيء من اليقين أنه بمجرد أن ينقشع الغبار هناک، سيتم اکتشاف استخدام الحوثيين للأسلحة الإيرانية بشکل کبير.
إن الحقيقة هي أن الاعتراضات تخضع للعديد من القيود القانونية واللوجستية، کما ثبت في حالة سفينة «أم في مونتشيغورسک»، مما يجعل من الصعب جدا علی الولايات المتحدة وغيرها من الدول وقف شحنات الأسلحة. وکانت السلطات الأمريکية قد قدمت المساعدة في عمليات اعتراض أخری، وفي الدرجة الأولی من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية مع دول المنطقة، غير أن بعض هذه الدول يفتقر إلی الموارد أو الإرادة السياسية للمساهمة في جهود مکافحة تهريب الأسلحة.
سوريا و «حزب الله»
تستخدم إيران بشکل أساسي الطريق الجوي إلی سوريا، بإرسالها الأسلحة عبر الخطوط الجوية التجارية مثل «ياس إير» و «الخطوط الجوية الإيرانية» و «ماهان إير». وبعد هبوط طائرات هذه الشرکات في دمشق، تنقل هذه الشحنات إلی المخازن السورية أو مباشرة إلی «الوحدة 108» في «حزب الله»، المسؤولة عن نقل الأسلحة من سوريا إلی لبنان.
ومن أجل اعتراض هذه العمليات المتعلقة بالنقل [والتهريب]، ينبغي علی الولايات المتحدة إجبار الطائرات علی الهبوط (افتراضا أثناء عبورها فوق الأراضي العراقية) أو منعها من الوصول إلی المطارات السورية. وفي الماضي، حثت واشنطن العراق علی إجبار الطائرات الإيرانية التي تحمل الأسلحة علی الهبوط عندما تعبر في مجالها الجوي، لکن بغداد رفضت بحجة أنها مقيدة بفعل المزاعم الإيرانية بأن الطائرات کانت تحمل مساعدات إنسانية فقط. ولا تتمتع الولايات المتحدة حاليا بنفوذ کبير علی العراقيين في هذه المسألة، ذلک أن طهران توفر مساعدة کبيرة لبغداد في قتالها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش») / «الدولة الإسلامية»، بل يمکن القول حتی إنها تفوق المساعدة التي تقدمها واشنطن.
وبدلا من ذلک، يمکن أن تحاول الولايات المتحدة العمل مع حلفاء آخرين کإسرائيل، فتزودهم بالمعلومات الاستخباراتية التي من شأنها أن تساعدهم علی اعتراض الشحنات الإيرانية. بيد، لا تملک إسرائيل خيارات قابلة للتطبيق دبلوماسيا بحيث تستطيع من خلالها منع الطائرات الإيرانية من الهبوط في دمشق. وجل ما يمکن أن تفعله هو أن تتحرک بعد وقوع الحادثة، فتستهدف القوافل البرية التي تنقل الأسلحة إلی مواقع أخری في سوريا أو لبنان، وهو تکتيک يحمل في طياته مخاطر تصعيد کبيرة. وفي هذا الصدد، عندما سئل وزير الخارجية الأمريکي جون کيري في الخامس من آب / أغسطس، عما إذا کانت الولايات المتحدة تعترض شحنات الصواريخ من إيران إلی «حزب الله»، أجاب لمحاوره قائلا: «أجل، عندما نراها. إسرائيل تقوم بضربها. وإذا رصدتها إسرائيل، فإنها ستقصفها ». صحيح أن التاريخ الحديث يظهر أن الاستخبارات الأمريکية اکتشفت عددا أکبر من عمليات نقل الأسلحة (کما هو الحال عندما حثت الإدارة الأمريکية بغداد علی اعتراض الطائرات الإيرانية)، لکن، رغم ذلک، وصلت هذه الأسلحة إلی وجهتها في سوريا. وهذا يدل علی أن الاعتراض ليس بالمهمة السهلة، وأن الکشف الاستخباراتي لا يکفي، بل يشترط وجود إرادة سياسية في بعض الأحيان.
المحصلة
يحاول المسؤولون الأمريکيون إقناع حلفائهم بأن الولايات المتحدة ستردع الأذية التي تسببها إيران في الشرق الأوسط بعد تنفيذ الاتفاق النووي. ووفقا لکيري، يکمن العنصر الأساسي في هذا الردع في «مضاعفة رهانها» علی اعتراض عمليات نقل الأسلحة الإيرانية. ومع ذلک، فإن الواقع علی الأرض يشي بأن الآليات القائمة لاعتراض هذه الأسلحة ليست کافية. ففي السنوات الأخيرة، نجحت «الوحدة 190» و «قوة القدس» التابعة ل «الحرس الثوري» الإيراني إلی حد کبير في تسليح وکلاء إيران في جميع أنحاء المنطقة في الوقت الذي کانت فيه الآليات نفسها قيد التطبيق. وإذا أرادت الحکوم


ة الأمريکية تحقيق وعود الردع التي قطعها الرئيس أوباما ووزير الخارجية کيري وتظهر لحلفائها أنها تشارکهم اهتمامهم بمراقبة السلوک الإيراني في المنطقة، سيتعين عليها اعتماد آليات أفضل. وعلاوة علی ذلک، ونظرا إلی أن معظم الشحنات الإيرانية متجهة هذه الأيام علی ما يبدو إلی سوريا و «حزب الله»، سوف تتطلع دول المنطقة إلی الرد الأمريکي في وجه هذا التحدي. وإذا ما علمنا التاريخ الحديث شيئا ما، فهو أن الردع الحقيقي سيکون مستحيلا دون تقييد وصول الطائرات الإيرانية إلی دمشق.
*دراسة معهد اشنطن

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى