مقالات

خطة إيران لقتل العراق بأيدي العراقيين

 



کتابات
12/11/2014



بقلم: فالح العتابي


 


اضطهادُ السنّة أضعف الدولة وفکّک المجتمع !!
مادام العراق يتعرض لحرب إرهابية شرسة تُهدّد وجوده ومستقبله، فإن انتصارات المقاومة الرسمية والشعبية علی (داعش) لا تکتمل وتتطور وطنياً إلّا إذا أقترنت بإنجاز مشروع الوحدة الوطنية فعلياً علی الصعيدين الرسمي والشعبي. هذا فقط ما يسد الثغرات القاتلة التي ترکتها حکومتا المالکي (2006 – 2014) والتي أدت إلی تسليم الموصل ومجزرة سبايکر وغيرهما من جرائم ومآسٍ مازلنا ندفع ثمنها لحد الآن.
إن ما أراده الديکتاتور الفاشل نوري المالکي هو إعادة الحياة لسلطة الأجهزة علی حساب سلطة القانون اعتماداً علی مجموعة وصوليين أنذال وعلی (فلسفة) جهنمية مفادها (إن السياسي الذکي هو الذي يستثمر الظروف والمستجدات لمصلحته) حتی لو أدت إلی إضعاف الدولة وتفکک المجتمع!
إنه مشروع إعادة إنتاج الديکتاتورية وهو أمر مستحيل طبعاً، لأن الديکتاتورية لا تتأسس استناداً لرغبات هذا السياسي أو ذلک، إنما تتکاتف علی إنجازها جملة عوامل داخلية وخارجية .. الخ. إن الظروف القائمة الآن هي عکس الظروف التي انتجت ديکتاتورية صدام حسين في السبعينات، لکنَّ ثقافة نوري المالکي لا تسمح له بإدراک ذلک فاستمر باستثمار الأزمات المتراکمة والمفتعلة بل وسمح للإرهاب بالتصاعد خدمةً لأوهامه التسلطية، ما أدی لخلق مناخ مناسب لإدامة الانشقاق الداخلي وإعطاء الإرهابيين مزيداً من الأوراق المجانية، تذکروا إن الإعلان عن تأسيس تنظيم داعش قد تم بعد عمليات الهروب الجماعية لمئات الإرهابيين من سجون التاجي والموصل وغيرهما حيث تم التأکد بالبراهين الملموسة والتي نُشرتفي حينه بأن أجهزة المالکي کانت ضالعة بهذه الجريمة، جريمة تهريب الإرهابيين ..
والسؤال المهم الآن: هل سيوفر رئيس الوزراء الجديد فرصةً للمتضررين من مشروع الديکتاتورية للوقوف معه لإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية وسلطة القانون؟ لکي يفعل حيدر العبادي ذلک، لا بدَّ من أولويات وطنية يأتي في مقدمتها رفع الظلم والحيف عن آلاف المعتقلين تعسفاً. ففي العراق تفريط بحقوق الإنسان وانتهاکات صارخة للدستور ذاته! إن واحدة من أکبر خطايا حکومة المالکي هي اعتقال عشرات الألاف من أبناء المناطق السنّية تعسفاً، حيث قضوا سنوات في المعتقلات دون سبب سياسي أو مبرر قانوني!
فالاعتقالات تمت من دون أمر قضائي! وهذه مخالفة دستورية إذ تنص المادة 15 من (باب الحقوق والحريات): (لکل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون وبناءً علی قرار صادر من جهة قضائية مُختصة) وتنص المادة 19 من نفس الباب، الفقرة 13 (تُعرض أوراق التحقيق الابتدائي علی القاضي المختص خلال مدة لا تتجاوز أربعاً وعشرين ساعة من حين القبض علی المُتهَم، ولا يجوز تمديدها إلا مرة واحدة وللمدة ذاتها).
إن الخدعة الإعلامية التي تتستر بها الأجهزة الأمنية هي تهمة الإرهاب! وعندما تُمارس حکومة ما إرهاباً رسمياً ضد مواطنيها وتتظاهر بأنها تقاوم الإرهاب، نکون أمام إلتباس خطير، أخلاقياً وقانونياً، کان علی القضاء العراقي أن يتدخل لإيقافه مبکراً لکنه لم يفعل وربما لم يتمکن. علی القضاء أن يفعل ذلک الآن ويشرح لماذا لم يتمکن سابقاً.
شهدت محافظات الأنبار ونينوی وصلاح الدين منذ 25-12-2012 تظاهرات حاشدة شارک فيها علماء دين وشيوخ عشائر ومسؤولون محليون ضمن حراک واسع حظي بتأييد الرأي العام وکان المؤمل أن يکون إمتداداً لتظاهرات 2011 رغم محاولات القاعدة والبعثيين اختراقه، لکنَّ المطالب لم تهدف لتخريب العملية السياسية کما أدعی المالکي، بل لتحقيق العدالة برفع اليد عن المعتقلين الأبرياء ومعالجة أزمة تردي الخدمات وقضايا الفقر والبطالة. إن اختراق (القاعدة) لبعض هذه الاحتجاجات لم يخلط الأوراق علی المعنيين، فوقتها اتهم زعيم التيار الصدري مقتدی الصدر رئيس الوزراء بالتخلي عن المسؤولية وإلقائها علی عاتق وزرائه داعياً إياه إلی الاستجابة لمطالب المتظاهرين.
وبعد أسابيع شعرت حکومة المالکي بخطر انتشار التظاهرات واحتمال انتقالها إلی بغداد، فبدأت بإطلاق سراح دفعات من الضحايا. أطلقت خلال 2013 أکثر من ثلاثين ألفاً منهم، لاحظوا خطورة الرقم رجاءً، بينما بقي وراء القضبان في العراق الديمقراطي آلاف المعتقلين الآخرين!
وللتأکد نورد من أرشيف 2012 (وفيما يخص قضايا المعتقلين، قال المالکي إنه طلب من رئيس مجلس القضاء الأعلی في وقت سابق من عام 2012 بالتسريع في اجراء المحاکمات من خلال زيادة عدد الهيئات القضائية المختصة، وهو ما تمت الاستجابة له، إذ تم الأفراج عن أکثر من 11 ألف سجين خلال العام 2011) أن زيادة عدد الهيئات القضائية لا لزوم له لأن المعتقلين غير متهمين أساساً! ولم تکن أية أدلة ضدهم، وأعتقالهم لم يکن لأسباب طائفية کما توهم البعض، فالشيعة ليسوا في بحبوحة وليست لهم مصالحة في هذه الاعتقالات، بل الهدف هو تکريس الانشقاق بين العراقيين لإضعاف المجتمع السياسي وتفکيک الدولة وهذا هو (تکليف) المالکي من قبل الولي الرقيع علي خامنئي ضمن خطة إيران الجهنمية وهي قتل العراق بأيدي العراقيين!!
والسؤال الآن أيضاً: ألا يُضعف استمرار هذا التعسفُ الجبهةَ الوطنية لمقاومة الارهاب؟ أليست سياسية المالکي تلک هي الحاضنة التي تدفع الضحايا لخيارات عدمية کالعنف وکراهية الدولة؟
وفقاً لمصادر قضائية وتصريحات مسؤولين، لاحظوا المفارقة التالية: في 3-2-2013 قال حسين شهرستاني رئيس اللجنة الوزارية لمتابعة شؤون المحتجّين (إن
عدد المفرج عنهم خلال الأسابيع الماضية تلبية لمطالب المتظاهرين بلغ ثلاثة آلاف معتقل. موضحاً إن هناک ثلاثين ألف معتقل حالياً في السجون، بينهم 17 ألف مدان بقضايا تتعلق بجرائم مدنية، وإن 6 آلاف من بين 13 ألفا الباقين مدانون بـجرائم إرهابية. وسبعة آلاف آخرين تحت التحقيق) ويتضح عدم الدقة والتشوش في تصريح شهرستاني حين نلاحظ أنه في 13-5-2013 تم الأفرج عن خمسة آلاف معتقل ورفع الحجز عن 11 ألف دار. وأيضاً ووفقاً للمتحدث بإسم القضاء عبد الستار بيرقدار إن المحاکم أفرجت في آيار (مايو) 2014 عن 8307 متهمين لم تثبت إدانتهم) حيث تأکد أن الغالبية أبرياء مظلومون وليسوا مدانين بجرائم إرهابية کما أدعی البعض!
لقد شجع مناخ الظلم والجور هذا علی انتشار التعسف حيث شهدت البصرة أيضاً اعتقالات وعمليات اختطاف ومآسٍ لم تعد خافية علی أحد! وجميعها مخالفة للقوانين!
إذا أرادت حکومة العبادي اکتساب المصداقية فعليها رفع الحيف عن المظلومين، وعندما نقول: إيقاف اضطهاد السنة مهمة لا تقبل التأجيل، نعني رفض الثقافة المتعفنة التي أسّستها الحکومة السابقة لتبرير انتهاک مبادئ حقوق الإنسان!
لقد بدأت قواتنا المسلحة بتحقيق انتصارات واقعية علی داعش ومشروعها الجهنمي، فيصبح من باب أولی رفع الظلم والحيف عن المعتقلين الأبرياء لإحقاق الحق أولاً، وثانياً لتوفير أفضل زخم شعبي ممکن لدعم المواجهة المستمرة مع فلول الإرهاب. وأخيراً: ما الجدوی من مؤتمرات المصالحة إذا کان المجتمع غارق بالفساد والاعتقالات التعسفية؟!

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى