العالم العربيمقالات

ترمب: خطأ انسحابنا من العراق

 


 
الشرق الاوسط
24/3/2017

 

بقلم: عبدالرحمن الراشد

 

کرر الرئيس الأميرکي دونالد ترمب رأيه بشأن أزمة العراق، وسبق أن أعلنه خلال حملته الانتخابية، قائلاً: «ما کان ينبغي أن ندخل، وعندما دخلناه ما کان يفترض أن نغادر». وفي حکومة ترمب وزراء وعسکريون عندهم خبرة مهمة تعاملوا مباشرة مع العراق، ويبدو أنهم يشکلون رأي الإدارة الحالية في واشنطن حيال ما ينبغي فعله هناک.
يری ترمب أن إيران استولت علی العراق بسبب تراخي إدارة أوباما وخروجها من هناک دون تقدير للنتائج السلبية، وهذا يطابق رأي الجنرال مايکل فلين مستشار الأمن القومي السابق، ومماثل لرأي جيمس متيس وزير الدفاع. کلهم يرون إيران أم المشکلات ومصدرها في العراق وسوريا واليمن.
أما إدارة الرئيس السابق باراک أوباما فقد کانت تری أن إيران مفتاح الحل لأزمات المنطقة، ولهذا اختارت التعاون معها في العراق. نظرية أن إيران هي الحل سقطت في النهاية، لأنها التي زادت النزاعات تعقيداً، وأضرت بمصالح الدول الکبری، واليوم هي التي تهدد الأمن الإقليمي کله.
وقد وضعت إيران معظم ثقلها في العراق مستغلة إکمال أوباما سحب کل ما تبقی من القوات الأميرکية في بداية رئاسته. وهذه وجهة نظر جدلية تفترض أن بقاء بعض القوات في مناطق معينة في العراق کان مهماً کرسالة رادعة لإيران، ودعم قوي للسلطة العراقية المرکزية. وإدارة ترمب تعتبر العراق دولة مهمة استراتيجياً، وأنه رغم الخسائر التي منيت بها الولايات المتحدة ما کان ينبغي التفريط فيها بسهولة کما فعلت الإدارة الأميرکية السابقة. وقد تابعتُ النقاش الدائر في الولايات المتحدة حول هذه الجزئية تحديداً، بين المنظرين والسياسيين السابقين، وکذلک امتداداته علی «تويتر»؛ فالذين کانوا مرتبطين بإدارة أوباما آنذاک يقولون إن ترمب يخطئ في اتخاذ إيران عدواً لخطورتها علی أمن الولايات المتحدة ومصالحها، وبخاصة في العراق بحکم تغلغلها وسطوتها، ورأي الطرف الآخر أن تمکين إيران من دولة ثرية واستراتيجية، مثل العراق، سيهدد مصالح واشنطن أکثر مستقبلاً، وبالطبع أمن المنطقة.
وليس صعباً علينا فهم وإدراک خطورة استيلاء وتفرد نظام طهران بالعراق، الذي نری بوادره منذ أکثر من عامين، حيث يستخدم الإيرانيون أراضي وأجواء وميليشيات وقوات العراق لأغراضهم، وکذلک مداخيله المالية في تمويل نشاطاتهم العسکرية والسياسية الإقليمية. وسبق لمتحدثين في البرلمان الإيراني أن أطروا ما يفعله «فيلق القدس» الإيراني في حروبه الخارجية، وقالوا إنه لم يکلف الخزينة الإيرانية دولاراً واحداً، وذلک رداً علی انتقادات الرئاسة في طهران. الحرس الثوري يستخدم الأموال العراقية في تمويل أعماله العسکرية في المنطقة، ابتداء من العراق نفسه.
ومع أنه ليس سهلاً إخراج الأجهزة الإيرانية من العراق، فإنه أيضاً لا يمکن التخلي عنه فريسة سهلة. العراق ليس بالبلد الذي يمکن الاستيلاء عليه بسهولة بحجة أنه امتداد جغرافي طبيعي وقريب طائفياً من إيران؛ فکل دول المنطقة متجاورة ومتماثلة إثنياً وطائفياً، وهذا لا يجعلها مائدة مفتوحة لمن شاء الاستيلاء عليها باسم الجوار والطائفة والتاريخ المشترک.

زر الذهاب إلى الأعلى