العالم العربي

توافقٌ بين وزراء ترامب ودول الخليج تجاه إيران

 
 
9/2/2017
 الرياض- کشفت ورقة بحث إستراتيجية أعدها معهد دول الخليج العربية بواشنطن، أن هناک توافقًا بين وزراء حکومة الرئيس الأميرکي دونالد ترامب ودول الخليج تجاه ضرورة اتخاذ موقف صارم تجاه إيران، وأوضحت الورقة، التي اعتمدت في استشفاف سياسات الإدارة الجديدة علی تحليل شهادات وزراء ترامب خلال جلسات المصادقة علی تعيينهم  أمام الکونغرس الأميرکي، أن رؤية وزراء ترامب ورؤية دول الخليج تطابقت حيال قضايا الاتفاق النووي ودور إيران  في زعزعة الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
 
وشأنها شأن أي إدارة أميرکية جديدة، يخضع وزراؤها ومسؤولوها إلی جلسات استماع من قبل  الکونغرس، فيما تحظی هذه الجلسات باهتمام کبير، حيث  تتضمن رسائل مهمة لمواقف هؤلاء المسؤولين تجاه مختلف القضايا، هذا واعتمدت الورقة  البحثية علی تحليل شهادات کل من جيمس ماتيس وزير الدفاع، ومايک بومبيو رئيس وکالة الاستخبارات المرکزية، وجون کيلي وزير الأمن الداخلي، وريکس تيلرسون وزير الخارجية، وهم يمثلون أرکان السياسة الخارجية الأميرکية.
جون کيلي وزير الأمن الداخلي الاميرکي
 

تهديد مشترک
 
الورقة البحثية، التي حصلت “إيلاف” علی نسخة منها، أوضحت أن “جيمس ماتيس” وزير الدفاع الأميرکي، اتخذ في شهادته موقفًا متشددًا حيال إيران، مشيرًا إلی أنها أکبر قوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، وان سياساتها تتعارض مع مصالح أميرکا، کما اوضح أن إستراتيجية واشنطن يجب أن تقوم علی محاربة الإرهاب وتقديم الدعم للحکومات المتجاوبة والتصدي لهدف إيران بالهيمنة الإقليمية، مؤکدًا أن إيران أثبتت دورها کمصدر للاضطرابات الأساسية في الشرق الأوسط، وأنها  تشکّل تهديدًا مشترکًا للولايات المتحدة والعرب.
 
و لم يتفاجأ مراقبون من هذا الموقف المتشدّد  لـ “ماتيس” تجاه إيران، حيث کان أثناء ترؤسه للقيادة المرکزية الأميرکية، وهي محور الوجود العسکري الأميرکي في الشرق الأوسط، ذا موقف حازم تجاه سوء سلوک إيران، وهو الموقف الذي لم يتماشَ حينها مع المفاوضات النووية، وبالتالي أُنهيت خدماته قبل أوانها، کما يذکر عن جيمس ماتيس انه اقترح في عام 2011  ردًا عسکريًا أميرکيًا مباشرًا ضد أهداف إيرانية بسبب الهجمات المنتظمة التي تنفَّذ بتوجيه من إيران ضد القوات الأميرکية في العراق،  لکن البيت الأبيض رفض الخطة حينها.
 
وبدا جيمس ماتيس  خلال شهادته من مؤيدي التطبيق الصارم للاتفاق النووي، حيث قال إن خطة العمل الشاملة المشترکة ليست مثالية، ولکن عندما تقطع الولايات المتحدة وعدًا علينا أن نسعی للوفاء به والعمل مع حلفائنا، وهو التوجّه الذي يتطابق – بحسب الورقة-  إلی حدّ کبير مع موقف دول الخليج، التي سبق وطالبت بتنفيذ الاتفاق بصرامة بدلًا من إبطاله من جانب واحد، وبينت الورقة انه نادرًا ما نجد تصوّر وزير دفاع أميرکي يتناغم تفکيره بهذا القدر مع التفکير المسيطر في بلدان الخليج.
يحترفون الغش
 
أما مايک بومبيو رئيس وکالة الاستخبارات المرکزية، فکانت شهاداته أکثر تشددًا حيال موضوع الاتفاق النووي الإيراني، حيث قال صراحة انه يتطلّع للتراجع عن هذا الاتفاق الکارثي مع أکبر دولة راعية للإرهاب في العالم، وأوضح انه عندما کان عضوًا في الکونغرس عارض الاتفاق النووي الإيراني، مؤکدًا أن مهمّته ستقوم علی الإشراف علی عمل المحلّلين المحترفين وتقديم التقييمات لواضعي السياسات، کما أصرّ في شهادته التمسّک بانتقاد الاتفاق، مؤکدًا أن إيران تشکّل تهديدًا خطيرًا لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها، وهي من أبرز الدول الراعية للإرهاب”.
 
وأفاد مايک بومبيو في شهادته أن الإيرانيين يحترفون الغش، وقال انه سيشرف علی نهج قائم علی التشکيک للتحقّق من ادّعاءات إيران بالتقيّد بشروط خطة العمل الشاملة المشترکة، وهو ما يمثل بالنسبة لدول الخليج – وفقا للورقة – عنصرًا  ثمينًا، إذ إنها لطالما عبرّت عن  تحفظات شديدة بشأن المفاوضات الدولية النووية مع إيران، کما عبّرت عن مخاوف کبيرة من  التداعيات الواسعة النطاق لخطة العمل الشاملة المشترکة، واعتبرت ان واشنطن لا تعمل بما فيه الکفاية للحد من انتشار النفوذ الإيراني في سوريا والعراق ودول عربية أخری.
 
إلی ذلک، قال زير الخارجية ريکس تيلرسون في شهادته إن إيران وکوريا الشمالية تشکلان خطرًا کبيرًا علی العالم بسبب رفضهما التقيّد بالمعايير الدولية، مؤکدًا أنه ينبغي تجديد الدور القيادي الأميرکي وترسيخه في المنطقة، اذ إن حلفاءنا يتطلّعون لعودة قيادتنا، لافتًا انه لا يمکن ان نتجاهل انتهاکات الاتفاقيات الدولية کما فعلنا مع إيران، فيما قال جون کيلي وزير الأمن الداخلي في شهادته إن إيران وحزب الله يسعيان لتوسيع نطاق نفوذهما في أميرکا اللاتينية، وأن تدخّل إيران في المنطقة عبر المراکز الثقافية يشکّل مصدر قلق، بما أنها الدولة الأولی الراعية للإرهاب.
 
وزير الخارجية  الاميرکي ريکس تيلرسون
موقف صارم
 
وخلصت الورقة أن شهادات الوزراء تعزز الشعور بأن إدارة ترامب قد تتّخذ موقفًا صارمًا بشأن إيران، وانه في حين کانت الدول العربية تحتل مرتبة ثانوية في البنتاغون فهذا لن يحصل في عهد جيمس ماتيس بحسب شهاداته امام الکونغرس، فضلاً عن تاريخه في التعامل مع سوء سلوک إيران، وهو الأمر الذي قد يمنح دول الخليج آمالًا جديدة، لاسيما وأنها شعرت بأن واشنطن  قد تخلّت عنها، خاصة خلال ولاية الرئيس أوباما الثانية، والذي لم تفلح جهوده في الطمأنة، حيث ظل شعور خيبة الأمل حياله قائمًا حتی رحيله وفريقه عن الساحة الدولية.
 
تجدر الإشارة الی أن معهد دول الخليج  في واشنطن هو مؤسسة مستقلة غير ربحية تهدف من خلال أبحاث وأوراق وتحليلات الخبراء إلی تشجيع النقاش البنّاء وتوجيه صناع القرار الذين يعدّون السياسات الأميرکية بشأن هذه منطقة الخليج الجيوستراتيجية والحساسة، کما يقوم المعهد باستضافة نقاشات وجلسات إحاطة مع صناع السياسات من الولايات المتحدة ومنطقة الخليج، بهدف تعزيز التفاعل مع صناع السياسات علی نطاق أوسع.
زر الذهاب إلى الأعلى