أخبار إيران

حجر الزاوية في الثورة السورية

 

اورينت نت
2016/2/18

 

د.سنابرق زاهدي

 


بعد بداية الغارات الروسية في نهاية إيلول الماضي وتطبيقاً للاتفاق الذي حصل بين بوتين وقاسم سليماني في موسکو ثم نتيجة اللقاء بين بوتين وخامنئي في طهران کان هناک التزام من نظام ولاية الفقيه أن يوفّر القوات اللازمة للتقدم علی الأرض تحت الإسناد الجوي الروسي. وقد تعهد قاسم سليماني وحسين همداني أمام خامنئي بتطبيق خطة “محرّم” للسيطرة علی مدينة حلب کرمز الثورة السورية وقلبها. وللوصول إلی هذا الهدف زاد نظام ولايـة الفقيه من عدد قواته إلی حوالي ثلاثين ألفاً في سوريا. لکن هذه الخطة باءت بالفشل، ولقي حسين همداني حتفه واصيب قاسم سليماني بجروح بليغة وسقط عدد کبير من جنرالات وقادة الحرس في المعارک وفشلت الخطة.
لکن قوات القدس ومنذ بدايات العام 2016 وقبيل مفاوضات جنيف وبهدف شن هجمات في محافظتي اللاذقية وحلب ضاعفت من مجمل قواته حيث وصل عناصر الحرس والقوات التابعة له بحوالي 60 ألفاً في مختلف أنحاء سوريا. فزاد عدد عناصر القوات البرية لقوات الحرس وقوات القدس إلی حوالي ثمانية آلاف. وقد أرسلت القوة البرية للحرس کتيبتين من قواته من معظم المحافظات الإيرانية إلی سوريا حيث يتم تبديل هذه القوات في کل ثلاثة أشهر. وقامت قوات القدس بتعزيز قوات الحشد الشعبي من العراق حيث بلغ عددها في الوقت الحالي بحوالي15 إلی 20 ألفاً.

والقوات العراقية التابعة لقوات القدس هي حرکة النجباء، وفيلق بدر، وعصائب أهل الحق، وکتاب حزب الله، وکتائب الإمام علي، ولواء ابولفضل العباس، وسرايا الخراساني وعدد آخر من الجماعات العراقية. عناصر قوات القدس العراقية تعبر حدود الشلامجة بين العراق وايران في الجنوب إلی مدينة عبادان ويتم إرسالها يوميا في ثلاث رحلات جوية من هناک مباشرة إلی دمشق. وهکذا نقلت قوات القدس ثلاثة آلاف من قواته المعروف بالحشد الشعبي إلی سوريا من جنوب إيران. وقسم من عناصر القوة البرية للحرس أخذوا من جامعة المصطفی للنظام الإيراني في نبل مأوی لهم.

وبهدف بدء العملية في شمال حلب ذهب محمد علي جعفري القائد العام لقوات الحرس إلی دمشق في بداية شهر شباط الحالي وقام بتوجيه قادة الحرس لبدء هذه العمليات. وبعد سيطرة قوات الحرس علی مدينة نبل عرض قاسم سليماني نفسه في هذه المدينة. إنه ذهب إلی سوريا لهذه الغرض ليظهر وکأنه شارک في المعارک وبعد عرض نفسه هناک عاد إلی إيران.

بذلک يمکننا أن نقول أن نظام ولاية الفقيه قد استخدم کل ما لديه من القوات ضد الشعب السوري ومن أجل التقدم في تلک المعارک. وخلال المعارک الدائرة منذ عشرة أيام في شمال حلب لم يکن هناک أي حضور للجيش السوري في الساحة، والمعارک دارت من قبل قوات الحرس وعملائهم الأفغان والعراقيين. وتقدم قوات الحرس حصل في ظلّ غارات جوية روسية وحشية لامثيل لها سابقاً.

وأسفرت هذه المعارک عن مئات القتلی والجرحی بين صفوف قوات الحرس. وخلال الأسبوع الماضي لقي ثلاث جنرالات الحرس حتفهم في هذه المنطقة وهم عميد الحرس رضا فرزانة القائد السابق للفرقة الـ27 “محمد رسوالله”، وعميد الحرس حسين رضائي، وعميد الحرس ستار اورنک. کما أن رئيس مستشفی “بقية الله” اعلن أن 1504 من جرحی الحرس في سوريا تم نقلهم إلی هذه المستشفی کان 425 منهم إيرانيين و1079 من غير الإيرانيين.

واضح أن هذه الجيوش التي جاء بها نظام ولاية الفقيه إلی سوريا والغارات الجوية العنيفة أدت إلی مآس کبيرة لأبناء الشعب السوري من استشهاد مئات وجرح آلاف وتشريد عشرات الآلاف بل مئات الآلاف. وبقي العالم لامبالاة حيال هذه الجرائم التي ترتقي کلها إلی جرائم حرب.

کما أن هناک خطة مبرمجة من قبل نظام ولاية الفقيه ونظام بشار وبالتنسيق الإجرامي مع روسيا واعتماد سياسة الإرض المحروقة في مختلف مناطق سوريا وذلک بالتزامن مع بداية المفاوضات في جنيف. وبعد تأجيل هذه المفاوضات إلی آخر شهر شباط عمدت هذه المجموعة بالترکيز علی إحداث تغيير حقيقي علی الأرض وقلب موازنة القوی وذلک بهدف فرض الحل السياسي الذي تحبذه روسيا. وفي هذا المجال يتناغم داعش وميليشيات الاتحاد الديمقراطي مع هذه الخطة التي تأتي لصالح بقاء نظام بشار الأسد المجرم لفترة أخری في الحکم.

لکن يمکننا أن نتيمن هنا بقول القرآن الکريم “إن يمسسکم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلک الأيام نداولها بين الناس.” فهناک مئات من عناصر وضباط الحرس الذين سقطوا وعادت توابيتهم لولي الفقيه في إيران، والحق الثوار ضربات شديدة بالعدو کما حصل في الغوطة الشرقية، واستطاعوا وسط هذه الهجمات الوحشية من استعادة بعض القری والبلدات والمناطق أيضاً. والأهم من کل ذلک أن الثوار بقوا  أکثر اتحادا وتلاحماً من السابق في وجه هذه الشراسة والهمجية.

علی المستوی السياسي أيضاً نجد المواقف المشرّفة والثابتة القوية لقادة الإ‌ئتلاف ورئيسه الدکتور خالد خوجه وکذلک لمنسق الهيئة العليا للتفاوض الدکتور رياض حجاب  وللشخصيات والمسؤولين الآخرين في المعارضة کالعميد اسعد الزعبي والسيد رياض نعسان آغا، و سالم المسلط، وجورج صبرا وميشل کيلو ونصر الحريري والسيدات من أمثال سهير الآتاسي ونغم غادري وغيرهم الذين لم يتزحزحوا قيد أنملة من ثوابت حقوق الشعب السوري. لاشک أن هذه الوحدة ووالتلاحم والمواقف الثابتة للقادة العسکريين والسياسيين هو الکفيل لبقاء راية الثورة عالية ولايمکن للعدو بکل شراسته وهمجيته من ثني إرادة شعب يريد التخلص من الظلم والدکتاتورية والاحتلال.

بعد هذه المواقف التي تعتبر حجر الزاوية في الصمود والمقاومة والثورة يأتي موقف الدول الصديقة لشعب سوريا خاصة الدول الإقليمية التي لها تأثير في المعادلة العالمية. ولاشک أن هذه الدول لايمکن أن تسمح بسقوط ثورة شعب قدّم تضحيات بهذه الأبعاد والحجم. ولايمکن لسفاح  من بشار الاسد  الذي قتل من شعبه مئات الآلاف وشرّد منهم ملايين وارتکب بحقهم أبشع الجرائم أن يبقی في السلطة.
                                                                                                                                                                                                             رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

زر الذهاب إلى الأعلى