حديث اليوم

فشل خطة العمل الشاملة المشترکة والصراع علی الانتخابات

 


استعر من جديد لهيب الحرب بشأن خطة العمل الشاملة المشترکة التي کان يبدو أنها قد خمدت في الاسابيع القليلة الماضية في ظل سائر الصراعات. وبما أن الاتفاق الشامل المشترک والتوافق النووي هو أحد حالات التراجع الستراتيجي للنظام، فان رحی الحرب حوله تدور بلاتوقف وحتی اذا خمدت ألسنة لهيبها فهو وقتي، لأن تأثير مفعوله المميت يظهر مع تقدم الأيام أکثر فأکثر.
خلال الاسبوعين الماضيين وقع حدثان تسببا في استعادة ملف الاتفاق الشامل المشترک الصدارة بين الأزمات المختلفة العاصفة بالنظام: قدمت ادارة ترامب أول تقرير لها الی الکونغرس الأمريکي عن أداء الحکومة خلال 90 يوما بشأن التزام النظام الإيراني للاتفاق النووي. وأکد التقرير أن ادارة ترامب ستدرس خلال 90 يوما الاتفاق النووي وستتضح سياساتها حيال ذلک. کما وبموازاة ذلک أکد مسؤولون في الادارة الأمريکية بدءا من الرئيس الأمريکي ترامب والی مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية کل علی لسانهم أنه يجب أن لا ننظر الی الملف النووي للنظام الإيراني من منظار منفصل عن سائر سياسات النظام منها الدور المخرب الذي يلعبه في المنطقة. وبالنتيجة اتضح أن القصر الخيالي الذی شيده روحاني علی ظهر سفينة الاتفاق النووي کان قائما علی رمال متحرکة.
ان کلام الرئيس الأمريکي وغيره من المسؤولين الأمريکيين هو أن النظام الإيراني لم يلتزم بروح الاتفاق النووي. ولکن ما هي روح الاتفاق النووي من وجهة نظر الادارة الأمريکية؟
الاتفاق النووي بدأ من جانب ادارة اوباما علی أساس وهم کأنّ هناک جناحًا معتدلًا في داخل النظام الإيراني يمکن من خلاله تحجيم النظام ودفعه تدريجيا الی التخلي عن تصدير الإرهاب والرجعية والتدخل في شؤون الدول الأخری وسائر سياساته وأدائه. ولکن رغم مضي عام من تنفيذ الاتفاق النووي، فان نظام ولاية الفقيه ليس لم يتخلی عن سياساته وبرامجه التي هي ضرورة بقائه فحسب وانما قد کثف مساعيه علی صعيد تصدير الرجعية والإرهاب لکي يملأ بذلک فراغ القنبلة النووية.
الحدث الثاني الذي تسبب في تصعيد لهيب الاتفاق النووي في النظام هو مؤتمر المقاومة الإيرانية للکشف عن استمرار النظام برامجه النووية حيث عقد في 21 ابريل في واشنطن و عرضت المقاومة خلاله وثائق وصورا لأقمار صناعية تؤکد کيف يواصل النظام مساعيه للحصول علی القنبلة النووية حتی بعد الاتفاق النووي. وأثار هذا المؤتمر حفيظة الرأي العام حسب وسائل الاعلام وشکک في التزام نظام الملالي بالاتفاق النووي.
الحدثان کلاهما تسببا في تصعيد التوتر داخل أجنحة النظام، علی الخصوص أن اجتماع اللجنة المشترکة للاتفاق النووي بين النظام ودول 5+1 قد انعقد يوم 25 ابريل في فيينا ولم ينجح النظام في نيل مطلبه من الاجتماع وهو استحصال موافقة الاجتماع علی شراء 950 طن من الکعکة الصفراء من کازاخستان.
وردا علی هکذا ظروف، وصف جناح خامنئي الاتفاق النووي بأنه کان فشلا کاملا واستخدم هذه الهراوة للضرب علی جناح روحاني بقوة. وفي المقابل فرضت علی روحاني وجناحه حالة من لحس المبرد في تبرير الاتفاق النووي والدفاع عما يسمی بانجازه. لأن المعجزات التي کان يصفها روحاني للاتفاق النووي خرجت خاوية من جهة وتم التشکيک فيها من الادارة الأمريکية الجديدة من جهة أخری. لذلک اضطر روحاني وجهازه الاعلامي الی اللجوء الی تبرير «ليقل المنتقدون ماذا کان سيحصل لولا الاتفاق النووي؟ وکيف کنا سنستطيع دفع الرواتب لو لا الاتفاق النووي؟
فهذا الموقف الخجول، أصبح أکثر ضعفا بعدما تری الادارة الأمرکيية الاتفاق النووي اتفاقا سيئا وتعتزم مراجعته مما وضع حکومة روحاني والمسؤولين عن الاتفاق في موقف حرج للغاية.
وأجاب محمد جواد ظريف وزير خارجية روحاني ردا علی سؤال المراسلين «بشأن تصريحات ترامب بأننا قد لا نلتزم بالاتفاق النووي» قائلا: لا تعيروا أهمية لهذه الأقاويل!». 
عباس عراقجي هو الآخر ادعی في کلام متناقض عقب الاجتماع السابع للجنة المشترکه لتقييم التزام النظام الايرني بالاتفاق النووي في فيينا: «الطرف الأمريکي وکذلک أطراف اوروبية قد غيروا قوانينهم خلال هذه المدة بغية تسهيل تطبيق تعهداتهم وعلاقاتهم الاقتصادية مع إيران». من جهة أخری قال «ان طلبنا من الاطراف المقابلة خاصة أمريکا يظل يبقی علی حاله دوما بسبب تأخيرهم وتباطؤهم  في تنفيذ خطة العمل الشاملة المشترکة».
ورکزت صحيفة کيهان المحسوبة علی خامنئي علی هذا التناقض وکتبت تقول:«ليس من المعلوم لنا من خلال التصريحات المتناقضة للسيد عراقجي ما اذا کانت أمريکا قد نفذت تعهداتها الرئيسة والأساسية أم خرقتها؟!».
وحتی حماة حکومة روحاني يذعنون بحقيقة أن العقوبات التي کان رفعها يشکل الهدف الأول من خطة العمل الشاملة المشترکة بالنسبة للنظام ظل أساسها قائمًا. لآنه ولو أن وزارات الخارجية في أمريکا وغيرها من الدول قد وافقوا علی رفع العقوبات المالية والمصرفية الا أنه «وبسبب الغرامات الباهظة التي فرضتها الولايات المتحدة طيلة سنوات العقوبات علی الدول الأوروبية والشرکات والمصارف، لم يستعد آي طرف رغم مضي عام ونصف العام من تنفيذ الاتفاق النووي للاستثمار في إيران ولم يقبل أي مصرف کبير التعاون مع إيران».
وهنا موقف خامنئي من الاتفاق النووي لافت للنظر. انه وخلافا للماضي (في عهد اوباما) يتجنب الانتقاد والهجوم علی الاتفاق النووي، ويمکن الاشارة الی خطابه الأخير بمناسبة البعثة النبوية يوم 25 ابريل حيث تطرق الی معاداة أمريکية للنظام ولکنه لم ينبس بکلمة بشأن الاتفاق النووي. لأنه يعلم أن الخصم هو يتحين الفرصة للتذرع به واذا منح الخصم له الفرصة لکي يبقی ما هو موجود لديه، فعليه أن يسجد سجود الشکر لله ألف سجدة..
وبذلک فان الحرب الدائرة بشأن خطة العمل الشاملة المشترکة ليست بين روحاني وخامنئي وانما بين روحاني والمهمومين، و تترک آثرها علی الصراع في الانتخابات والصراع علی السلطة الدائر في نهاية المطاف بين روحاني وخامنئي.    

زر الذهاب إلى الأعلى