العالم العربيمقالات

الحزام البری الإيرانی ينذر بحرب طائفية فی المنطقة

 

 

اليوم السابع المصرية
12/8/2017

 

 

تحليل يکتبه – أحمد جمعة

 

 

الحزام البری الإيرانی ينذر بحرب طائفية فی المنطقة.. سيطرة الحشد علی الحدود العراقية وتواجد فصائل شيعية بسوريا اتصالا بلبنان يفتح الباب لتشکيل”الهلال الشيعی”.. وتخوفات أردنية من تمدد طهران علی طول الشريط الحدودی

تشهد الساحة السورية تحولات دراماتيکية علی کافة الأصعدة خلال الأشهر القليلة الماضية فی ظل تحرکات تقودها أطراف إقليمية ودولية لوقف إطلاق النار فی سوريا، إضافة لاتفاق تلک الأطراف علی ضرورة محاربة التنظيمات المسلحة التی لا تؤمن بالحل السياسی، وتشديدها علی ضرورة تحجيم دور إيران فی المنطقة والذی سيدفع بالمنطقة إلی حرب أهلية.
 
وشهدت العاصمة الأردنية عمان عدد من الزيارات المکوکية من قبل عدد من المسئولين الغربيين، إضافة للزيارات التی قادها وزير الخارجية الأردنی أيمن الصفدی إلی العراق، وهی الزيارة التی تعد التحرک الأبرز للوزير لبحث وقف التمدد الشيعی فی المنطقة ولا سيما عقب سيطرة الحشد الشعبی علی الحدود السورية – العراقية، إضافة لتخوف عمان من مشارکة الحشد فی معرکة تحرير تلعفر.
 
التخوف الأردنی من مشارکة الحشد الشعبی العراقی فی معرکة تحرير تلعفر يأتی فی توقيت حذرت فيه أوساط سياسية أردنية من الهدف الحقيقی من تولی الحشد مهمة استعادة تلعفر الواقعة علی الحدود السورية من تنظيم داعش، مؤکدة أنه مخطط إيرانی يهدف إلی ترکيز حزام بری إيرانی يبدأ من طهران ليمر عبر العراق ثم سوريا لينتهی بلبنان الذی تسيطر ذراعها الرئيسية حزب الله علی مفاصل الحياة فيه.
 
الهواجس والتخوفات الأردنية التی حذر منها العاهل الأردنی الملک عبد الله الثانی عام 2004 باتت حقيقة تهدد أمن واستقرار المنطقة، وقد حذر الملک عبد الله من اعتزام إيران إنشاء هلال شيعی يمتد من العراق مرورا بسوريا وصولا إلی لبنان وذلک فی خطابه الشهير فی شهر ديسمبر عام 2004.
 
المخططات الإيرانية التوسعية فی المنطقة تثير مخاوف الأردن وباقی الدول العربية، فی وقت تستخدم فيه روسيا الإتحادية الميليشيات الطائفية فی مراوغة دول الجوار السوری لإجبارها علی الحلول التی يطرحها الکرملين، فی وقت تتمسک فيه طهران بتقديم کافة أنواع الدعم للميليشيات الطائفية فی سوريا والعراق فضلا عن الدعم الکبير لحزب الله اللبنانی، وهو التحرک الذی يهدد بحرب طائفية شاملة تدفع بالمنطقة لمستنقع الفوضی الخلاقة.
 
التحرکات الإيرانية المشبوهة حذّر منها رئيس هيئة الأرکان المشترکة الأردنی الفريق الرکن محمود عبد الحليم فريحات، وکشف عن تطلعات طهران لإنشاء حزام بری هدفه الرئيسی ربطها بلبنان عبر سوريا والعراق. وأکد فريحات خلال حواره مع هيئة الإذاعة البريطانية قلق الأردن من تقدم ميليشيات الحشد الشعبی باتجاه منطقة تلعفر غربی مدينة الموصل.
 
وأثارت مطالبة عدة جهات إقليمية بضرورة تحييد الحشد الشعبی عن معرکة الموصل وبخاصة تلعفر جدلا کبيرا فی المنطقة إلا أن الضغوط الإيرانية نجحت فی فرضه کأمر واقع.
 
وتشکل تلعفر القضية الأهم بالنسبة لإيران بسبب موقعها الجغرافی الذی يجعلها بمثابة محطة طريق مرکزية تضمن استمرار وصول التجهيزات المادية والحشود البشرية القادمة من إيران إلی سوريا ولبنان.
 
ويتجاوز وجود ميليشيات الحشد الشعبی الأراضی العراقية حيث تتواجد العديد من عناصره فی المناطق السورية علی غرار عصائب أهل الحق وحرکة النجباء التی شارکت بقوة فی معرکة حلب التی حسمت لصالح النظام السوری الحليف لطهران.
 
وسط تلک التحرکات المشبوهة التی تقودها طهران يلعب فصيل حزب الله اللبنانی الدور الأخطر فی المنطقة، ويلجأ الحزب اللبنانی للخطاب العاطفی العروبی لحشد أکبر عدد من المؤيدين لسياسته التی تخدم إيران فی المنطقة، ويشکل حزب الله الخطر الأکبر علی أمن واستقرار سوريا والعراق.
 
التحرکات التی تقودها طهران لم تکن غائبة عن الولايات المتحدة الأمريکية التی تحرکت جنوب سوريا لنزع فتيل الأزمة، وبدأت واشنطن أولی إجراءاتها بوقف برنامج الاستخبارات الأمريکية لتمويل المعارضة السورية، واشترطت أمريکا دمج 54 فصيل مسلح جنوب سوريا فی 4 تشکيلات مسلحة وتقليص عددها من 30 ألف مقاتل إلی 3 آلاف مقاتل تکون مهامهم الرئيسية تأمين المناطق التی تسيطر عليها المعارضة، ووافقت الإدارة الأمريکية علی تولی حکومة دمشق مهام تأمين حرکة المعابر مع الأردن وهو الشرط الذی وضعته عمان لضمان أمنها واستقرارها.
 
اللقاءات التی تجری فی الأردن وسط تکتم من القيادات السياسية والعسکرية فی عمان يکشف عن تحرک القوی العظمی لحلحلة الأزمة السورية فی الفترة المقبلة عبر تجفيف الدعم العسکری للفصائل المقاتلة، إضافة لتحرک المملکة العربية السعودية لتوحيد صفوف المعارضة السورية وإقصاء القيادات السورية المعارضة التی تدعمها قطر وتعرقل عملية الحل السياسی فی سوريا.
 
والمتابع للتحرکات الجارية فی سوريا والعراق والأردن يلحظ عدم وجود أی دور واضح للجامعة العربية فی التوافقات التی تجری بين الأطراف الإقليمية والدولية، إضافة لوجود ضبابية فی موقف الجامعة تجاه الأوضاع الجارية فی المنطقة ولا سيما علی الساحة السورية، إضافة لغياب الدور العربی الموحد تجاه المخططات الإيرانية التی ستدفع بالمنطقة للانفجار والحرب الأهلية.
 
وفی حال تحرير المنطقة من التنظيمات الإرهابية وعلی رأسها تنظيمی داعش وجبهة النصرة، ستواجه الدول العربية والإقليمية مشکلة هی الأکبر فی المنطقة والتی تتمثل فی الفصائل الطائفية الشيعية التی دخلت سوريا وتستوطن العراق وتدعمها طهران بالمال والسلاح، والسؤال هنا هل تعی الجامعة العربية طبيعة ما يجری ؟ ومتی تتحرک الجامعة لتوحيد الموقف العربی تجاه طهران؟ وهل تتمکن الدول العربية من تشکيل کيان قوی علی غرار “الرباعی العربی” لمواجهة المشروع الإيرانی الأخطر فی تاريخ المنطقة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى