أخبار إيرانمقالات

العقوبات الأميرکية علی إيران… إلی أين؟

 


21/9/2017
 
د. سلطان محمد النعيمي

 
ما إن أعلن البيت الأبيض التزام النظام الإيراني بالاتفاق النووي، وهو ما حاول تأکيده وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالقول إن الوکالة الدولية للطاقة الذرية أکدت، وللمرة السابعة، التزام إيران بالاتفاق النووي، حتی أعلنت أميرکا فرض عقوبات جديدة علی النظام الإيراني، نتيجة استمراره في تجاربه الصاروخية ودعم الإرهاب.
نسير مع القارئ الکريم في هذا المقال لاستعراض مسيرة تلک العقوبات، منذ وصول الرئيس الأميرکي ترمب للبيت الأبيض.
اتضحت ملامح موقف ترمب من النظام الإيراني منذ بداية حملته الانتخابية، والتي وصف فيها الاتفاق النووي بأنه أسوأ اتفاق مر علی الولايات المتحدة، واعداً بتمزيقه في حال وصوله إلی البيت الأبيض.
وصل ترمب إلی البيت الأبيض فبدأ معه فصل جديد في رؤية الأمور من زاوية، وقبول زوايا أخری قادمة من مؤسسات في المنظومة الأميرکية. هذا الأمر لم يمنع ترمب من السير قدماً في موقفه تجاه النظام الإيراني.
علی الجهة المقابلة، وفي ظل التوجسات من الإدارة الأميرکية الجديدة من قبل الداخل الإيراني، وتأکيد الرئيس الإيراني علی أن الاتفاق النووي ذو بُعد دولي ولا يقتصر علی دولة واحدة، والمقصود هنا أميرکا، يفاجئ الحرس الثوري المشهد بإطلاقه صاروخاً باليستياً تجريبياً، عندها تعلن الولايات المتحدة في 4 – 2 – 2017م فرض حزمة عقوبات اقتصادية جديدة علی 25 شخصاً وشرکة، بتهمة دعم برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وقد تمثلت هذه العقوبات باستهداف الشرکات التي تورد معدات إلی البرنامج الصاروخي الإيراني، والجماعات التي تساعد في تسليح ما تعتبره واشنطن منظمات إرهابية في المنطقة.
وفي أثر هذه العقوبات الأميرکية المفروضة، ناهيک عن موقفه بعد أن وضع ترمب الرعايا الإيرانيين ضمن مجموعة دول منع دخول مواطنيها للولايات المتحدة، لم يکن للنظام الإيراني أن يقف مکتوف الأيدي، فأعلن فرض عقوبات علی شرکات أميرکية يتضح أنها لا تکاد تعدو عن کونها ردة فعل غير مؤثرة، وتتمثل تلک العقوبات في تعزيز القدرات الصاروخية، هذا الأمر جعل رئيس البرلمان الإيراني يعيد التأکيد علی أن النظام الإيراني سيقف أمام هذه الإجراءات الأميرکية وممارساتها ضد طهران لم تقتصر العقوبات علی النظام الإيراني من قبل الولايات المتحدة فحسب، بل عاد الاتحاد الأوروبي، ورغم تصريحات منسقة الشؤون الخارجية حول رغبة الاتحاد الأوروبي في تعزيز علاقاته مع إيران، ليقوم بتحديث قائمة الشرکات والأفراد من إيران، والذين فرضت عليهم عقوبات في السابق. تصدر هذه القائمة رئيس السلطة القضائية الإيرانية صادق أملي لاريجاني، والمدعي العام والقاضي بمحاکم الثورة أبو القاسم صلواتي، وقائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، ومستشار المرشد العسکري فيروز آبادي إلی جانب ممثل خامنئي في الحرس علي سعيدي.
وها هو مسلسل العقوبات مستمر، ولا يزال النظام الإيراني سائراً في تجاربه الصاروخية وغير مبالٍ بالعقوبات المفروضة عليه في مجال حقوق الإنسان. ورغم تصريحات الرئيس الأميرکي ترمب بالقيام بتمزيق الاتفاق النووي، فإن تعقيدات هذا الاتفاق وأبعاده الدولية لم تکن لتسمح لترمب بالقيام بذلک دون مراعاة لما تقدم، إضافة إلی تقرير الوکالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران ملتزمة بتعهداتها، وهو ما أشار له وزير الخارجية الإيراني.
يتساءل القارئ: ما الذي يلوح في الأفق في ظل هذه السلسلة الطويلة من العقوبات؟ وهل ستطال الاتفاق النووي صراحة؟
الحقيقة أنه ورغم العقوبات الأميرکية الجديدة، فإنه من غير المتوقع أن تواجه هذه الإجراءات بردود فعل إيرانية قوية، ولن تحول دون استمرار الحرس في تجاربه الصاروخية، للتأکيد علی ضرورة عدم ربط البرنامج الصاروخي بالاتفاق النووي.
قد يستخدم البرلمان جوانب أخری في مشروعه المضاد للإجراءات الأميرکية، مثل تعزيز القدرات الصاروخية ودعم ميزانية الحرس الثوري، إلی جانب تقديم الدعم لتمويل الميليشيات في المنطقة.
يبقی الجانب الاقتصادي ورغبة الشرکات الأميرکية في الولوج للسوق الإيرانية، حالها في ذلک حال شرکات غربية أخری أو أميرکية، مثل شرکة «بوينغ» وبيعها لطائرات رکاب، إضافة إلی متغيرات المشهد الإقليمي، يلعب دوره بين رغبة ترمب وموقفه المتشدد حيال إيران، ينازعها في ذلک الواقع وزوايا الرؤية الأخری، وبين بقاء تلک العقوبات في حيز يتعايش معه النظام الإيراني.

زر الذهاب إلى الأعلى