أخبار إيران

أشرف.. قصة صمود (الحلقة السادسة والأخيرة)..

أشرف.. قصة صمود


 (الحلقة السادسة والأخيرة)..


 ملحمة ضياء إيران



محمد إقبال


ما تحدثنا عنه في الحلقتين السابقتين حول ملاحم مجاهدي أشرف، أسميناه بـ”ملحمة ضياء إيران” بحسب ما ورد في رسالة بثها مسعود رجوي قائد المقاومة الإيرانية إلی مجاهدي خلق المقيمين في أشرف في حينها. أن ملحمة ”ضياء إيران” تزامنت مع الانتفاضة الإيرانية ومجاهدوا أشرف هم الذين سجلوا هذه الملحمة باسمهم.
لم يبقی هناک شک في أن غارة الرجعيين علی أشرف ووقوف أهل أشرف الرائع خلالها، ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بانتفاضة الشعب الإيراني العارمة التي کانت قد بدأت قبل هذه الغارة بشهر ونصف. وشرحنا هذا تفصيليا في الحلقتين الأولی والثانية من سلسلة المقالات هذه. لقد کان خطئا کبيراً آخر ارتکبه خامنئي وعاد بالضرر عليه وعلی عملاء الرجعية في العراق. ولم يکن يتصور لا الخامنئي ولا المالکي هذا المدی من عزم مجاهدي خلق في أشرف علی الوقوف والتصدي وهذا المدی من تألقهم علی المستوی العالمي.
لقد ربط المالکي مصيره السياسي بمصير الولي الفقيه للنظام الرجعي. وقد استهان بالمجاهدين وأشرف. لم يکن يفکر إطلاقا في أن ”أبوغريب” آخر سيبقی نقطة سوداء علی جبينه إلی الأبد لما ارتکبته من العبث والهمجية  والجريمة ضد الإنسانية.
نعم إن مجاهدي أشرف قد خلقوا سلاحا بديعا وهم ابرياء عزل من السلاح ، لا يسترهم درع ولا خوذه ولا تساندهم دروعا ولا يحملون مناجل وفؤوس وآلات وحشية کتلک التي جنود المالکي وواجه سکان أشرف تلک الهمجية بأيديهم وأرجلهم وأرواحهم وأنفسهم  وعزيمتهم وارادتهم التي لا تلين وتشتد عند المحن، واجهوا وهم يتحملون ألاما ومعاناة لا حصر لهما ولکنها فخر وکرامة تبقی في الوقت نفسه في الذاکرة خالدة الی الأبد. بحيث رأينا أنه وفي غضون أقل من 24 ساعة وبالضبط منذ أن عرضت التسجيلات المصورة والصور في عموم العالم مشاهد اطلاق النار وجريمة القتل، بدأ الموقف يتغير وأصبحت أخبار أشرف تتصدر نشرات الأخبار في العالم. وقال مصدر إخباري موثوق به أن وسائل الاعلام الغربية والعربية قد بثت خلال الساعات الـ 36 الأولية ما لا يقل عن 3600 خبر حول أشرف کانت بينها العديد من التقارير المروعة.
بدءا من سيدني في استراليا والی اوتاوا في کندا والی روما وواشنطن ساورت الايرانيين والکثير من التيارات السياسية حالة من الاضطراب والقلق. لم نر قط خلال السنوات الماضية هکذا حالة من تغيير سريع في المواقف نتيجة دم مسفوک لشهداء وضربات تلقتها أبدان مجاهدو خلق الصامدون.
طيلة الهجوم وخلاله تمت عملية اختطاف 36 من مجاهدي أشرف وأخذوا کرهائن لمدة 72 يوما من قبل الحکومة العراقية وأصدرت منظمة العفو الدولية عدة بيانات وطلبات عاجلة أهابت فيه أعضاءها الذين يتراوح عددهم بين مليون ومليون ونصف المليون شخص في عموم العالم بارسال ايميلات ورسائل احتجاجية الی السلطات العراقية وفق استمارات العفو الدولية.
وفي غضون يومين فقط تحولت الحکومة العراقية إلی موقع دفاعي مفضوح وهزيل ومکروه جدا وأصبحت مظلومية مجاهدي خلق وعدالة قضيتهم وصمودهم الرائع وهو الموضوع الرئيس، يتناقل في العالم کحديث الساعة، وطلبت بعض الدول ومنها بلجيکا من سفرائها أن يقوموا بالتحقيق حول أحداث أشرف.
کان هجوم يومي 28 و29 يوليو 2009 هجوما يهدف إلی القضاء علی أشرف نهائيا. وکان نظام ولاية الفقيه والمتعاونون معه من العراقيين قد أعدوا کل شيء بتفاصيله لحسم أمر أشرف سواء علی الصعيد السياسي أو علی الصعيد العسکري. و أصدروا قرارات غير شرعية للقبض علی 36 من المسؤولين لمجاهدي خلق کان من المفروض أن يتم القبض عليهم بعد القضاء علی أشرف. اضافة الی ذلک فان الحکومة الأمريکية وخلافا للقوانين الدولية نکثت بتعهداتها الموقعة لحماية سکان أشرف.
وفي يومي الهجوم وثم في مقاومة 36 مجاهدا أشرفيا مخطوفا خلال 72  يوما من اعتقالهم وانتقالهم من سجن الی آخر واضرابهم عن الطعام ثم عن الطعام والشراب، قام العديد من البرلمانيين واعضاء مجالس الشيوخ في البلدان العربية والأوربية واميرکا الشمالية وأيضا في البرلمان الأوربي ونائبه بشکل خاص والعديد من منظمات الدفاع عن حقوق الانسان والمنظمات الدولية وبعض الحکومات باتخاذ مواقف وادانوا الاجراءات المشينة للحکومة العراقية مؤکدين علی حقوق سکان أشرف. ولن نتمکن من الاشارة إلی جميع هذه المواقف في هذا المختصر. ويکفي هنا أن نشير إلی قسم من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في 14 من مايس الماضي إلی مجلس الأمن الدولي حول العراق حيث يختص الفقرتين ال 53 و54 لمخيم أشرف. ويقول بان کيمون في تقريره إلی مجلس الأمن: إن الأمم المتحدة ”.. تواصل أنشطة الدعوة الرامية إلی تمکين سکان المخيم من الوصول دون عوائق إلی السلع والخدمات ذات الطابع لإنساني، وإعمال حقهم في الحماية من التشريد الجماعي التعسفي أو الإعادة إلی الوطن بالإکراه وهو ما يمثل انتهاکا لمبدأ مقبول عالميا هو عدم الإعادة القسرية. وتظل البعثة علی التزامها بمساعدة الطرفين علی التوصل إلی حل مقبول لهذه المشکلة”. وهذا الأمر نفسه يؤکد أن أشرف اصبحت الآن في بؤرة التوجهات في اعلی سلطة دولية.
ومن الضرورة أن نشير هنا إلی أنه وفي ذکری هذه المداهمات واستذکارا لشهداء هذه الملحمة وخلال ”اسبوع من الحملة العالمية للتضامن مع أشرف” قد جرت 200 مظاهرة وحفل وتجمع للدعاء والصلوات ونشاطات جماعية في مختلف مدن العالم وأرسلت مئات من الرسائل من قبل برلمانيين وشخصيات سياسية ودينية من 5 قارات في العالم للتضامن مع أشرف. المشارکون في هذه الفعاليات استذکروا شهداء ملحمة ”ضياء إيران” في 28 و29 يوليو مثمنين صمود 36 من الرهائن الأشرفيين وإضراب الأشرفيين وأنصار المقاومة الإيرانية في مختلف مدن العالم عن الطعام. وأعربت مختلف الشخصيات السياسية والدينية وناشطو حقوق الانسان من مختلف بلدان العالم ومن خلال مشارکتهم في هذه الفعاليات وإلقاء کلمات عن تضامنهم مع المقاومة الايرانية والمجاهدين الأشرفيين. کما أکدت شخصيات خارجية من عموم العالم من خلال رسائلهم وکلمات ألقوها بمناسبة الذکری الأولی لملحمة «ضياء إيران» وأکدوا أنهم سيمنعون بکل قواهم وما يحملون من عزم وأخلاق أي اعتداء يقع علی اشرف.
ودعا أنصار المقاومة الايرانية في عموم العالم ومناصرو أشرف علی الصعيد الدولي في هذه الحملة العالمية الی رفع الحصار عن مخيم أشرف خاصة رفع الحظر عن دخول العوائل والمحامين والأطباء والبرلمانيين والناشطين في مجال حقوق الانسان الی أشرف وسحب عملاء وزارة مخابرات النظام الإيراني وفيلق «القدس» الإرهابي من مدخل أشرف وإنهاء التعذيب النفسي بحق سکان المخيم وکما دعوا إلی تواجد فريق للمراقبة تابع للقوات الأمريکية في أشرف وضمان حماية سکان أشرف ومنع أي نوع من انواع العنف ضدهم وعدم نقلهم قسريا داخل العراق وضمان القوات الأمريکية لعدم تکرار کوارث مثلما وقع في 28 و29 يوليو من العام الماضي بالإضافة إلی تواجد فريق للأمم المتحدة للمراقبة في أشرف. وإلغاء مذکرات الاعتقال الغير شرعية ضد سکان أشرف. والاعتراف بحقوق سکان أشرف ومنها حقهم في التمتع بالحماية باعتبارهم أفرادا محميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة والتزام الحکومة العراقية بهذه الحقوق ومنها الحماية کما جاء في التصريح الأخير لنائب الرئيس العراقي وکذلک في قرار البرلمان الاوربي الصادر في 24 نيسان عام 2009. وأخيرا دعا أنصار المقاومة الإيرانية إلی تشکيل محکمة دولية لمحاکمة الآمرين بارتکاب مجزرة السجناء السياسيين ومرتکبيها.
نعم أشرف وبصموده ووقوفه تمکن ان يحرض العالم علی الصمود والوقوف بجانبه وتأييده. وبالرغم أن التهديدات لا زالت مستمرة وباقية وستستمر المؤامرات مادام الملالي يسيطرون علی إيران، ولکن البوادر کلها تشير إلی أن هذا النظام وذيوله الذليلون في العراق يمضون آخر أيام حياتهم. والمقيمون في أشرف هم مکونوا ومؤسسوا ومشکلوا ومقوموا وصانعوا ايران حرة متحررة معمورة خال من الرجعية و الإرهاب وجزءا من العالم المترقي.
* خبير ستراتيجي إيراني
m.eghbal2003@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى