مقابلات

سياسات خامنئي الخادعة

 

السؤال: في إشارة إلی تهديدات المسؤولين الأمريکان حول الخيار العسکري الموجود علی الطاولة، يقول خامنئي إن خطر الحرب – سواء في أيام الإتفاق النووي أم في الوقت الراهن – يمثل کذبا محضا بينما الکل يری أن عناصره وأيضا لوبياته – سواء في الماضي وفي ذروة سياسة الإسترضاء لاوباما أم في الحاضر – يثيرون فوضی عارمة حول الحرب و ما شابهها. والطريف أن خامنئي يؤکد علی عدم اختلاف سياسة اوباما عن سياسة ترامب تجاه إيران فبرأيکم أيعتقد خامنئي بما يقوله؟
محمدعلي توحيدي: کلا، إنه لا يعتقد بهذه الحقيقة وهذا الإدعاء أصلا، وبالمناسبة سلوکه يظهر بأنه يعي تماما أنه بعد ذهاب اوباما إنتهت مجموعة من الامتيازات وإن الأوضاع تغيرت له للغاية والشاهد علی ذلک هو تغيير ردود أفعال خامنئي نفسه حيث إن الفزع تملکه ويتحدث عن أمريکا بحيطة وحذر شديدين.
والآن عندما ينذره الطرف الآخر بأنک لا تلعب بالنار،إذ إنه لا يجرؤ في الواقع ويخاف خوفا بالغا من الإدعاء ومن ذکر کلام جدّي فقام بفبرکة هذه الصيغة وهذا التکتيک أو الخدعة أنه ”لا يختلف سواء إن کان اوباما أم ترامب، کلاهما سواسية“ فهذا التکتيک ليس ما يستخدمه خامنئي أول مرة.
وإذا تغاضينا عن الوجه المضحک والمفضوح للأمر، إن لهذا النظام سجلا طويلا في ممارسة هکذا خدع وهذه الدعايات المتناقضة تماما، ولنکن منصفين بأنه استطاع مرارا وتکرارا أن يخادع العالم بهکذا مراوغات ومناورات و تصريحات متناقضة وقول شيء والعمل عکسه بنسبة 180 درجة لا سيما هناک نماذج منها في الأحداث الدولية والإقليمية.
السؤال: هل من مثال علی ذلک؟
محمدعلي توحيدي: أتذکر في سنة 2003 قبل غزو العراق إن النظام کان يروج دعايات بعناصره ولوبياته ومحلليه وخبرائه الإقليميين والداخليين ولعب دورا متميزا في خداع أمريکا وبريطانيا – لاسيما أمريکا – وفي جرّهما إلی غزو العراق وفي أبريل 2004 کتبت صحيفة لس انجلس أنه ”خلال أعقد عمليات خداع وتجسس، تمکن نظام الملالي الحاکمين علی إيران من احتيال أقوی قوة عظمی في العالم ومن جرّه إلی الحرب“ وبعد الحرب انکشفت هذه القصص حيث شنّ الأمريکان هجوما علی جلبي – عنصر نظام الملالي في بغداد – فيما إنه هرب إلی إيران، لکنه انجلی في نهاية المطاف أن بريطانيا وأمريکا کلاهما انخدعوا مما انتهجه النظام من دعايات کاذبة.
واحتدمت الحرب واحتلّ العراق وبدأ النظام بإثارة دعاية شاملة أن ”هذا يمثلا احتلالا فيجب أن يرحلوا من هنا“. فکان يقول هذا من جانب ويؤکد علی أن ”حضور هؤلاء في العراق وشنّ الهجوم عليهم، يصبّان في مصالحنا“ من جانب آخر.
أتذکر آنذاک – 2006 – أصدر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بيانا يتضمن فقرة تتناول هذه السياسة المزدوجة للنظام في العراق حيث يثير الإعلام ضد الإحتلال والمحتل من جهة ويؤکد في برلمانه أنه ”کلما تسود الأزمات العراق ويتورط الأمريکان وکلما انفجرت أية قنبلة بالعراق وحدث أي حادث فيه ترتّب علی الإحتلال، فذلک ينفعنا وإنه يحبط المؤامرات الأمريکية“ من جهة أخری.
والأمر ينطبق علی موضوع مخيمي أشرف وليبرتي؛ کانوا يقولون منذ اليوم الأول أن ”المجاهدين يجب أن يطردوا من العراق“ حيث في سنة 2003 نفسها، کانوا يمارسون الضغوط ويتخذون المواقف ويحدّدون دائما مهلة أخيرة بدءا من مجلس الحکم المنحل التابع للنظام وإلی فترة مالکي وإلی الأونة الأخيرة التي يقولون فيها باستمرار ”ليُطردوا، ليُطردوا“ من جهة ثانية النظام عينه کان يوّجه الإنذار والإخطار بأنه ”إذا استقبلتم مجاهدي خلق في أي بلد فإنه يمثل إعلان حرب علينا“ وعندما تم شطب اسم مجاهدي خلق من قائمة الإرهاب للاتحاد الأوروبي ظهر خامنئي في الميدان وتحدّث نفسه مع الرئيس العراقي آنذاک أنه ”عليکم إجراء المعاهدة الثنائية ويجب طردهم من العراق ولماذا شطبهم الاتحاد الأوروبي من القائمة؟“.
فالسؤال يکمن هنا في أنکم إذا أردتم بطردهم فلماذا تثيرون العراک والشجار؟ فهنا أيضا کان يتبع السياسة الازدواجية، وفي البلاد داخليا، ما أثار عجبا کبيرا أنهم استطاعوا التمويه والتستر علی موضوع مجزرة مجاهدي خلق وهي أکبر مجزرة في القرن العشرين رغم أن الأمر انفضح فيما بعد بما قام به السيد منتظري لکنهم مارسوا الخداع والتکتم إلی أن ورقة التوت سقطت وانکشفت الإحصاءات والأعداء والتفاصيل بالتدريج.
السؤال: إنهم أظهروا فلما يتناول موضوع مجاهدي خلق لکنه أدی إلی فضيحة داخلية، فاسمحوا نری لقطات ترتبط بهذا إلی أن أثير سؤالا تاليا.
التلفزيون الحکومي:
صادق زيباکلام (من عناصر زمرة رفسنجاني روحاني): إننا مارسنا الإعدام مثل الشمر في سجن إيفين وبعد ذلک جری موضوع مجزرة سنة 1988 أي اندلعت حرب شارک فيها طرفان ولا تقدرون أنتم علی أن تقولوا الطرف الأول کان أبيض وملاکا وجيدا والطرف الثاني کان أسود وشيطان. من هذا المنطلق، الفلم لا يحتوي علی أية توعية تاريخية“.
السؤال: السيد توحيدي! عن هذا الفلم المفضوح، حتی من جانب عناصر النظام أنفسهم – ما يکون لها نماذج أکثر – ألا يتضرر النظام في الواقع؟
محمدعلي توحيدي: ما تقولونه هو صحيح، حيث جاء عنصر ينتمي إلی زمرة داخلية في النظام واعترف بـ ”أننا أعدمناهم في الثمانينات وعملنا عمل الشمر “ أو يتحدث عن مجزرة سنة 1988 فهذه الأعمال تکلف النظام بهکذا ردود فعل لکن السبب فيم يکمن؟ ولماذا يرضخ النظام لهذه التبعات ولماذا ينجرّ الأمر إلی هنا؟ باعتقادي لذلک أسباب، الأول أننا شاهدنا في معرکة التظلم ورفع الدعوی أنه رغم حدة ما ارتکبه النظام من جرائم ونشر الأکاذيب، تم بالتوعية نشر مسجل شخص يرتقي إلی مستوی السيد منتظري الذي أکد ”أننا نفذنا أمرا أدی إلی اشمئزاز الناس من ولاية الفقيه وإننا بيّضنا وجه سافاک في الجرائم“. ومساعد رئيس مجلس النواب هو الآخر يضطر إلی أن يطالب بـ ”أن يأتوا ويقدموا إيضاحات حول الحادث“ وجاء ابراهيم يونسي وبورمحمدي – وزير العدل الحالي في حکومة التدبير والأمل! والعامل المسؤول في المجزرة – وأکد: نعم، إني افتخر ولا يصيبني الأرق من ذلک وإنما أحسنت بارتکاب هذه الجرائم.
وعندما ينتشر الوعي هکذا في المجمتع وتتواجد مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت واحبط ذلک التعتيم وتلک الأجواء التي تسود المجتمع في الثمانيات فينجلي ما يکون علی رقبة النظام وتسقط ورقة التوت.
والسبب الثاني يکمن في أنهم يريدون تمويه المجزرة بالمناصفة أي ذکر نصف الحقيقة والتستر علی نصفها الآخر – أنهم مارسوا العنف وکذلک هؤلاء فعلوا وقابلوا بالمثل – أو يصوّرون الأمر ”أن ذلک حدث وأن هذا أيضا حدث ردا عليه“ لکنه ماذا کانت الحقيقة؟
الواقع أنه قبل 20 حزيران 1981 أصدر خميني فتوی إلی جميع خطبائه تؤکد أن ”مجاهدي خلق ومؤيديهم لا حرمة لهم روحا ولا مالا“! وعندما أحد مناصري المنظمة قام برفع دعوی في سنة 1980، وذکر أن عددا من حاملي الهراوات شنّوا اعتداء علی مکتبي وحرقوه وأخذوا أموالي ودمروا بيتي وإني صاحب الدعوی وأرجو النظر في قضيتي. فکتب فيما بعد قاض ذيل الدعوی أنه ”حسب ما صدر عن سماحة الإمام، لا حرمة للمنافقين روحا ولا مالا، إذن الدعوی باطلة“! فقام مجاهدو خلق آنذاک بإرسال الوثيقة برفقة رسالة إلی السيد منتظري أنه ”أنظروا ما يفعلونه“.
والآن يقولون إن العنف صدر عن کلا الجانبين. في جميع مراحل تلک الحقبة السياسية وفي کل مراسيم الخطاب وغيرها قدم مجاهدو خلق 50 شهيدا في مختلف أرجاء البلاد کلهم سقطوا خلال حملات شُنّت بالهراوات وما شابهها بينما لم يقم المجاهدون برمي حجر واحد وحاليا يقولون إن العنف صدر عن کلا الجانبين. خلال مجزرة 1988 عندما کان السجناء في السجون وکانت قد تمت محاکمتهم بينما أصدروا أوامر تقضي بقتلهم جميعا وعلی ذلک يحاولون الآن التمويه بأن ”کلا الجانبين مارسا العنف“.
والکلام الأخير يتمثل في أنه خلال المرحلة الأخيرة لهذا النظام وفي حين انکسرت هيبة ولاية الفقيه خامنئي وفي ظروف الشجار والشقاق داخليا وعندما الکل يعزف علی وتره لحفظ النظام ولإبعاده عن المهالک والمخاطر، إن خامنئي لا يقدر علی لجم البعض وتتسرب حالات شقاق وفرقة وعندما أکد رئيس النظام مؤخرا أنه يجب تبلور ”المصالحة الوطنية“ بينما جاء خامنئي فورا وکبح لجمه وضرب علی فمه أنه يجب أن تفهم ما تقوله، إخرس، ماذا تقول عن ”المصالحة الوطنية“؟ وذلک يعني إن حدة التشتت والتساقط داخل النظام يمثل عنصرا آخر يکلف النظام بهذه الصراعات وعلينا أن ندرجها من ضمن الحقائق.

 

زر الذهاب إلى الأعلى