حديث اليوم

حرکة المقاضاة، خطوة ستراتيجية نحو الأمام

 


تزامنا مع الذکری التاسعة والعشرين لمجزرة 30ألفا من السجناء السياسيين قدم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريس في الثاني من أيلول/ سبتمبر ، تقرير المقرّرة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إيران إلی الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأشارت الوثيقة موضوع مجزرة السجناء السياسيين في العام 1988 في عدة موادها مؤکدة علی إعدام آلاف السجناء من النساء والرجال والفتيات والفتيان بفتوی صادرة عن خميني ودفنهم مجهولي الهوية في مقابر جماعية کما طالبت بتحقيقات مستقلة وفعّالة فيما يتعلق بهذه الجريمة والکشف عن الحقيقة.
إن شهادة أعلی مصدر دولي بشأن أکبر جريمة منظمة ضد الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية حتی الآن جاءت نتيجة توسع حرکة مقاضاة المسؤولين عن مجزرة 30 ألف سجين سياسي عام 1988 مما جعل النظام اللاإنساني الحاکم في إيران قلقا للغاية. وتجاهل المتحدث باسم الخارجية للنظام بهرام قاسمي تصريح الأمين العام للأمم المتحدة وأکد قائلا: «لا نعترف بالتقرير الجديد لحقوق الإنسان من قبل المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان في إيران عاصمة جهانکير، وتم إعداد التقرير من قبل هذا الشخص بأغراض سياسية بحتة وانتقائية يعمل عليها بعض من الدول وبأهداف ومآرب معينة».
ووجه تصريح الأمين العام للأمم المتحدة وشهادته حول مجزرة السجناء السياسيين خاصة تقديمه الدعوة بشأن تقصي الحقائق في هذه الجريمة المروعة ضربة شديدة علی نظام القتلة وجعلهم مرتبکين إلی حد لا يقدرون جراءها علی اتخاذ تصريح بشأنه وهم يتضورون ألما.
کما يکتسب تصريح الأمين العام أهمية لأن في هذا التقرير تشير الأمم المتحدة وبالتفاصيل إلی تلک الجريمة بعد مرور 29عاما عليها مطالبة بإجراء تحقيقات بشأنها. أما السؤال المطروح هو: هل يمکن مطالبة إجراء «تحقيقات مستقلة وشاملة» من نظام رفض التحقيقات لحد الآن في جميع الحالات المماثلة کافة من الحادث الإرهابي في مطعم ميکونوس في العام 1992 إلی التفجير في العاصمة الأرجنيتينة بيونس أيريس في العام 1994 وهل تجدي فائدة وتؤدي إلی نتيجة؟
ومن الجدير بالذکر أنه عندما أعلنت رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي الدعوة إلی حرکة المقاضاة قبل عام، لم نکن نتوقع أن هذه الحرکة تتقدم إلی هذا الحد وبهذه السرعة.  وخلال الفترة الماضية لاقت حرکة المقاضاة ترحابا واهتماما واسعين داخل إيران وخارجها وتوسع نطاقه بشکل عظيم من جهة، وتمکنت المقاومة الإيرانية من جهة أخری کسر الصمت المفروض من النظام علی هذه الجريمة المنظمة الکبری ضد الإنسانية، بحيث اضطر مسؤولو النظام في هذه الأجواء إلی الظهور في الساحة واحدا تلو آخر ليؤيدوا فتوی خميني الجلاد لإبادة أعضاء مجاهدي خلق في السجون واعترفوا بمشارکتهم وضلوعهم في هذه الجريمة.
من ناحية أخری کان خامنئي قد راهن کثيرا من الناحية السياسية لتنصيب الملا رئيسي عضو لجنة الموت رئيسا للجمهورية ليمهّد الطريق لجعله خليفة له. ولکن حرکة المقاضاة أحبطت مخطّط الولي الفقيه مما جعله يعترف بهزيمة تلقاها عندما أشار إلی «استبدال مکانة الشهيد بالجلاد». کما أذعن سائر العناصر ووسائل الإعلام التابعة للنظام بالهزيمة وانتصار مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية من خلال التلويح بأن مجاهدي خلق تم استعادة سمعتهم في المجتمع الإيراني!
ولا يعتبر ذلک هزيمة لخامنئي فحسب وإنما يعد هزيمة تلقاها النظام وورثة خميني جميعا، لأنه لا يقدر أي من الأجنحة والزمر في النظام علی الإعلان عن براءتهم من ارتکاب هذه الجريمة. ولذلک وخلال العام المنصرم حاول أقذر القتلة الدفاع عن مجزرة العام 1988، وتعتبر تصريحاتهم ودفاعهم عن فتوی خميني لتنفيذ هذه المجزرة من أهم الوثائق لإدانتهم وإحالتهم إلی أية محکمة صالحة وعادلة، خاصة وأن هناک کثيرين من الشهود لهذه المجزرة الذين هم مستعدون للإدلاء بالشهادة في مثل هذه المحاکم. ولکن قبل ذلک، فرض العقوبات الجديدة وإصدار أحکام القبض علی القتلة منهم الجلاد آوايي وزير العدل لحکومة روحاني الجديدة والذي فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليه سوف يضيق الخناق علی حکم الجلاوزة أکثر فأکثر.
والمقصود من الإشارة إلی تأريخ وخلفية القضية هو التذکير لحقيقة أن الشوط الکبير لدرب حرکة المقاضاة أو الشوط الأصعب تم قطعه کما لا شک في أنه سيتم قطع الشوط المتبقي لهذا الدرب بفضل شعب نهض أبناؤه وبفضل جهود دؤوبة لناشطي المقاومة الإيرانية بقيادة السيدة مريم رجوي مهما کلف الثمن.
ولا تعتبر محاکمة الجلادين ومعاقبتهم تعويضا للجريمة المروعة التي وقعت قبل 29عاما والتي لن تعوض إطلاقا، وإنما تعتبر مقاضاة المسؤولين عن سفک دماء الشهداء الذين سقطوا في تلک المجزرة وجميع الشهداء الذين ضحوا بدمائهم في الثمانينات من القرن الماضي بمثابة قضية وطنية وجزءا ضروريا من الحملة العظيمة للشعب الإيراني من أجل الإطاحة بنظام ولاية الفقيه. وتهدف هذه الحملة إلی الإطاحة بالاستبداد الديني وتحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة في وطننا ويشتاق کل الإيرانيين الأحرار والمحبين للوطن ممن يتوقون إلی تحرير البلاد إلی المشارکة فيها وذلک بکل ما يملکونه من الطاقة والإمکانيات.
کما تحمل المقاومة الإيرانية مجلس الأمن مسؤولية ما تعرض له أبناء الشعب الإيراني من مجازر، خاصة بعد شهادة الأمين العام للأمم المتحدة  وإلحاحه علی دراسة قضية مجزرة العام 1988 بحق 30ألف من السجناء السياسيين وتمهيد الطريق لمحاکمة القادة في الفاشية الدينية الحاکمة في إيران بإحالة القضية إلی المحکمة الجنائية الدولية.

زر الذهاب إلى الأعلى