مقابلات

نائب رئيس الوزراء العراقي: إيران مسيطرة علی کل أمور البلاد.. والحکومة الحالية تشکلت وباقية بقرارها


الشرق الاوسط
23/2/2012


المطلک في حديث لـ «الشرق الأوسط»: لن أعتذر من المالکي والمسألة أکبر من قضية اعتذار



يرفض نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلک، القيادي في کتلة العراقية بزعامة إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحکومة العراقية، الاعتذار من رئيس الحکومة نوري المالکي لوصفه له بأنه ديکتاتور باعتبار أن «الاعتذار بهذه الطريقة سيمس کرامة العراقيين، لهذا لن أعتذر». في الوقت نفسه، يتمسک المالکي بعدم العمل مع نائبه بعد اليوم طالبا من مجلس النواب سحب الثقة عنه.
المطلک کشف لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه في بغداد ولأول مرة عن أن سبب الخلاف «کان علی خلفية مناقشتنا لموضوع التوازن الوطني، حيث ثار المالکي واتهمني بأنني عميل للسعودية وأقبض الأموال منها»، مشيرا إلی أن «من يحکم العراق اليوم هو حزب واحد وشخص واحد»، وأن رئيس الوزراء «تصرف مع القضية بطريقة غير قانونية عندما منع موظفي مکتبي، وأنا ما زلت نائبا لرئيس الوزراء، من ممارسة وظائفهم».
ونفی نائب رئيس الحکومة العراقية، رئيس جبهة الحوار الوطني، أن «يکون للسعودية أي دور في الملف العراقي ولم تتدخل فيه مما سمح ذلک بتفرد إيران في أوضاع البلد»، مؤکدا أن «الحکومة العراقية تشکلت بقرار إيراني، وسبب بقائها هو الدور الإيراني، ولولا الدور الإيراني لکانت الحکومة تشکلت بطريقة أخری». وفيما يلي نص الحوار:
* هل يمکن تلخيص حل مشکلتکم مع رئيس مجلس الوزراء نوري المالکي باعتذارکم منه؟
– لا.. المسألة أکبر من قضية اعتذار، وقضية البلد أکبر من مسألة الاعتذار بين المالکي والمطلک.. والخلاف مع رئيس مجلس الوزراء أکبر من القضية التي أثيرت في الإعلام والتي تتعلق بوصفي له بأنه ديکتاتور وبأنه لم يبن، الخلاف بدأ أساسا علی قضية أساسية وجوهرية تهم کل العراقيين، وهي قضية التوازن الوطني في مؤسسات الدولة، فالدولة بنيت بطريقة طائفية وحزبية وانعکس هذا الموضوع علی کفاءة الأداء في مؤسسات الدولة التي أردنا أن نعيد کفاءتها وأن نعيد بناءها من خلال مشروع التوازن الوطني وهذا القرار اتخذ من قبل القيادات السياسية والمالکي وافق بنفسه علی هذا القرار الذي کان أحد بنود اتفاقية أربيل ثم ثبت باجتماع سياسي قبل نحو أربعة أشهر ورئيس الوزراء شکل لجنة من نوابه الثلاثة، نوري روز شاويس وحسين الشهرستاني وأنا، وأنجزنا کشفا بطبيعة التوازن الموجود في مؤسسات الدولة والوزارات التي اکتشفنا أنها لا تتمتع بالتوازن حتی وصلنا إلی وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني وهنا کانت الکارثة الکبيرة.
* في حديث لأسامة النجيفي لـ«الشرق الأوسط» قال فيه، إن «(العراقية) تقدمت بمشروع التوازن الوطني، فـ(العراقية) تستحق حسب ما تمثله من سکان العراق 168 درجة مدير عام، و20 موظفا بدرجة وزير، و16 بدرجة وکيل وزير، و20 بدرجة مستشار، هذه الوظائف العليا من درجة مدير عام فما فوق فهناک خلل في التوازن وهذا يسبب خللا في الصلاحيات وفي النفوذ والمحافظات التي تمثلها (العراقية) محرومة من التمثيل في دوائر الدولة، وهذا خلل في صلب الدستور العراقي الذي حدد التوازن الوطني فيما يخص المحافظات والمکونات».. باعتقادکم هذا الخلل في التوازن في مصلحة من؟ – لصالح حزب الدعوة، وجدنا أن أکثر من 80 في المائة من موظفي الدرجات العليا وکبار الضباط في الوزارات الأمنية هم من التحالف الوطني والجزء الأکبر من حزب الدعوة، بينما هناک ما نسبته 20 في المائة هي حصة بقية الکتل السياسية والمکونات القومية والدينية والمذهبية للشعب العراقي، وعندما طرحنا هذا الموضوع ثارت ثائرة المالکي، وخلال مناقشتنا للموضوع في اجتماع مجلس الوزراء علی خلفية إقصاء عدد من عمداء وأساتذة الجامعات العراقية من قبل علي الأديب وزير التعليم العالي، وأخبرناه (المالکي) بأننا متجهون لتنفيذ مشروع التوازن الوطني فرد قائلا بالحرف الواحد «أنا لا أعترف بموضوع التوازن الوطني وهذا تخريب للدولة» من هنا أثيرت المشکلة وتحولت إلی مشادة داخل مجلس الوزراء بيني وبين المالکي الذي ذهب بعيدا في توجيه الاتهامات لي وأريد أن أذکر ما قاله لأن ذلک لا يليق بالعراق والعراقيين وسيأتي يوم نکشف فيه للعراقيين وللعرب ما قاله رئيس الوزراء لنا.
* مثلا.. هل لکم أن تذکروا لنا شيئا ولو بسيطا مما قاله؟
– مثلا المالکي يتهمني وأنا نائب لرئيس الوزراء بأنني علی علاقة بالسعودية وأتسلم مبالغ منها، فإذا کان نائب رئيس الوزراء عميلا للسعودية ويتسلم مبالغ من دولة أخری فمن العيب أن يبقی نائبا لرئيس وزراء العراق ولا يليق ذلک بالعراق.
* هل حدث ذلک في اجتماع لمجلس الوزراء؟
– نعم، المشکلة بدأت من هنا وليست من وصفي له بالديکتاتور.
* ولکن لماذا اختار رئيس الوزراء السعودية ليتهمکم بـ«العمالة» لها؟
– أنا أستغرب حقيقة هذا الاتهام لأن السعودية بالذات لم تتدخل في الملف العراقي علی الإطلاق وأنا من العاتبين عليها لاتخاذها هذا الموقف، لا سيما أن للمملکة ثقلا في العالمين العربي والإسلامي ومن مصلحة شعبينا العراقي والسعودي أن يکون للسعودية الجارة دور مهم في العراق.
* ألا تعتقد أنها اتخذت هذا الموقف بسبب سياسات الحکومة العراقية؟
– هذا صحيح، ولکن إذا کانت لديها مشکلة مع حاکم في العراق فهذا لا يعني أن ينسوا العراق وانسحاب السعودية عن العراق أدی إلی أن تتفرد دولة إقليمية في الملف العراقي، وهذا الأمر ينفي کل الادعاءات التي تقول إن السعودية تتدخل بالملف العراقي وإنني عميل لها.
* أنتم تصفون هذه الحکومة بأنها ليست حکومة شراکة وطنية، هل هذا صحيح؟
– نعم هي ليست حکومة شراکة وطنية.
* لماذا اشترکتم بها وما زلتم فيها إذن؟
– لأنه لا بديل لنا الآن سوی البقاء في الحکومة لتقليل الضرر، ولأنه لا توجد ديمقراطية حقيقية تسمح للمعارضة بأن يکون لها دور في العمل السياسي، وإذا کانت هناک معارضة فسوف تتهم بالإرهاب وتحال إلی المحاکم وفق المادة «4 إرهاب» وبالتالي تذهب إلی المعتقلات، اليوم هناک برلمانيون يتکلمون داخل البرلمان تصدر بحقهم مذکرات اعتقال لأن ما يقولونه لا يتماشی مع نهج الحکومة الحالية، لذلک وجودنا في المعارضة لا يکفل لنا العمل في حياة سياسية نستطيع أن نتصرف ونعمل ونذهب إلی المحافظات کي نلتقي بجماهيرنا.
* باعتقادکم من هو المستهدف من وراء قضية طارق الهاشمي والمطلک وکلاکما قيادي في کتلة العراقية ومن مکون مذهبي واحد؟
– المستهدف هو مشروع کتلة العراقية الذي بني علی أساس کونه مشروعا وطنيا حقيقيا يضم العربي والکردي والترکماني والمسلمين من السنة والشيعة وغير المسلمين، يضم کل من هو عراقي وطني، ولکن يبدو أن هناک إرادات لا تريد مثل هذا المشروع والنهج وتريد الإبقاء علی المجتمع مقسما بطريقة طائفية وعرقية بما يتناقض مع مشروعنا ونهجنا، ووقفت لإرادات مضادة لمشروعنا منذ البداية ومضادة لتوجهنا الوطني بدءا بعدم السماح لکتلتنا بتشکيل الحکومة بعد أن فازت «العراقية» في الانتخابات، ثم حاولوا أن يشقوا قيادة کتلتنا ولم يستطيعوا، ثم سحبوا بعض قواعدنا بالترهيب والترغيب، وأصبح هذا الموضوع معروفا لدينا ولدی العراقيين عامة، وعندما لم ينجحوا في إضعاف کتلتنا عادوا إلی التوجه لقضم قيادات «العراقية» واحدا تلو الآخر، فاستبعدوا إياد علاوي من رئاسة الحکومة، وجاءوا للمطلک لإقصائه، بعدها تحولوا إلی الهاشمي لغرض إنهاء القائمة العراقية کمشروع وطني.
* وما هو موقفکم من کل ذلک؟
– موقفنا هو أننا باقون متمسکون بمشروعنا الوطني ولن نتنازل عنه لأننا علی يقين بأنه الضمانة الوحيدة لبقاء العراق موحدا وآمنا ومستقرا، عراق يستطيع أن يتعايش مع محيطه العربي والإسلامي والإقليمي والدولي بشکل سليم.
* هناک نقطة خلاف أخری بينکم وبين الحکومة العراقية تتعلق بمشروع الفيدرالية، خاصة في محافظة الأنبار التي قيل إنکم تناصرونها؟
– أنا لم أناصر مشروع الفيدرالية، لکن رئيس الوزراء يدفع الناس بقوة نحو تشکيل الفيدراليات وإن کان في حقيقته ضد هذا المشروع.
* کيف ذلک؟ هل لکم أن توضحوا؟
– تصرفات المالکي مع المحافظات تدفع بالناس نحو خيار الفيدرالية بدليل أن 99 في المائة من أهالي الأنبار کانوا قد رفضوا الفيدرالية سابقا، بينما نجدهم اليوم يطالبون بها من أجل الابتعاد عن سلطة المرکز التي يعتبرونها سلطة ظالمة، وهم يعرفون أنهم سيخسرون اقتصاديا لکن الثمن هو کرامتهم التي يريدون الحفاظ عليها، يريدون الخلاص من المداهمات والاعتقالات وتسلط السلطة المرکزية عليهم، وأنا لست مع الفيدرالية ولست من المروجين لها، لکنني أتفهم سبب إصرار العراقيين عليها، وأخشی أنه سيأتي يوم يريد فيه المواطنون تشکيل إقليم ولا يستطيعون ذلک.
* هل تعتقد أن الفيدرالية حل لمشاکل العراقيين؟
– في ظل السيطرة الطائفية والحزبية، أعتقد أن العراقيين سيتوجهون إلی تشکيل الأقاليم کحل لأوضاعهم الصعبة والابتعاد عن الفردية حتی وإن کانوا لا يؤمنون بالفيدرالية، لکنهم يريدونها خلاصا من واقع مرير، يذهبون إلی هذا الاختيار وهم يعرفون أنه اختيار صعب ومر بالنسبة لمن يريد وحدة العراق.
* هل تتوقعون النجاح للمؤتمر الوطني الذي بادر إلی عقده رئيس الجمهورية جلال طالباني؟
– إذا کان مفهوم النجاح هو أن تحل المشاکل السياسية الموجودة علی أرض الواقع، فبالتأکيد لا، أنا أخشی أن يفشل هذا المؤتمر أو اللقاء بشکل کامل أو أن يتحول إلی مجرد عملية «تبويس اللحی» وهذا لا يخدم العراقيين، أتمنی أن يحل هذا اللقاء ولو جزءا من المعضلات الأساسية في البلد وأبرزها هو أن نتفق علی أن تکون هناک مشارکة حقيقية في الحکومة وأن تشارک کل الأطراف في صناعة القرار، وهنا أنا لا أقول إن نجرد المالکي من صلاحياته ولکن أن يتشارک ويتشاور مع بقية الأطراف في اتخاذ القرارات الاستراتيجية المهمة التي تتعلق بحياة المواطن وبوضع العراق کدولة محترمة، العراق اليوم أصبح معزولا علی المستوی العربي والإسلامي وحتی علی المستوی الدولي، ووصل الحد إلی أنه عندما يرشح العراق لاستضافة المؤتمر الإسلامي وهو من حق العراق، أمام جيبوتي فإن جيبوتي هي التي تفوز بعقد المؤتمر، وعندما أراد أن يمارس حقه في استضافة کأس الخليج لکرة القدم وينفق أکثر من 700 مليون دولار لبناء ملعب في مدينة البصرة يحرم من هذا الحق وتنقل البطولة إلی دولة أخری.
* باعتقادکم ما سبب ذلک؟
– السبب هو أن العراق وبسياسته التي يتبعها عزل نفسه عن محيطه العربي وعن المجتمع الدولي ليبقی معزولا بتوجه قسري تحت إرادة حزب واحد وشخص واحد علی أساس منظور طائفي وليس وطنيا.
* في ظل هذه الأجواء ماذا تتوقعون من مؤتمر القمة العربية الذي سيعقد في بغداد نهاية الشهر المقبل؟
– أنا أتمنی علی مؤتمر القمة العربية أن يبادر إلی تحقيق مصالحة وطنية حقيقية بين الأطراف السياسية العراقية قبيل انعقاده، والا فإن المؤتمر سيخصص لجهة حکومية تقصي شرکائها وسيکون مع طرف واحد وليس مع بقية الأطراف الوطنية المشارکة في العملية السياسية، کما أتمنی علی القمة العربية أن تناقش وضع العراقيين في الخارج وکيف نعيد أبناءنا إلی بلدهم، وهذا الموضوع يجب أن يتم من خلال عفو عام وعدم ملاحقة أي عراقي يعود إلی بلده لأنه من العيب علينا أن نسمح لبناتنا وأخواتنا وأبنائنا أن يعيشوا في هذه الوضعية المزرية التي هم عليها اليوم.
* من تتوقع من الملوک والرؤساء العرب سوف يحظر إلی بغداد في ظل تصريحات يطلقها مسؤولون سياسيون وحکوميون عراقيون ضد هؤلاء القادة؟
– أنا أستغرب جدا أن العراق سيستضيف القمة العربية وننتظر وصول القادة العرب وهناک من يطلق تصريحات متشنجة جدا ضد بعض الدول العربية، ولو من يطلق هذه التصريحات لا يسمي دولا بعينها لکن من الواضح أنهم يقصدون هذه الدولة العربية أو تلک. السؤال هو: هل من مصلحة العراق أن يعقد في عاصمته مؤتمر قمة عربية الآن أم لا؟ باعتقادي أن استضافة هذا المؤتمر المهم فرصة تاريخية للعراق وللحکومة الحالية، علی الحکومة العراقية أن تعطي إشارات بالتسامح والمحبة والحرص علی العلاقات العربية، لکننا لم نسمع مثل هذه التصريحات، بل سمعنا العکس وهذا ليس في صالح العراق وليس في صالح الأمة، أنا لا أعتقد أن المؤتمر سيکون وفق الطريقة المتصورة الآن، ولن يکون ذا جدوی کبيرة ما لم يؤسس له تأسيسا صحيحا، أتمنی أن تسبق المؤتمر مصالحة وطنية حقيقية وأن يفتح المالکي قلبه لکل شرکائه وأبناء شعبه لتدشين مرحلة جديدة، لکن للأسف هذا الموضوع لم يحصل، بل علی العکس من ذلک هناک تصعيد وتوتر في الأجواء السياسية. ومؤتمر القمة العربية أما أن يعيد العراق لوطنه العربي ويعيد الأمة إلی العراق کي يتخلص من هذه العزلة، أو أنه سيکون مؤتمرا يبعد العراق عن الأمة وعن جميع العرب وفي ذلک خسارة کبيرة للعراق وللعرب، لذلک أنا أتمنی أن يعد له إعدادا کبيرا وعلی کل المستويات وبما يليق ببلدنا وشعبنا، أتمنی أن يعقد مؤتمر القمة العربية في بغداد والعراق موحد بکل أطيافه، بالطبع الفترة الزمنية غير کافية لخلق هذه الأجواء المطلوبة ويجب توفير جهد إضافي ومخلص وإصرار علی إنجاز المصالحة الوطنية قبل عقد المؤتمر.
* ألا تعتقدون أن علی العراق مصالحة الدول العربية التي ذکرتم أن هناک تصريحات صدرت من مسؤولين عراقيين ضده قبل دعوتهم للمؤتمر؟
– الحکمة تقتضي أن نبدأ مرحلة جديدة في العلاقات مع أشقائنا العرب لأن العراق لن يستطيع أن ينهض نهضة سريعة، ودون العرب سيعزل العراق ليس عربيا فحسب وإنما دوليا، ولا ننسی أن تجربتنا ما زالت هشة وبلدنا لم يقف حتی اليوم بشکل سليم ويحتاج إلی من يساعده في هذه المرحلة، وإذا نفتح صدورنا لأشقائنا العرب يمکن أن يساعدونا علی بناء العراق بشکل سليم، وعقد مؤتمر القمة العربية في بغداد فرصة جيدة لتحقيق ذلک، أما إذا بقيت الأمور کما هي الآن فربما سيحضر بعض القادة العرب لساعات ويغادرون وبذلک سيتحول المؤتمر إلی حفلة تعارف لا أکثر، نعم هناک محاولات من أطراف عراقية متنفذة عزل العراق عن محيطه العربي ونتمنی علی أشقائنا العرب ألا يدعو هذه المحاولات تنجح إذا مارس الدور الإقليمي غير العربي تأثيره في هذا المجال ودور هذا العامل الإقليمي نافذ بقوة في العراق.
* من تقصد بهذا العامل أو الدور الإقليمي؟
– أنا أقصد بالتحديد إيران، الدور الإيراني مسيطر علی کل الأمور بالبلد، الحکومة الحالية تشکلت بقرار إيراني، وسبب بقائها هو الدور الإيراني، ولولا الدور الإيراني لکانت الحکومة تشکلت بطريقة أخری ولکان حدث إصلاح في الحکومة، لکن إيران أصرت سابقا علی تشکيل هذه الحکومة وعلی بقائها هکذا.
* المواطن العراقي لا يبالي بعقد مؤتمر القمة ولا بالمؤتمر الوطني، فعندما سألنا مواطنين في الشارع عن هذين الموضوعين أبدوا عدم اهتمامهم بالأمر، کيف تفسرون ذلک؟
– للأسف فإن تصرفات السياسيين العراقيين أوصلت المواطن العراقي إلی حالة من الإحباط واليأس من کل العملية السياسية والسياسيين ولم يعد يميز بين السياسي المخلص والذي يعمل وفق منهج وطني وبين السياسي الفاسد، وهذه خسارة لکل السياسيين ولعملية بناء العراق واستقراره، وأخطر ما هو موجود اليوم هو غياب الثقة بين المواطن والقوی السياسية، وفي ذات الوقت ليست هناک قوی سياسية بديلة تعيد الثقة بينها وبين المواطن العراقي وهذا سيخلق فراغا کبيرا يجعل من العراقي من الصعب أن يتجه إلی الانتخابات مرة أخری وفي ذلک خراب کبير للعملية الديمقراطية في العراق.
* باعتقادکم، وفي ظل المتغيرات في العالم العربي، تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، إلا تدفع هذه الأحداث الحکومة العراقية إلی التفکير بتغيير نهجها؟
– حتی الآن ما زال رهان الحکام في العراق هو الرهان الطائفي ويعتقدون أن القضية الطائفية ستحبط أي تحرک في الشارع العراقي، وکلما خرج الشارع العراقي للاحتجاج من أجل حقوقه يخلق الطرف الحاکم قضية طائفية تؤجج مشاعر الناس لإحباط هذا الاحتجاج، تعمل بعض القوی السياسية في البلد علی إعادة الاصطفاف الطائفي من جديد لضمان انتخابهم مجددا.
* هل الربيع العربي بدأ من العراق مثلما يقول بعض السياسيين العراقيين؟
– الربيع العراقي يجب أن يبدأ من الجنوب.
* هل ما زلت نائبا لرئيس الوزراء في العراق؟
– نعم.
* ولکن المعلومات تشير إلی أن الحکومة أو الأجهزة الأمنية سحبت بطاقات دخول موظفيکم إلی المنطقة الخضراء کما سحبت قسما من سيارات مکتبکم الحکومية؟
– هذا يؤکد ما قلته عن رئيس الحکومة بوصفه ديکتاتورا، واليوم هو يتصرف أکثر من ديکتاتور عندما يؤکد عدم إيمانه بالقانون وأنه لا توجد دولة تستند علی القانون في العراق، لأنه عندما تؤخذ بطاقة الهوية من موظف بدرجة مدير عام في مکتبي التابع للحکومة، هذا يعني أن هذا الموظف لا يستطيع دخول دائرته وممارسة عمله الوظيفي بلا سبب قانوني، بل إن موظفي مکتبي بقوا محتجزين بلا طعام لأنهم لم يستطيعوا مغادرة المنطقة الخضراء من دون بطاقات الهوية التي سحبت منهم، وأنا قلت لهم إن يتحملوا لأننا تحملنا الکثير من أجل أن تصحح الأمور لبناء العراق، وما زال عندي أمل في أن يتراجع المالکي عن إجراءاته التي هي غير قانونية، وإذا استمر هذا الموضوع فإن العراق لن يبقی فيه نوع من التعايش السلمي وهذا الموضوع سيقود إلی نتائج سلبية تدفع بالعراقيين إلی التفکير بأمور لم يفکر بها من قبل في حياتهم تنعکس علی وحدة واستقرار العراق.
* رفضت کتلة دولة القانون مقترح کتلتکم العراقية في إدراج موضوعکم وقضية الهاشمي ضمن برنامج عمل اللقاء الوطني، تری کيف تجدون حل هذه المشکلة؟
– أنا في الأساس طلبت من إخواني في «العراقية» عدم إدراج موضوعي في ورقة عمل اللقاء الوطني وقلت إن هذه القضية تحل خارج هذا اللقاء، وإذا کان موضوعي سيعرقل نجاح اللقاء الوطني لتحقيق شراکة حقيقية فأنا سأنسی قضيتي کلية.
* وکيف تجدون الحل لمشکلتکم؟
– الحل هو أن يعرض الموضوع للتصويت في البرلمان لسحب الثقة مني کما طلب المالکي، فإذا صوت البرلمان بسحب الثقة فمبروک عليهم، وإذا لن يتم ذلک فعلی رئيس الوزراء تقبل ذلک، لأننا جئنا بتوافق سياسي يرفضه الآن المالکي، ثم إننا جئنا من خلال تصويت علينا تحت قبة البرلمان وأنا طلبت عرض الموضوع علی مجلس النواب وقلت سأقبل بأي قرار إذا کان التصويت ديمقراطيا، وما أخشاه هو أن يتم التصويت بطريقة طائفية فإن حدث ذلک فسوف ينتهي الوئام السياسي والوطني والاجتماعي. أما قضية الهاشمي فکان يجب أن تعالج منذ البداية بطريقة قضائية أصولية لکنها تحولت منذ البداية إلی قضية سياسية وتم عرض الاتهامات والادعاءات قبل أن يقول القضاء کلمته وهذا ما عقد القضية، واليوم عندما تصدر تصريحات من قبل رئيس الحکومة بأنه يجب أن يحضر الهاشمي ذليلا فإن الهدف من کل القضية، کما يبدو، هو إذلال الهاشمي وأنا لا أتفق مع ذلک نهائيا، فهو لا يزال نائبا لرئيس الجمهورية ومن حقه أن يحظی بفرصة نزيهة للدفاع عن نفسه في ظل قضاء نزيه وظروف أمنية جيدة.
* أخيرا، هل سيعتذر المطلک من المالکي؟
– إذا کان الاعتذار يخص کرامة المطلک شخصيا ويعزز کرامة العراقيين، لن أتردد عن الاعتذار، اليوم ما هو مهم بالنسبة لي هو أن تستعاد کرامة العراقيين وما يهمني هو استقرار وبناء العراق، لکنني أعتقد أن الاعتذار بهذه الطريقة سيمس کرامة العراقيين، لهذا لن أعتذر.


 

زر الذهاب إلى الأعلى