مقالات

المجازر الإيرانية المتتالية لضيوف العراق

الجديدة
31/12/2013


بقلم:عزيز الحاج



للمرة الرابعة، تنهمر صورايخ المليشيات، المؤتمرة بأوامر المالکي، علی معسکر ليبرتي للاجئين الإيرانيين المعارضين، ويسقط شهداء وجرحی. هذه الجريمة تأتي بعد فترة من جريمة معسکر أشرف، والقتل المتعمد لـ52 لاجئا أعزل هناک، وخطف سبعة منهم، منهم ست نساء، لا يزالون في أيدي زبانية حکومة المالکي وعناصر فيلق القدس الإرهابي.
إنها لسلسلة جرائم تندرج في خانة جرائم إبادة متدرجة منذ 2009، تنفيذا  لأوامر خامنئي والجنرال سليماني، وذلک لمجرد أن هؤلاء اللاجئين من المعارضين وإن لم يقترفوا عملية ما. وقد سحبت القوات الأميرکية أسلحتهم ووضعتهم تحت حمايتها ثم سلمتهم للمالکي، الذي أقسم، کالعادة، بأنه سيحترم الاتفاقيات الدولية عن اللاجئين وسوف يحمي هؤلاء العزل  بانتظار نقلهم لدول أخری بمساعدة الأمم المتحدة.
المجزرة الجديدة، التي أعلن المعمم الإرهابي واثق البطاط عميل إيران، مسؤوليته عنها، لم يکن ممکنا القيام بها بدون الضوء الأخضر من المالکي، کما هو شأن عملياته الإرهابية وتهديداته الأخری ضد مظاهرات الأنبار والکويت والسعودية، وکما مشارکته – مع العصابات الطائفية المسلحة الأخری – في حرب الأسد علی شعبه.
بعد ثلاثة أسابيع من عودته من إيران بحثا عن الولاية الثالثة، ها هو حاکم العراق يقدم هدية جديدة لخامنئي، وهي دماء لاجئين، يفترض أن القوانين الدولية والتعهدات العراقية تحميهم. وتتزامن الجريمة مع النوايا المعلنة لشن حمامات جديدة ضد المعتصمين السلميين في الأنبار بعد أن هدد رئيس مجلس الوزراء بحرق خيامهم بذريعة أنها تأوي قاعديين. والذرائع جاهزة عنده دوما لتبرير الحملات الدموية الطائفية والمذابح ضد اللاجئين الإيرانيين. في ليبرتي وأشرف تدعي الحکومة أن لا علم لها وسوف تحقق. وهناک في الأنبار يعلن المالکي أنها ستکون کمنازلة  أنصار الحسين وأنصار يزيد، في اعتراف صارخ بالتوجه الطائفي القاطع، بدلا من دراسة مطالب المعتصمين کما سبق وأن وعد، وبدلا من أن يطبق مبدأ المواطنة وليس التمييز الطائفي المفرق للصفوف.
الحسين کان ضحية برابرة وحوش قطعوا عنه وعن أهله حتی الماء، واعتدوا علی النساء. وهؤلاء المتاجرون باسم الحسين في العراق وإيران لا يتورعون عن قطع الطعام والدواء عن لاجئين عزل وعن ذبحهم دفعة بعد دفعة، وهم يؤيدون جلادا في دمشق يفرض حصار التجويع ومنع الأدوية علی السکان من حوالي دمشق، حتی أن إمام جامع أفتی بجواز قتل وأکل القطط والکلاب. أي إن هؤلاء المتاجرين باسم الحسين وزينب يعيدون إنتاج ممارسات يزيد وشمر وبقية الجناة المتوحشين معهما.
البرلمان الأوروبي احتج علی العدوان المتکرر علی ليبرتي وأشرف، وکذلک الاتحاد الأوروبي، وفريق من لنواب العراقيين، منهم الأستاذ محمود عثمان، ومحامون من مصر، وأعضاء في الکونغرس الأميرکي. والأهم أن تضغط هذه الأوساط وغيرها علی الأمم المتحدة للإسراع بإيجاد بلدان الضيافة للاجئين قبل أن تتم سلسة حملات الإبادة الجماعية ضدهم بقوات المالکي والمليشيات الإيرانية الموالية له. وإنه لمن المعيب صمت أوباما، وهو الذي دوخ العالم – عند تنصيبه – بادعاء الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، واتهم سلفه بالخروج علی المثل والأخلاق الأميرکية. وها هو صامت عن هذه الجرائم المتکررة في العراق مع أن الولايات المتحدة طرف في المشکلة، کصمته المرعب والمهلک عن مجازر الأسد في سورية. ومع تثمين مواقف النواب والحقوقيين وبعض المثقفين العراقيين النوادر في التنديد بالمذابح المالکية هذه، فإننا نأسف مجددا لصمت الأکثرية من المثقفين الديمقراطيين، الذين يبررون صمتهم، منذ 2009، بأن الموضوع “حرج”. ولا ندري کيف تکون ” حراجة” موضوع يخص جريمة دموية ضد أناس عزل وبحکم السجناء [لو کان هناک حقا ما يحرج ؟؟؟!!!] مبررا للتقاعس عن القيام بواجب تمليه حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية والإنسانية والاتفاقيات الدولية؟؟ وکما کتبنا في مقال سابق، فإن هذه القيم والحقوق والاتفاقيات لا تتجزأـ بل إن هذه الجرائم التي تقتل وتجرح المئات، تستدعي مظاهرات احتجاج کل مؤمن حقا بالديمقراطية وکل معارض  للاستبداد والخضوع للإرادة الإيرانية.
إن فريقا من المثقفين العراقيين، الذين کانوا من ضحايا صدام، أدانوا طريقة إعدامه، وطالبوا بمحاکمة المسؤولين عن ذلک. فهل کانوا يدافعون عن صدام أم عن قيم وأخلاق إنسانية يجب الالتزام بها حتی مع عدو؟. فکيف إذن نفهم السکوت عما لحق ويلحق بسکان ليبرتي وأشرف! ونذکر أيضا استنکار فريق من ضحايا القذافي لطريقة قتله الوحشية. والقذافي هو من فعل ما فعل. ومجاهدو خلق في العراق لم تثبت عليهم أية عملية ضد عراقي، بل هم متهمون بأنهم استغلوا وجودهم في العراق زمن الحرب ضد نظام الفقيه کما فعل حکام اليوم في العراق حين کانوا في المعارضة، ولحد تحولهم أدوات قتل وتخريب في أيدي القوات الإيرانية وحراس الثورة. ولکن الحقيقة أن هناک من لا يريدون وضع النقاط علی الحروف تجنبا لإغضاب المالکي وإيران وخوفا من الاتهامات. وهذا مؤسف حقا لمن يريدون تغييرا ديمقراطيا في العراق..

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى