أخبار إيرانمقالات

نظرية الجرائم ضد الإنسانية

 

17/10/2016

 

الدکتور سفيان عباس التکريتي

 

 

من أبشع الجرائم الدولية هي الجرائم ضد الإنسانية وخصوصا مجازر القتل الجماعي دون محاکمات عادلة حيث تعد من الجرائم المرکبة ما بين جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي تترک أثرا بالغا وجسيما  في نفوس ذوي الضحايا وأصدقائهم  والإنسانية عموما , ولهذا کان التغليظ والتشديد من القانون الجنائي الدولي في معاقبة المجرمين واعدها من الجرائم القائمة والمستمرة من أجل ملاحقة الجناة لحين محاکمتهم أي بمعنی لن تسقط بالتقادم بمرور الزمان  , ولن يمنح  القانون الجنائي الدولي الحصانة من عدم الملاحقة القضائية لأي مسؤول سيادي في الدولة التي تقع علی أراضيها هذه الجرائم من الرئيس والملک إلی اصغر موظف في النظام الحاکم , لا بسبب إصداره الأوامر بارتکاب الجرائم ضد الإنسانية  فحسب بل لأنه أي الرئيس لم يتخذ إجراءات الحيطة والحذر في منع وقوع هذه الجرائم علی أراضي الدولة الذي يحکمها , فکيف إذا الرئيس الأعلی اصدر الأوامر بارتکاب هذه المجازر الجماعية بحق الأبرياء دون محاکمات عادلة أو البعض منهم قد حوکم سابقا  إلا انه أعدم دون مسوغ قانوني  , مثلما هي جريمة المجزرة التي ارتکبها خميني المقبور وأرکان نظامه عام  1988بحق ثلاثين ألف من سجناء الرأي ألأعضاء في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة لنظام القمع الدموي ,  أن المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية هم غالباً عناصر  الحکومات الرسمية في الدول، وأن الدول هي من أشخاص القانون الدولي، وهناک مبدآن  أساسيان  في القانون الدولي ويشکلان الجزء الأساس في العلاقات الدولية ، وهما مبدأ السيادة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لذا فمن المهم معرفة کيفية حکم هذه العلاقة ، وکيفية تقنين الجرائم ضد الإنسانية ومعاقبتها في القانون الدولي المعاصر.واليوم فأن إي مسؤول في الدولة مهما کان مرکزه لا يستطيع التملص من المسؤولية الجنائية عما تم في فترة حکمه من انتهاک للقانون الدولي الجنائي والمثال الحي علی ذلک هو محاکمة کبار مجرمي الحرب العالمية الثانية ومحاکمة مجرمي الحرب الأهلية في يوغوسلافيا السابقة ورواندا ، وهنا يمکن ملاحظة خصوصية وأهمية المسؤولية الجنائية الدولية للأفراد مقارنة مع الأسس أو القواعد الخاصة بالمسؤولية الدولية للدول، إذ إن الفرد ليس شخصاً من أشخاص القانون الدولي العام حسب المفهوم التقليدي، ولکنه يعاقب ويتلقی العقوبات المنصوص عليها في القانون الدولي الجنائي،أن ظهور المسؤولية الجنائية الدولية للأفراد ومن ضمنهم الحکام والمسؤولين  الکبار في الدولة يشکل تطوراً مهماً في القانون الدولي المعاصر ، وبهذا يتم إنزال العقوبة بالحکام والمسؤولين الکبار في الدولة والمتهمين بالجرائم ضد الإنسانية ولا يمکنهم الإفلات من قبضة العدالة وليکونوا عبرة للآخرين ، من الضروري عند البحث في  الجرائم الدولية  وخاصة الجرائم ضد الإنسانية ان نجد قواسم مشترکة مع مثيلاتها من الجرائم الوطنية  ، ونبحث في المقاربات من حيث قوة تأثيرها علی نظام السلم المجتمعي لأية دولة ، وتأثيرها علی نظام السلم العالمي من خلال المقارنة المنهجية بين الجريمتين ، فالجرائم ضد الإنسانية کالقتل العمد تمارس يوميا علی نطاق واسع داخل الدولة الوحدة والتي تحکمها القوانين العقابية لهذه الدولة أو تلک ، إلا أن الأحکام العقابية والإجراءات المطبقة قد لا تتوافق مع المعايير الدولية التي تحکمها القوانين والمحاکم الجنائية  وان القواعد الإجرائية في القانون الجنائي الدولي تختلف تماما عما هو في القوانين الوطنية , فأن الأحکام الموضوعية للقانون الجنائي الدولي والمحاکم الجنائية الدولية في التجريم والعقاب وکذلک الأحکام الإجرائية الأخری قد تضمنت في ثناياها الأحکام الجنائية البحت , وحيث ان المسؤولية الجنائية الفردية تطال رؤساء الدول وذوي المناصب العليا تحول دون الدفع بالحصانة ، فأن لقانون الجنائي الدولي أصبح درعا منيعا للمواجهة من خلال المحاکم الجنائية الدولية والذي أرسی المساواة بين جميع الأشخاص ، وبما أن المسؤولية  الجزائية للأفراد في الجرائم الدولية لا تنحصر بهذا القدر فحسب ، بل تتعدی أيضا للمحاولات والمساعدات أو التسهيلات أو تقديم العون أو التشجيع أو التخطيط أو التحريض بغرض ارتکابها. ولکن يعتقد أيضاً أن الجرائم ضد الإنسانية جزء من المبادئ السامية – أسمی مرتبة في المعايير القانونية الدولية. وعليه، فإنها تشکل قاعدة من قواعد القانون الدولي لا يمکن الانتقاص منها.  ومعنی هذه المرتبة أنها خاضعة إلی سلطة القضاء الدولية، مما يعني أن الدول جميعاً يمکنها ممارسة سلطتها القضائية في محاکمة منفذ جريمة بغض النظر عن مکان ارتکاب الجريمة. ويعني أيضاً أن من واجب الدول کلها المحاکمة أو تسليم الجاني، وأن أي شخص متهم بتلک الجريمة لا يستطيع طلب استثناء من التسليم لأن الجرم سياسي.  وأن من واجب الدول مساعدة بعضها بعضاً في تقديم الدليل الضروري للمحاکمة. ولکن ما له أهمية کبری أن أي منفذ لجريمة لا يستطيع الدفاع عن نفسه بالزعم أنه کان يطيع أوامر أعلی وأن أي نظام أساسي يقيد ذلک موجود في قوانين أية دولة لا يمکن تطبيقه. وأخيراً، لا أحد محصن من المقاضاة علی مثل تلک الجرائم، حتی وإن کان رئيس دولة. وإلی حد ما، تتداخل الجرائم ضد الإنسانية مع الإبادة وجرائم الحرب. ، بل تستهدف فقط جماعة معينة وتنفذ سياسة انتهاکات “واسعة ومنظمة.  وتتميز الجرائم ضد الإنسانية عن جرائم الحرب أيضاً في أنها لا تطبق فحسب في إطار الحرب، بل في زمن الحرب وزمن السلم.  من کل هذا يتضح أن النظام الإيراني متورط بمجزرة عام  1988 من خلال الأدلة الوثائقية وأشرطة التسجيل بصوت آية الله منتظري وحواره مع الدجال خميني   واختفاء هذا العدد التضخم من السجناء منذ التاريخ المذکور, کل هذه المعطيات المتحصلة من هذه الجريمة النکراء تعد من اقوي الأدلة في قانون الإثبات الجنائي حيث شارک فيها  اغلب  مسؤولي أزلام النظام  وعلی رأسهم کبير الدجالين خامنئي وخصوصا أعضاء لجنة الموت التي نفذت هذه المجزرة  ومن بينهم وزير العدل الحالي , مع العلم ان القانون الجنائي الدولي يحاکم المتهمين علی مجرد التفکير في ارتکاب الجرائم ضد الإنسانية , لذا صار لزاما علی الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤولياتها بموجب الميثاق والإسراع بتشکيل فريق تحقيق دولي ومن ثم تشکيل محکمة جنائية دولية خاصة لمحاکمة المجرمين في النظام الإيراني ,   إن متطلبات الجرائم ضد الإنسانية هي عبارة عن معايير عامة تميّزها عما يشابهها من الجرائم سواء في القوانين الداخلية أم في القانون الدولي، وتکمن أهمية هذه المعايير في منع التداخل بين اختصاص کل من القانون الدولي والقانون الداخلي من جهة ،  إذ أنها تدخل الجرائم ضد الإنسانية في نطاق الاختصاص القضائي الدولي،

زر الذهاب إلى الأعلى