أخبار إيرانمريم رجوي

مريم رجوي: إسقاط نظام الملالي حتمي وممکن

کلمة في مؤتمر باريس «نظام الملالي يعيش في أزمات»-16 ديسمبر 2017
 
16/12/2017
 
أيها الحضور الکرام،
أيها الأصدقاء الأعزاء،
أحيّيکم جميعا وأشکر جزيل الشکر أصدقائنا القادمين من الولايات المتحدة وأوروبا ودول عربية علی حضورهم هنا للتضامن مع المقاومة الإيرانية من أجل الحرية والديموقراطية.
اجتمعنا هنا، لکي نوصل من جديد صوت الشعب الإيراني المغلوب علی أمره إلی أسماع العالم. ونجتمع في هذا الملتقی لنقول إن الشعب الإيراني مستعد لإسقاط نظام الإرهاب الحاکم في إيران باسم الدين، وهو يريد إقامة مجتمع علی أسس الحرية والمساواة والديموقراطية.
 
کما إنه يريد إحياء حقوق الإنسان وازدهارها، الحقوق التي تم رجمها وشنقها في إيران.
کان الاسبوع الماضي ذکری المصادقة علی الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونحن الآن في انطلاقة الذکری السبعين من هذا الإعلان. وبما يعود الأمر إلی إيران، فإن نظام الإرهاب الحاکم في إيران باسم الدين، أسّس حکمه علی دهس مواد هذا الإعلان واحدة تلو أخری. ولکن في المقابل يواصل الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية، حرکتهما التحررية والنضال من أجل حقوق الإنسان، وخلال العامين الأخيرين من خلال توسيع حملة المقاضاة لمجزرة عام 1988 تم وضع القتلة الحاکمين أمام مشاکل ومضايقو وهذه المواجهة هي التي ستقضي في نهاية المطاف علی نظام الملالي.
 
وتصل صرخات المواطنين الاحتجاجية والمطالبة بالعدالة من ربوع إيران إلی السماء. لا يمر يوم إلا ويجتمع فيه العمال، والمعلمون أو المتقاعدون والطبقات الأخری أمام المراکز الحکومية لإبداء احتجاجاتهم. ويهاجم الشباب الملالي في الشوارع بکل ما يحملونه من مشاعر الغضب والسخط. وفي السجون، يقاوم السجناء السياسيون الذين اعتقلوا لأسباب واهية ويتعرضون دوما للضغوط والتعذيب القاسي مقاومة مستمية.
منذ عام شهدت أکثر من 100 مدينة إيرانية تظاهرات وتجمعات احتجاجية نظمها المودعون أموالهم في المؤسسات المالية، لأن النظام وعناصره نهبوا أرصدتهم. واليوم تأثرت معيشة مالايقل عن ربع سکان البلاد بهذه الممارسات الابتزازية.
 
إضافة إلی هذه الضغوط، فإن أزمة الفقر والغلاء، فتکت بجميع المواطنين. ارتفاع الأسعار في إيران في ذروتها بالمقارنة بما هو في العالم. وضع العاطلين والمتقاعدين مزر للغاية. قلّما توجد بلدان في العالم بلغ معدل البطالة فيها 40 بالمائة. وسقطت حياة 70 بالمائة من أصحاب المشاغل إلی تحت خط الفقر.
انظروا إلی حالة مواطنينا المنکوبين بالزلزال في محافظة کرمانشاه حيث تُرکوا وشأنهم منذ شهر تحت رحمة البرد والفقر والتشرّد. لماذا؟ ماذا حصل؟
الواقع أن نظام ولاية الفقيه دمّر اقتصاد إيران ومعيشة الناس والبيئة في إيران، بهدف قمع الشعب الإيراني ولتوفير النفقات اللامحدودة لقوات الحرس ومن أجل اشعال الحروب والإرهاب في المنطقة.
وهذا ما يؤدي إلی توسيع حالة النقمة العامة والاحتجاج في المجتمع الإيراني يوما بعد يوم وتتعاظم وتعمل کالجمرة تحت الرماد. ويری الملالي الحاکمون إمکانية فورة الانتفاضات أکبر خطر يهدّد کيان نظامهم.

الحقيقة هي أن الشعب الإيراني يريد تغييرا جذريا. ولکن الشيء الذي يمنع تحقيق الطلب والإرادة العامة، هو قوات الحرس التي تعمل بمثابة قوات حامية لنظام ولاية الفقيه.
 
وما هو واجب هذه القوة الشيطانية داخل إيران؟
واجبها هو الحفاظ علی کيان انقضی عهده تاريخيا أي نظام ولاية الفقيه، من خلال ممارسة القمع والکبت والفساد ضد الشعب الإيراني.
وتعمل من أجل فرض السيطرة والرقابة والتآمر علی المجتمع والمواطنين من خلال استخبارات الحرس.
وظيفتها هي تأسيس شبکات تجسس في عموم أرجاء المجتمع الإيراني باستخدام قوات البسيج، وإغلاق أي نافذة للنشاط الشعبي الحر في الشوارع أو مراکز التعليم أو الدوائر والوحدات الإنتاجية.
قوات الحرس هي القوة الرئيسية لفرض الرقابة علی شبکات التواصل الاجتماعي ومنع التداول الحر للمعلومات، وهي تعتقل العديد من الشباب وتعذّبهم لهذا السبب، کما هي في الوقت نفسه عامل استيراد المخدّرات وتوزيعها في إيران وتعمل لتصديرها إلی أوروبا.
السؤال الذي يخطر علی بال الکثيرين هو لماذا لم يتم تطويق الانهيار الاقتصادي في إيران منذ سنوات؟
الجواب أن قوات الحرس وبأمر من خامنئي تسيطر علی الجزء الأکبر من الاقتصاد، وأن العوائد والثروات الإيرانية تستنزف من قبل هذه القوات في مستنقع الإرهاب والقمع بدلا من الاستثمار في البلاد.
وکانت قوات الحرس خلف نهب أرصدة ملايين الإيرانيين في المؤسسات المالية والائتمانية.
والأهم من کل ذلک، إن الدور الخاص الذي يلعبه هذا الجهاز هو مواجهة الانتفاضات الشعبية المحتملة للتفجر ضد النظام.
 
دوافع الحرب الثماني سنوات مع العراق في الثمانينات والحرب ضد الشعب السوري والتدخل الاجرامي لنظام الملالي في لبنان والعراق واليمن وافغانستان، کلها نابعة عن أزمة السقوط داخل إيران.
لو لم تکن ولاية الفقيه مکروهة ومبغوضة داخل إيران إلی هذا الحد، لما کانت تحتاج إلی قوات الحرس وقوة القدس وإلی مجموعات الميليشيات المحترفة  في القتل والفساد في المنطقة. ولو لم تکن ولاية الفقيه فاقدة الاستقرار، لما کانت تقحم نفسها بشکل استنزافي في حروب المنطقة.
لقد أکد خامنئي وقادة قوات الحرس أکثر من مرة وکرروا أنه إذا لا يقاتلون في سوريا والعراق، فعليهم أن يضعوا الخط الأمامي في طهران وهمدان واصفهان. يا تری ممن يخاف هؤلاء ومن مواجهته؟
إنهم يخافون من مواجهة الشعب الإيراني. هاجس الخوف المسيطر عليهم ليل نهار هو من الشعب الإيراني رغم کل أعمال القمع والاعتقال والکبت الذي يفرضونه علی المجتمع.
 
وکما قال قائد المقاومة مسعود رجوي : «اذا تخلی النظام يوما من تصدير التطرف والإرهاب إلی خارج إيران، واقتصر نشاطه داخل الحدود الإيرانية، فان ولاية الفقيه تفقد روحها… وينهار نظام الملالي».
وکتب الرئيس السابق للنظام أحمدي نجاد في رسالة مفتوحة إلی خامنئي:
«الوضع في البلاد خطير للغاية. …
الثقة العامة بالمسؤولين الکبار… تکاد تکون صفرا و المسؤولون متخبطون.»
ورغم بيع النفط إلا أن الوضع العام للبلاد قد تراجع بشکل سافر. وبحسب قول أحمدي نجاد، فان الأزمات قد تجعل البلاد في کل لحظة تواجه ظروفا غير متوقعة…
إن خوف الرئيس السابق للنظام من الوضع الطارئ الذي يمرّ بالأقلية الحاکمة حيث لا يمکن التنبؤ به، هو الخوف الذي ينتاب النظام بمجمله.
 
ولکن ما هو العامل الذي جعل الوضع طارئا لهم ومن أين يأتي خوفهم؟
إن خوفهم من الشعب الإيراني ومن إرادة الشعب الإيراني من أجل التغيير، وأن هذه الإرادة تتبلور في المقاومة المنظمة.
إن طلب الشعب الإيراني للتغيير أصبح کابوسا مستمرا للنظام بسبب وجود بديل ديموقراطي له. مقاومة مشروعة مع قاعدة شعبية تواصل الصمود في النضال الطويل ضد نظام الإرهاب الحاکم في إيران باسم الدين. وهي مقاومة صامدة تمثل مطلب الشعب الإيراني لإقامة جمهورية مبنية علی فصل الدين عن الدولة. وهي مقاومة تعبّر عن حرکة الحرية وتوجهّها نحو إقامة مجتمع قائم علی المساواة بين الرجل والمرأة واحترام حقوق الإنسان. مقاومة نضالها ينصبّ علی القضاء علی الفقر والتمييز وتحقيق تطور اقتصادي واجتماعي.
ولهذا السبب باتت الحرب النفسية وحملة الأکاذيب والتشويه ضد مجاهدي خلق أمرا مستداما تتواصل دون وقفة. قبل ست سنوات وفي مثل هذه الأيام کانت الحکومة العميلة للملالي في العراق تهدّد المجاهدين سکّان مدينة أشرف وتحدّد لهم مهلة بعد مهلة وحتی أرسلت حافلات داخل مدينة أشرف لنقل أعضاء مجاهدي خلق. ثم استمر الملالي بقصف ليبرتي بالصواريخ أو أرسلوا فرقا من وزارة المخابرات إلی خلف أسوار ليبرتي لفرض الحصار والحرب النفسية علی مجاهدي خلق. وعادت هذه المؤامرات والأکاذيب حاليا لتستمر ضد مجاهدي خلق الذين نُقلوا إلی ألبانيا. لأن الملالي وقوة القدس ووزارة المخابرات يخافون ويرتعدون من انسجام وتقدم مجاهدي خلق، خصوصا بعد انتقالهم من العراق إلي الخارج وهم يشعرون بضغط کبير.
 
لا ننسی أنه وقبل أربعة أعوام، وبالضبط غداة مثل هذا اليوم، انتهی إضراب مجاهدي خلق في ليبرتي وأنصار المقاومة في جنيف وبرلين واتاوا ولندن وملبورن وواشنطن واستوکهولم وروما بنجاح و الذي استمر 108 أيام. إضراب عن الطعام بدأ للاحتجاج علی قتل الأشرفيين وانتهی بحکم صادر عن محکمة اسبانيا ضد أحد الآمرين لهذه الجريمة. وأثبت ذلک مرة أخری الصمود والعزم الراسخ لأعضاء المقاومة.
نعم، حالة الاستياء العام والاحتجاجات اليومية في إيران خطيرة علی الملالي لکونهم يرون أن هناک مقاومة وبديلا مستعدا وقويا ومصمّما قادرا علی تحويل بوصلة مستقبل إيران نحو التحرير.  الملالي يخافون لأنهم يرون أن هکذا مستقبل أمام الشعب الإيراني وهو يستقوي بهکذا مقاومة وبديل.
 
أيها الأصدقاء الکرام،
إن المجتمع الدولي اليوم يعترف ولو بتأخير طويل، بتهديدات قوات الحرس؛
هذه المواقف بطبيعة الحال خطوة ايجابية، ولکنها ليست کافية قياسا إلی الأضرار المتزايدة التي تلحقها هذه القوة العابثة المخرّبة. کما أن شعوب المنطقة دفعت ثمنا باهظا جراء سياسة المداهنة التي انتهجتها الدول الغربية لسنوات للتعامل مع هذا النظام.
سياسة المداهنة هي التي قد فتحت الباب علی مصراعيه أمام أعمال قوات الحرس الشريرة. کما أن نظام الملالي هو مَن تسبب في تنامي داعش وذلک بممارسة أعمال تعسفية وقتل الشعب العراقي. ثم بحجة محاربة داعش، استقدم الدول الغربية إلی التعاون والمواکبة معه واستغل هذه الفرصة لتوسيع رقعة جرائم وإرهاب قوات الحرس.
 
النظام الايراني خرق ومثلما قال سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة مؤخرا، قرارات مجلس الأمن الدولي ويشکل خطرا علی السلام والأمن في کل العالم.
علی الدول الغربية أن تعوّض عن الأضرار الجسيمة التي نتجت عن أخطائها في السنوات الماضية. واذا کانت محاربة داعش أمرا ضروريا، فإن مواجهة بربرية هي أخطر من داعش بأضعاف متمثلة في نظام ولاية الفقيه وقوات الحرس والميليشيات العميلة لها أمر ضروري أکثر بأضعاف.
مع ذلک، فان سياسات الدول الغربية تجاه نظام ولاية الفقيه مليئة بالتناقض، وهذا ما يستغله نظام الملالي. وقبل عشرة أيام أکدت في مؤتمر عقد في البرلمان الأوروبي وبشکل خاص بشأن سياسة الاتحاد الأوروبي حيال نظام الاستبداد المتستر بالدين أنه طالما يتوهم الاتحاد الأوروبي بأنه يستطيع من خلال تقديم تنازلات لهذا لنظام للجم أخطاره، فهذا معناه العملي أنکم تغذّون التمساح.
إن الاتحاد الأوروبي قد تخلی مع الأسف عن قيمه بسبب تعزيز التجارة مع الملالي وغض الطرف عن الانتهاک الصارخ لحقوق الإنسان في إيران.
إن خطابنا الموجّه للاتحاد الأوروبي هو أن عليکم أن توقفوا السياسة التي تلبّي حاجة النظام الإيراني لزعزعة الاستقرار في المنطقة وقمع الشعب الإيراني. وکلامنا هو ألا تسمحوا للنظام أکثر من ذلک أن يستغل مواکبة أوروبا معه دبلوماسيا وتجاريا لصالح تنفيذ سياساته الخطيرة. بل عليکم بدلا من ذلک  أن تحسموا سياستکم واعتمدوا سياسة الحزم والصرامة تجاه النظام.
 
أيها الأصدقاء الکرام،
المتوقع من المجتمع الدولي اليوم هو أبعد من المواقف السياسية البحتة.
لا يدفع النظام الإيراني ثمنا في الوقت الحاضر بسبب سياساته التخريبية في إيران وفي المنطقة. في حين يعيش الملالي أکثر الحالات هشاشة وأکثر من أي وقت آخر.
وعلی هذا الأساس إني أدعو باسم الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية کل الدول الغربية إلی النقاط التالية:
 إعلان قوات الحرس کقوة إرهابية ومنع وصول هذه القوة الفاسدة وکل النظام إلی المنظومة المصرفية العالمية.
 اطردوا قوات الحرس والميليشيات الموالية لها من سوريا والعراق ودول أخری في المنطقة و امنعوا نقل المقاتلين والأسلحة من قبل الحرس إلی دول المنطقة.
 اطردوا عملاء قوة القدس الإرهابية ووزارة المخابرات من الدول الأوروبية وأمريکا.
 اشترطوا علاقاتکم الدبلوماسية والتجارية مع الاستبداد المتستر بالدين بوقف التعذيب والإعدام في إيران.
 بشأن جرائم نظام ولاية الفقيه، خاصة مجزرة ثلاثين ألف سجين سياسي في العام1988، اعتمدوا سياسة من شأنها أن يوفر مجلس الأمن الدولي ترتيبات لتشکيل محکمة خاصة أو يحيل الملف الی محکمة الجنايات الدولية لمحاکمة قادة النظام.
 اعترفوا بمقاومة الشعب الإيراني من أجل الحرية والديموقراطية.
 ادعموا طلب تقديم الحکومة العراقية تعويضات لمجاهدي خلق وجيش التحرير الوطني عن أموالهم وأجهزتهم وأسلحتهم ومعسکراتهم التي صادرتها.
أيها الأصدقاء الأعزاء،
إن إسقاط النظام أمر حتمي وفي متناول اليد. إن الشعب الإيراني لاسيما الشباب الأبطال والعازمين لبناء ألف أشرف وألف معقل للعصيان في عموم إيران سيحققون هذا الهدف المجيد، والکلام الأخير لهم وهو کلمة الحرية والديموقراطية والمساواة.
التحية للشعب الإيراني.
التحية للحرية
التحية لکم جميعا

زر الذهاب إلى الأعلى