أخبار إيرانمقالات

الدور الاستخباراتي للملحقيات الثقافية الإيرانية

 

 


الاتحاد الاماراتية
25/7/2017
 
بقلم:عائشة المري


 أغلقت دولة الکويت الملحقية الثقافية والملحقية العسکرية الإيرانية الخميس الماضي وأمهلت الدبلوماسيين الإيرانيين المطرودين من الکويت مدة 45 يوماً لمغادرة الأراضي الکويتية، إثر هروب 16 متهماً من المدانين فيما عرف بخلية العبدلي الإرهابية المدعومين من إيران إلی الأراضي الإيرانية، مما شکل صدمة للرأي العام ودفع الحکومة الکويتية لاتخاذ تلک الخطوة الدبلوماسية الشجاعة لتضع حداً للتدخل الإيراني والتغلغل السرطاني في الشأن الکويتي.

لم تکن خلية العبدلي الأولی في الکويت ولم تکن حالة معزولة عن الأنشطة الاستخباراتية وخلايا التجسس والإرهاب الإيرانية في الکويت، إذ يعود التاريخ الموثق لإرهاب أجهزة المخابرات الإيرانية في دول الخليج ا، وفي الکويت تحديداً، إلی الثمانينيات، إذ استهدفتها الاستخبارات الإيرانية بهدف تصدير الثورة ودعم الانقلابات، وشهدت محاولة آثمة لاغتيال أمير الکويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح عام 1985 بتفجير سيارة مفخخة، ومن ثم قام عماد مغنية بخطف الطائرة الکويتية «الجابرية» لمقايضة السلطات الکويتية بإطلاق سراح الـ17 متهماً في قضية محاول الاغتيال. لقد سعت إيران وبأدوات محلية لبناء الخلايا وتجميع الأنصار والمؤيدين وخوض الصراع الإقليمي بأدواتها الناعمة وعلی رأسها الملحقيات الثقافية ودبلوماسيوها، وهو توجه علني معروف لا يحاول الإيرانيون حتی إخفاءه، بل إنهم يفتخرون بأنصار «الثورة الإسلامية» في الدول الخليجية، فزرعت الخلايا السرية ونشطت في الکويت تحديداً لانفتاح المجتمع الکويتي ولطبيعة السلطة الکويتية وشعبها.

ومنذ عام 2010، تمکنت السلطات الکويتية من کشف تسع خلايا تجسسية تعمل لصالح إيران، تضم کويتيين وعدداً من الدبلوماسيين الإيرانيين الذين يعملون في سفارة طهران في الکويت، ففي مايو 2010 أعلنت الکويت عن تفکيک شبکة تخابر وتجسس لمصلحة الحرس الثوري الإيراني تعمل علی رصد المنشآت الحيوية والعسکرية الکويتية، ومواقع القوات الأميرکية في البلاد، واعترف المعتقلون بتلقيهم الدعم من إيران. وتذکر مصادر کويتية أن الملحق السياحي في السفارة الإيرانية، کان المسؤول الاستخباراتي للحرس الثوري الإيراني في الکويت ومنطقة الخليج. وفي عام 2012 تم تفکيک إحدی أکبر الخلايا التجسسية الإيرانية فقبض علی 39 من ضباط الحرس الثوري الإيراني، و58 آخرين من رتب مختلفة، وعثر في سرداب إحدی الحسينيات في منطقة بنيد القار علی أجهزة تنصت وتجسس عالية الجودة، وأسلحة وقنابل عنقودية، وتلاها اکتشاف العديد من الخلايا النائمة والمستيقظة المهددة لأمن وسلامة الکويت، انتهاء بخلية العبدلي.

ومن المعروف أن الملحقيات الثقافية الإيرانية تعد نافذة للأنشطة الاستخباراتية الإيرانية، وتنتشر الملحقيات الثقافية الإيرانية في أکثر من 68 دولة حول العالم، وتخضع لإدارة موحدة تسمی «رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية»، وقد تأسست عام 1995 بتصديق من المرشد الأعلی الإيراني علي خامنئي، ولا تتبع وزارة الخارجية، وعلی رغم أن دور الملحقيات الثقافية المتعارف عليه ينصب حول الشؤون الثقافية والسياحية للبلد، وکذلک رعاية الطلاب المبتعثين في البلد المضيف، إلا أن إيران لطالما استخدمت تلک الملحقيات لنشر التشيع وتجنيد مؤيدين محليين، والترويج للکتب والرسائل المحملة بالفکر الشيعي ونشر اللغة الفارسية. والأخطر من ذلک تستخدم إيران هذه المراکز کبنية تحتية لوجستية للنشاطات الاستخبارية، وهو ما أکدته التجربة الکويتية.

جاء قرار إغلاق الملحقيات الإيرانية في الکويت متأخراً نسبياً، ولکنه سيشکل بداية جديدة للعلاقات الکويتية الإيرانية، ولابد من التأکيد علی وحدة وتماسک المجتمع الکويتي بجميع طوائفه، والوقوف بحزم تجاه الأطماع الإيرانية الرامية لاستهداف الکويت والدول الخليجية باستقطاب وتجنيد أبنائها خدمة لأجنداتها الطائفية، فأمن الأوطان خط أحمر حين يتجاوز الولاء المذهبي الولاء الوطني.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى