أخبار إيرانمقالات

ترامب وإيران والمنطقة!

 

 

الشرق الاوسط
14/11/2016
 
طارق الحميد إعلامي و کاتب سعودي ورئيس تحرير سابق لصحيفة “الشّرق الأوسط”

 

 تباينت ردود الأفعال الدولية الرسمية حول فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالرئاسة الأميرکية، لکنها اتسمت بالإطار الدبلوماسي، باستثناء الموقف الإيراني المتوتر، والذي ناقض حتی المواقف الأولية لمجرم دمشق بشار الأسد حيث تعبر دوائره عن تفاؤل بفوز ترامب.
الصين، مثلا، والتي نالها الکثير من النقد في حملة ترامب الانتخابية کان موقفها متزنا، وحکيما، ودون أي رد فعل عاطفي، أو تصعيدي. الروس، وتحديدا الرئيس بوتين، سارعا بالترحيب، وأبدی بوتين استعداد بلاده لإعادة العلاقات بشکل کامل مع أميرکا ترامب، ثم لاذت روسيا بالصمت، والانتظار، وربما السعي لفتح قنوات خلفية للتواصل مع دوائر ترامب، لکن دون تباهٍ، أو ضوضاء، ورغم کل ما قيل عن رغبة ترامب بالتعامل مع الروس. بينما کانت الحالة مختلفة تماما في طهران التي سارع رئيس هيئة الأرکان فيها اللواء محمد حسين باقري للتهکم علی الرئيس المنتخب ترامب، قائلا، أي باقري، إن ترامب تلفظ بکلام يفوق قدراته، وقدرات بلاده، عندما هدد إيران في حملته الانتخابية، محذرا ترامب بعدم اختبار قدرات إيران: «کي لا يندم». وقال باقري إن ترامب: «تلفظ بکلمات تفوق قدراته الذهنية، وقدرات بلاده العسکرية»! بينما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن نتيجة الانتخابات الأميرکية لن تؤثر علی سياسة إيران؛ علی اعتبار أن مواقف واشنطن ضعفت دوليا بسبب «السياسات الخاطئة».
وأسباب هذا التصعيد الإيراني قول ترامب بحملته الانتخابية إنه سيعيد النظر في الاتفاق النووي الإيراني، ويبدو أن ما أثار إيران هو التصريحات الأخيرة للمتحدث باسم الخارجية الأميرکية والتي قال فيها إن الاتفاق غير ملزم للرئيس الأميرکي المنتخب، ويستطيع تجاوزه، وهو ما يثير الحيرة بالطبع من حماس إدارة أوباما لهذا الاتفاق، وتدليلها لإيران، وإطلاقها ليد طهران الإجرامية بالمنطقة، بينما يقول الآن المتحدث باسم الخارجية الأميرکية مارک تونر إن «أي طرف يمکنه الانسحاب» من الاتفاق النووي!
وعليه فنحن أمام تهنئة عربية منضبطة، رسميا، وهذا جيد، وأمام حذر أوروبي، وهذا متوقع، واتزان صيني، وهذه حکمتهم، وتوازن روسي، وهذه لعبتهم، فتاريخ البلدين، روسيا وأميرکا، لا يسمح بمساحة کبيرة من حسن النوايا، کما أننا أمام تفاؤل المجرم الأسد، وهذا مستغرب، فإذا کانت إيران غير قادرة علی إخفاء قلقها من انتخاب ترامب، وبدأت باستخدام اللغة المعروفة عنها، وهي التهديد، والبلطجة، فکيف يأنس الأسد لانتخاب ترامب؟ هل يعول الأسد علی الروس؟ أعتقد أنها مغامرة مبکرة! وهنا قد يقول البعض إن إيران قد تفتح قنوات خلفية للتواصل مع دوائر الرئيس المنتخب ترامب، والحقيقة أنه يجب أن لا نغفل أن إيران مقبلة علی انتخابات قد تزيل وجهها الناعم الدعائي روحاني، وربما تأتي بما هو أسوأ من نجاد. ولذلک يصعب تقييم فرص التهدئة والتعقل بين إيران، وأميرکا ترامب.
حسنا، کيف يجب أن يکون موقفنا من هذا التصعيد الإيراني – الترامبي، نسبة لترامب؟ نواصل غدًا.

زر الذهاب إلى الأعلى