مقالات

الرد الخليجي علی الاتفاق النووي

 


 


موقع الخليج الجديد
28/7/2015
 


بقلم: د.عبدالله خليفة الشايجي


 


بعد توقيع الاتفاق النووي بين القوی الکبری وإيران في الرابع عشر من يوليو الجاري، صدرت ردود فعل متباينة أغلبها مرحبة بالاتفاق الذي نخشی أن يؤسس لشرق أوسط جديد ولنظام إقليمي يطلق يد إيران في المنطقة، ويشرعن قبل ذلک وجودها، ويشطبها من الدول المارقة و«محور الشر» ويؤسس لنظام إقليمي خليجي جديد تکون دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة مباشرة مع إيران ومشروعها، والخشية من استقواء إيران من زخم الاتفاق النووي.
يتوافد وزراء خارجية وقيادات ومدراء شرکات ومؤسسات للاستثمار من الدول الأوروبية علی إيران للاستفادة من کعکة خطة الحکومة الإيرانية الاقتصادية الطموحة لتطوير قطاع الطاقة من نفط وغاز بمشاريع کبيرة بقيمة 185 مليار دولار بحلول عام 2020.
الملفت أنه لم يصدر عن الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بيان يعبر عن موقف جماعي من الاتفاق النووي، بل صدرت برقيات تهنئة وبيانات فردية من الدول الدولة الخليجية التي رحبت وتمنت أن يفتح الاتفاق النووي صفحة جديدة، ويسهم فی تعزيز أمن واستقرار المنطقة. بينما تحفظت المملکة العربية السعودية علی کيفية تنفيذ الاتفاق بفاعلية، وآلية التحقق من انصياع إيران له، وآلية إعادة فرض العقوبات الاقتصادية علی إيران في حال اتضح أنها انتهکت الاتفاق مع الغرب.
واضح أنه لا يوجد موقف خليجي موحد حول الاتفاق الذي وصفه من يسوق له من أميرکيين وأوروبيين وإيرانيين بالتاريخي، بينما تصفه قيادات الکونجرس بالخطأ، حيث هناک نواب يتعهدون ببذل قصاری جهودهم لإفشال الاتفاق النووي وإسقاطه، خاصة بعد أن اتهمت قيادات الحزب «الجمهوري» ومعهم اللوبي الأميرکي-الإسرائيلي ونتنياهو إدارة أوباما بالتساهل وارتکاب خطأ تاريخي.
وکان ملفتاً تقريع رئيس«لجنة الشؤون الخارجية» في مجلس الشيوخ الأميرکي «بوب کروکر» في جلسة الاستماع قبل أيام- متهماً وزير الخارجية جون کيري بأنه تم خداعه، وکان ممکناً الحصول علی اتفاق أفضل! بينما اتهمه آخرون في مجلس «الشيوخ» بأنه کان متساهلاً وتم استغفاله. وعلق «کيري» بأننا مع الروس والصين والقوی الکبری لسنا مغفلين- والاتفاق النووي يغلق جميع الأبواب الأربعة التي من خلالها کان لإيران أن تنتج 10 قنابل نووية.
ويؤکد المرشد الأعلی أن الاتفاق النووي لن يغير سياسة إيران تجاه دول المنطقة. وزاد علی ذلک في خطبة عيد الفطر بتأکيده (بأن إيران لن تتخلی عن دعم أصدقائها في المنطقة. والشعبين في فلسطين واليمن والشعبين والحکومتين في سوريا والعراق والشعب المضطهد في البحرين)، ما استدعی رداً قاسياً من الحکومة البحرينية واستدعاء نائب القائم بالأعمال الإيراني، وتسليمه رسالة احتجاج شديدة اللهجة، واصفة التدخل الإيراني بالفج والمرفوض في الشأن الداخلي وتعدياً واضحاً علی سيادة واستقلال مملکة البحرين، وتمثل خرقاً لمبادئ الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، فضلاً عن أنها تحمل توصيفات مغلوطة عن الوضع في مملکة البحرين.
واتهم وزير الداخلية البحريني إيران بتصدير الإرهاب وبفتح معسکرات لتدريب إرهابيين وإيواء مطلوبين لديها، وبتهريب مواد متفجرة وأسلحة وذخائر إلی البحرين. وکذلک انتقد بشدة في بيان رسمي الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني ما وصفه تناقض القيادة الإيرانية وتدخلها بشؤون البحرين.
وأعرب عن رفضه تصريحات المرشد في وقت يصرح فيه «روحاني» برغبته في فتح صفحة جديدة، ما يؤکد الهواجس الخليجية بأن الاتفاق النووي لن يُعدّل ويغير من سلوک إيران وتدخلها في شؤون المنطقة بخلاف ما يذهب إليه الرئيس أوباما وإدارته من أن الاتفاق سيعقلن ويغير سلوک إيران العدائي والمهدد للأمن والاستقرار في المنقطة.
قلنا وکررنا أن الاتفاق النووي سيقوي ويصلب من مواقف إيران وتدخلها في شؤون المنطقة ويسخن الحرب الباردة بين ضفتي الخليج! بينما لدی أوباما قناعة بأن الاتفاق النوويسيعلقن ويعدل من سلوک إيران وتصرفاتها في المنطقة..بالرغم من قناعته أن الاتفاق النووي لن ينهي سلوک إيران الهجومي ضد جيرانها العرب أو يقود لمصالحة وتعايش سلمي بين الشيعة والسُنة أو يحل کل المشاکل التي تُعزی لإيران. لأن هذه ليست أولويات لأوباما.
الأهم اليوم بعد الاتفاق النووي بين القوی الکبری وطهران، هو ليس کيف ستستقوي وتوظف إيران الاتفاق النووي لتزيد من نفوذها ودورها، بل التحدي الحقيقي هو ماذا أعددنا للتعامل مع شرق أوسط مختلف، ونظام إقليمي جديد، بعد تغير التحالفات واختلال موازين القوی ما يعمق مخاوفنا من الصفقة الکبری وتداعياتها علی أمننا واستقرارنا.
المطلوب التصدي والعمل بجدية علی برنامج نووي خليجي، وتفعيل التعاون الخليجي والارتقاء به لمستوی الاتحاد الخليجي والبناء علی «عاصفة الحزم» و«السهم الذهبي»، خاصة بعد تحرير عدن، لأن کلفة ونزف التسويف سيکونا أکثر کلفة وتهديداً لأمننا في المستقبل. علينا أن نتحرک اليوم بعيداً عن الخلافات البينية بيننا، وتطمينات الحليف الأميرکي، الذي ثبت في السنوات الماضية، أنها أقرب للأماني الرغائبية منها للواقع!


 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى