أخبار إيرانمقالات

إيران کما تريدها المنطقة

 

 

27/8/2017
بقلم:سعاد عزيز

 

هناک جدل کبير يدور حول الدور الإيراني في المنطقة وما قد تداعی ويتداعی عنه، ولا غرو من أن الاتجاه العام في المنطقة يميل إلی عدم استساغة وتقبل هذا الدور، خصوصا بعدما تخطی وتجاوز الکثير من الخطوط والاعتبارات وسعی إلی فرض حالة جديدة غير مسبوقة للدور الإيراني، بحيث لا نجد لها مثيلا إلا في القرون الغابرة أيام الطموحات الإمبراطورية لها، والذي يدعو أکثر للاقتناع بهکذا طرح، هو إن هناک عددا غير قليل من التصريحات والمواقف من جانب قادة ومسؤولين إيرانيين تتفاخر بوصول النفوذ الإيراني لمناطق تطل علی البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، مؤکدين بأن إيران قد نجحت في تحقيق الحلم الفارسي الذي فشلت الإمبراطورية الفارسية في تحقيقه علی مر التأريخ.
إيران وبعد الثورة، لم تکن کما تصورها وتوقعها الشارعان العربي والاسلامي، بل إنها ظهرت بصورة أخری مغايرة تماما لتلک الصورة المثالية التي سعت للإيحاء بها في تصريحات ومواقف قادتها، ولعل أکثر شيء غرابة بدر من إيران ما بعد الشاه، هو دورها الملفت علی صعيد القضية الفلسطينية، إذ إنها وبعد کل التصريحات الطنانة والمواقف الاستثنائية وبعد أن تم فتح سفارة لفلسطين في طهران، فإن الذي تمخض عن کل تلک التصريحات والمواقف هو شق وحدة الصف الفلسطيني، وهو الأمر الذي عجزت عن تحقيقه إسرائيل.
الدور الإيراني السلبي بعد عهد الشاه لم يقف عند عتبة شق وحدة الصف الفلسطيني وإنما تعداه لبلدان المنطقة عندما نقل قضية شق وحدة الصف والکلمة إلی ما بين الشعب الواحد أولا کما فعل ويفعل في العراق واليمن ولبنان وسورية، أو کما فعل بشق وحدة الصف العربي عندما أوجد شرخا بين بلدان خاضعة لنفوذه وبلدان أخری في المنطقة، هذا الدور الذي بدأ الشارعان العربي والاسلامي يحذران منه بل يرفضانه ويجدان فيه خطورة تهدد الأمن القومي لبلدان المنطقة ولاسيما الأمن الاجتماعي، وإن ما جری في مناطق من محافظة ديالی والقريبة من الحدود الإيرانية ومناطق أخری في تکريت والموصل عندما تم إخلاؤها من سکانها الأصليين وإحلال آخرين تم استقدامهم من مناطق أخری قد أعطت أکثر من انطباع بشأن نوايا غير عادية مبيتة.
إيران اليوم التي جعلت من دورها ونفوذها في المنطقة ورقة تلعبها وتناور بها علی طاولة المفاوضات مع الدول الغربية، مثلما جعلت من دول المنطقة جسرا للعبور بمشروعها لإقامة إمبراطورية دينية متطرفة ذات بعد طائفي، ليس هناک من شک بأن عهد حکم الشاه کان أفضل بکثير من هذا العهد الذي يعطي شعوب المنطقة «من طرف اللسان حلاوة ويروغ عنهم کما يروغ الثعلب»، لکن وفي کل الأحوال، فإن دول وشعوب المنطقة لا تريد ولا تتقبل إيران بهذا الشکل وإنما تريدها إيران مسالمة تتعايش سلميا مع شعوب المنطقة وتحترم سيادة واستقلال الدول الأخری ولا تتدخل في شؤونها ولا تسعی لامتلاک أسلحة دمار شامل لتهدد بها دول المنطقة، تماما کما أکدت وتؤکد زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي، لأن إيران بشکلها ونهجها الحالي لا تتقبلها بلدان المنطقة بل حتی شعوبها أيضا، وإن المستقبل سيؤکد هذه الحقيقة دونما أي شک.

زر الذهاب إلى الأعلى