أخبار العالم

“لا تعيدونا إلی ميانمار سيقتلوننا”.. الأيتام الضائعون في مخيم اللاجئين


10/12/2017

کانت آخر ذکری للشابة جاناتا بيجوم عن والدتها هي اللحظة التي قام فيها جنود ميانمار بتقطيعها إربًا إرباً باستخدام المنجل.
أُجبرت جاناتا (15 عامًا) وشقيقها حبيب (12 عامًا)، اللذان کانا يتيمين، علی ترک والدتهما عندما هاجم الجيش قريتهما في بوثيدونج الواقعة شمال ولاية راخين في نهاية أغسطس، وأحرق المنازل وأطلق النار علی المدنيين.
اختبأ الطفلان مع الجيران في الغابة لمدة 15 يومًا، ثم شقا طريقهما؛ بحثًا عن الأمان في بنجلاديش، عبر رصاص البنادق الذي أخذ يُسقط الناس من حولهما.
قالت جاناتا لصحيفة “تليجراف” البريطانية، إنهما کانا يتضوران جوعًا، وناما تحت الأمطار علی الأرض الموحلة، وفي بعض الأحيان کان مستوی المياه يرتفع ليصل لمستوی رقبتيهما.
 
مکسورا القلب ومصابان باضطرابات، هکذا کانت حالة جاناتا وشقيقها عندما وصلا إلی مخيم کوکس بازار في جنوب بنجلاديش، الذي استقبل 624 ألفاً من لاجئي الروهينجا، وفقًا للأرقام الرسمية، لکن طبقًا لـ”تليجراف” فإن العدد ربما وصل قرابة 700 ألف منذ بدء العمليات العسکرية في 25 أغسطس.
في مخيمي کوتوبالونج وبالوخالي متراميي الأطراف والمجاورين لمخيمات اللاجئين، 58% من الموجودين أطفال وأيتام يمکن بسهولة أن يضيعوا وسط الحشود، أو الأسوأ أن يتعرضوا لاعتداءات واستغلال واتجار.
تشکل کل من ميانمار وبنجلاديش حاليًا فريق مفاوضات؛ لبحث تفاصيل الاتفاق الذي جرت الموافقة عليه نهاية نوفمبر؛ لإعادة لاجئي الروهينجا إلی موطنهم خلال الشهرين القادمين.
لکن کثيراً من العائلات ما زالت تبحث عن أقاربها المفقودين، الذين مزقتهم فوضی القتال بعد حملة التطهير العرقي التي أطلقها جيش ميانمار، بالتالي ربما لن يکونوا قادرين علی التفکير في أمر العودة إلی وطنهم الآن.
وبالنسبة للأطفال المکلومين الذين شهدوا ذبح والديهم وليس لديهم منزل يعودون إليه، سيکون هذا إرثهم من الأزمة.
 
بالنسبة للأمم المتحدة، ما يقرب من 19 ألف طفل وصلوا بنجلاديش منذ أغسطس بدون والديهم، ومع ذلک ربما يکون الرقم الفعلي أکبر من ذلک.
أکثر من 5200 من هؤلاء الأطفال ليس لديهم أقارب يعتنون بهم، لذا نشأت منازل يعيلها الأطفال؛ حيث يعتني مراهقون بأشقائهم الأصغر.
جاناتا وحبيب، اللذين تغير اسماهما حفاظًا علی هويتهما، وجدا عمهما عن طريق برنامج تعقب أطلقته منظمة “أنقذوا الأطفال”، الذي لمّ حتی الآن شمل 24 طفلًا بوالديهم، و27 آخرين مع أقاربهم.
وقالت جاناتا إنها کانت “سعيدة” عندما وجدت عمها، لکنها لا تزال تشعر بالحزن في المخيم الذي يعاني ندرة الموارد الغذائية، کما أنه لم يعد بإمکانها مواصلة العمل علی تحقيق حلمها في أن تصبح خياطة.
کثير من الأطفال تطاردهم الأعمال الوحشية التي شهدوها في ميانمار، لکنهم ما زالوا يتمنون إيجاد أحبائهم، ولا يتمنون العودة مجددا إلی ميانمار  خوفا من القتل.
 
جين علام (12 عامًا) ما زال يحاول تحديد مکان والدته التي رآها آخر مرة علی الشاطئ عندما قفز هو وأشقاؤه الثلاثة الأصغر علی قارب لعبور نهر ناف إلی بنجلاديش.
وقال علام: “اعتقدنا أنها خلفنا لذا لم نقلق في البداية”، لکن والدته کانت قد اختفت، ونظرًا لأنه فقد والده منذ 8 أعوام، يعتني الطفل الآن بأشقائه الأصغر.
علام يجد بعض الراحة في منظمة “تشيلدرن فريندلي سبيس”، الممولة من بريطانيا وتديرها “يونيسيف”، حيث يمکن للأطفال هناک اللعب والتحدث عن محنتهم مع مستشارين مدربين.
عندما وصل لأول مرة هناک، کانت رسوماته عبارة عن مروحيات تحرق المنازل، وهو ما کشف عن مدی الوحشية التي شهدها.
علام الآن يضحک ويتفاعل مع الأطفال الآخرين، ويفضل رسوم الزهور، لکن جرحه لا يزال داميًا، حيث قال: “أفتقد والدتي بشدة. إنها جميلة للغاية”.
العاملون علی قضية والدة علام لا يريدون إخباره إنهم لم يتوصلوا لشيء يقودهم إليها، لکنه قال: “أعتقد أن الجيش قتلها.. لا تعيدونا إلی هناک سيقتلوننا”.

زر الذهاب إلى الأعلى