مقالات

سوريا والتفکير بصوت مسموع

 


 


الشرق الاوسط
20/2/2014


 


بقلم: طارق الحميد


 


منذ إعلان الإدارة الأميرکية عن طلب الرئيس أوباما إعادة النظر في سياسات بلاده تجاه الأزمة السورية بعد فشل محادثات جنيف، بات هناک نقاش أميرکي مفتوح حول کيفية التعامل مع سوريا الآن، وعلی کافة المستويات، وخصوصا في الإعلام الأميرکي.
وجل النقاش الدائر الآن هو بمثابة التفکير بصوت مسموع، ولا يختلف عن النقاشات السابقة منذ انطلاق الثورة السورية، مثل ضرورة عدم التورط الأميرکي العسکري في سوريا، والحذر حيال تسليح المعارضة، وأهمية إعادة هيکلة الجيش الحر، وغيره من نفس المنطق السائد في أميرکا منذ انطلاق الثورة السورية. وطالما أننا نشهد تفکيرا بصوت مسموع فمن الجيد أن تشارک منطقتنا في هذا «التفکير» الآن لشرح نقاط يتجاهلها الأميرکيون، خصوصا أن الإيرانيين يقومون بذلک من خلال حملات تضليل وتشويش يشارک فيها الروس، وبالطبع نظام الأسد، وبطرق مختلفة.
إشکالية التفکير الأميرکي الحالي تجاه إدارة الأزمة السورية أنه يرکز علی عناصر حل جلها يفترض أن التعامل مع الأزمة يتطلب خطوات تقوم علی حسن النوايا، وجدية الطرف الآخر، إلا أن الإشکالية هنا تکمن في أن الطرف الآخر، أي إيران والأسد، لا يترددان في الاستعانة حتی بالشيطان من أجل کسب المعرکة في سوريا، فمن الاستعانة بفيلق القدس الإيراني إلی ميليشيات حزب الله، وکذلک تنظيم القاعدة، هذا عدا عن عدم توقف آلة القتل الأسدية، ومنذ اندلاع الثورة. والأدهی من کل هذا أنه في الوقت الذي کانت تتحدث فيه روسيا عن حلول سياسية، ومؤتمرات، فإن عملية تسليحها للأسد لم تتوقف!
وعليه فمن العبث أن تکون طريقة التفکير الأميرکية في التعامل مع الأسد وإيران والروس هي نفسها اليوم بعد قرابة الثلاثة أعوام، بينما الطرف الآخر، إيران والأسد وروسيا، لم يغيروا من أساليبهم المضللة والقاتلة، ومجابهة الشعب السوري، وإلا فإننا حينها أمام أمرين لا ثالث لهما؛ إما أن الإدارة الأميرکية ما زالت تواصل عملية الهروب إلی الأمام في الأزمة السورية، وتحاول البحث عن أعذار واهية، خصوصا أنه بعد کل محطة في الأزمة السورية يقول البعض في الإدارة الأميرکية إن «الفرصة قد ضاعت» لفعل شيء ما في سوريا، أو أننا أمام الأمر الآخر وهو أن الإدارة الأميرکية لا تدري حقيقة کيفية التعامل مع هذه الأزمة، وهذا أخطر من التردد، ومحاولة التجاهل، خصوصا أن الأزمة السورية تعقد جل اللافت في المنطقة، وخصوصا ما له علاقة بالعراق ولبنان، وحتی الأردن، وغيرهم، هذا عدا عن التأجيج الطائفي، وتصاعد وتيرة الإرهاب بالمنطقة.
ولذا فإن ملخص القول هو أنه عند التعامل مع الأسد، وإيران، يجب أن تکون کل الخيارات علی الطاولة، ولا بد من لغة يفهمها الأسد، وهي لغة القوة، وأولی الخطوات لذلک هي التسليح النوعي للجيش الحر، وعدا عن ذلک فهو مضيعة للوقت، والأرواح، وتعريض المنطقة ککل للخطر، وهو ما تؤکده الأحداث کل يوم.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى