حديث اليوم

ولاية روحاني الثانية.. الوعود والتحديات والحقائق

 


 
عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات وإخراج حسن روحاني من صناديق مهزلة الانتخابات لدکتاتورية ولاية الفقيه أصدرت المقاومة الإيرانية بيانا أعلنت فيه: « روحاني لايريد ولا يستطيع إحداث تغيير جادّ في أسس ومباني هذا النظام المتخلّف العائد لعصور الظلام وتصرّفاته» (بيان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ـ 20 أيار2017).
والآن تشکيلة الحکومة الثانية لروحاني أمام الجميع و بات بامکان الجميع مشاهدة صحة حکم المقاومة الإيرانية وبطلان مزاعم يطلقها هذا الملا المحتال.
وفي حملته الإعلامية للانتخابات لم يکن روحاني يؤکد في تصريحاته وبمفردات متحذلقة علی ضرورة مشارکة النساء والتنوعات الإقليمية والدينية في «الإدارة العالية للبلاد» فحسب، وإنما وقبل أيام وخلال کلمة أدلی بها في حفل تنصيبه أطلق وعودا قاضية بمشارکة النساء والشباب وجميع التنوعات في المجتمع الإيراني و«القوميات الإيرانية التي تعتبر فلذة الکبد لأم الوطن» في الحکومة («لقد تعلمنا أن المجتمع الإيراني متنوع من ناحية سلوک العيش ولا يعيش فيه النساء والرجال والشباب والريفيون والمدنيون علی نمط سواء کما لا يتعاملون مع الثقافة والفن بشکل مماثل. لا بد من الاعتراف بهذا التباين والتنوع وتکريمهما، وأن جميع القوميات الإيرانية هي فلذة الکبد لأم الوطن ويحق لها أن تؤخذ بعين الاعتبار وتساهم أکثر فأکثر ليتحقق بذلک التطوير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المتوازن والعادل في البلاد بأسرها… ونعلم اليوم أن التطورات المتعلقة بالظروف العالمية والإقليمية والوطنية ذات الصلة بقضية النساء والشباب تلقي بظلالها بشکل مؤثر للغاية علی بلادنا في الوقت الحاضر والمستقبل ونذعن بأننا ومن أجل بناء مستقبل يتجسد فيه کل من الحرية والأمن والراحة والتقدم مضطرون إلی التعويل علی قدراتهم غير المتناهية». کلمة روحاني ـ 5آب/ أغسطس).
ولکن الآن وفي الحکومة الثانية عشرة لروحاني لم يقدم روحاني أي وزير من النساء وأبناء السنة أو الأکراد وتحاول العناصر والأجهزة الإعلامية التابعة لروحاني الإيحاء بأن هذه التشکيلة هي ناجمة عن إملاءات الولي الفقيه وفرضه علی روحاني فضلا عن اضطرار الأخير وعجزه إزاء هذه الظروف المفروضة عليه: «وبالمناسبة، لو قدمت وزيرة أو واحد من أبناء السنة أو الأکراد في ترکيبة الحکومة لکان الأمر مدهشا جدا» (موقع زيباکلام ـ موقع فرارو الحکومي ـ 8آب/ أغسطس 2017). ولکن لا يتذکر هؤلاء أن روحاني المحتال أدلی بالتصريحات المذکورة أعلاه بشأن مشارکة النساء والقوميات الإيرانية في حفل تنصيبه حيث کان قد عيّن حکومته من قبل کما کانت الترکيبة معروفة لنفسه علی الأقل.
وکانت أبواق روحاني ومن أجل جعل تحميق اولئک الذين يظنون بأنهم انخدعوا بوعود الملا حسن روحاني ، تتحدث عن «تحديات يواجهها روحاني» في انتخاب أعضاء الحکومة وتلجأ الی استخدام خدعة «اختيار ماهو سيء هربا من الأسوأ» ويقولون: «ولو لم يکن روحاني رئيسا للجمهورية، لکانت الحکومة أسوأ. وينبغي أن نشکر لهذه الحکومة!» (موقع زيباکلام ـ موقع فرارو الحکوم»ي ـ 8آب/ أغسطس 2017).
وأطلق أحد آخر من موالي روحاني وتبريرا لترکيبة الحکومة الجديدة أنات وآهات مُرة لـ«مشاکل تعرض لها السيد روحاني طيلة شهرين منذ فوزه في الانتخابات» وتابع قائلا: «اعتقلوا شقيقه طوال هذه الفترة فضلا عن استدعاء 7محافظين له مما يعني: أيها السيد، اجلس مکانک!» ويستخلص من هذه التذمرات: «نحن نعيش في هذا المجتمع (اقرءوا النظام)، ولا مناص لنا سوی ذلک، وعلينا نسلک هذ الدرب» (تاج زاده المساعد الأسبق لوزارة الداخلية ـ في مقابلة متلفزة ـ 8آب/ أغسطس).
وتعتبر هذه العبارة منطقا سخيفا ومخزيا يقضي بجعل المواطنين مرغمين علی الاختيار بين السوء والأسوأ والذي ضربه المواطنون الإيرانيون عرض الحائط من خلال شعار «لا للجلاد ولا للمحتال، صوتي إسقاط النظام!» وقلبوا طاولة منظمي مهزلة الانتخابات رأسا علی عقب.
ولکن اسمحوا لي أن نتريث قليلا عند «تحديات يواجهها روحاني». وتعلن وسائل الإعلام والعناصر التابعة لروحاني عن 3تحديات رئيسية:
الأول، إقالة الملا بورمحمدي من جلادي مجزرة العام 1988
الثاني، عدم حضور ولو امرأة واحدة في الحکومة
الثالث، عدم حضور ولو وزير من الأکراد أو أبناء السنة
وتذکّر إحدی الصحف التابعة لعصابة روحاني «ابتعاد وزير العدل أو إرغامه علی ذلک» بمثابة إحدی التحديات أمام روحاني «من شأنه أن يعتبر أمرا إيجابيا في المجتمع من النواحي الاجتماعية والنفسية والمعنوية» واصفة إياه «حادثا قابلا للنقاش والتأمل حيث تترتب عليه تداعيات اجتماعية وتنفيذية في الحقيقة» (صحيفة جهان صنعت الحکومية ـ 9آب/ أغسطس). وهکذا تذعن أن إقالة الجلاد بورمحمدي لم يکن مطلب روحاني وإنما أتی نتيجة للضغوط الاجتماعية. کما وأن روحاني سلم کرسي وزارة العدل إلی جلاد آخر في مجرزة العام 1988 يدعی علي رضا آوايي. ولکن ليس آوايي استثناء، وتکاد أن تنطوي ترکيبة الحکومة برمتها علی أفراد من التابعين لوزارة المخابرات والجلادين والمعذبين وقوات الحرس والإرهابيين المختطفين ممن لهم سجل أسود من الجريمة والقتل والاغتيال.
وبشأن عدم حضور ولو امرأة واحدة أو واحد مما يصفه النظام بـ«الأقليات القومية والدينية» لکسب حقائب وزارية توجه أبواق روحاني تهم التقصير لخامنئي وعصابته وتقول: «لأسباب سياسية وغير سياسية، توجد عناصر وقوات لا تسمح للنساء والأکراد وأبناء السنة باستلام حقائب وزارية».
ولا يتمکن هذا التبرير السخيف والمخزي من التستر علی طبيعة روحاني، کما يزعم نفسه أن تشکيلة حکومته کانت قائمة علی قضية «تقدم الأهلية» وهي ليست إلا تخرصا لا تستطيع حتی أبواق روحاني الدفاع عنه (صادق زيبا کلام ـ 8آب/ أغسطس: «للأسف لم تکن قضية تقدم الأهلية معيارا لاختيار الوزراء وعندما يعود الأمر إلی قضية انتخاب النساء والأکراد وأبناء السنة، لا تعتبر قضية تقدم الأهلية معيارا!»).
ويطرح سؤال يقضي بأنه وما هو المعيار الحقيقي لاختيار روحاني وزراء حکومته؟  وترد علی هذا السؤال ترکيبة الحکومة ونماذج لمن دخلوا ومن بقوا:
تتم إقالة الجلاد بورمحمدي تحت وطأة الضغوط الاجتماعية الناجمة عن حرکة المقاضاة ولکن يحل محله أحد الجلادين في مجزرة العام 1988 في محافظة خوزستان.
کما تتم إقالة نعمت زاده من وزارة الصناعة والمعادن ويحل محله محمد شريعتمداري الذي کان ومنذ حکم الاستبداد الديني من کبار المسؤولين في القمع والسلب حيث لعب دورا نشطا في تأسيس الجهاز القمعي المسمی بـ«اللجان الثورية» وتنظيمها کما کان من مؤسسي وزارة المخابرات وعمل کالمساعد لهذه الوزارة القاتلة طيلة سنوات.
وتتم إقالة الحرسي دهقاني من وزارة الدفاع ويحل محله العميد حاتمي الذي کان ومنذ 12-13 من عمره و بداية حکم الملالي من الأعضاء الناشطين في الباسيج بحسب وسائل الإعلام الحکومية ومن الضالعين في القمع والقتل، وکان من قوات الباسيج والحرس ممن أدخلهم النظام في الجيش ليتمکن من فرض استيلائه وسيطرته ثمة بشکل تام. وأدی حاتمي دورا کبيرا في القمع والاعتقال والإعدام بحق المنتسبين الثوريين والمحبين للوطن في الجيش کما لعب دورا فعالا في مواجهة مجاهدي خلق في عملية الضياء الخالد.
ومحمد جواد آذري جهرمي هو من يستلم وزارة الاتصالات (وتقنية المعلومات) مؤخرا، الجلاد الذي کان منهمکا ومنذ 21 من عمره في الاستجواب والتعذيب والرقابة في وزارة المخابرات حيث نصب في العام 2009 ومن أجل الرقابة علی الاتصالات بين المنتفضين وقطعها في منصب المديرية الفنية والمدير العام للتنصت في وزارة المخابرات وأدی دورا مميزا في اعتقال المتظاهرين وقمع الانتفاضة من خلال توسيع نطاق التنصت.
ويبين اختيار من اختصاصه في الرقابة وملاحقة مستخدمي الفضاء المجازي، وجها آخر من احتيال الملا روحاني الذي يتظاهر دوما بالدفاع عن الاتصالات وتوسيع الإنترنت موجها تهمة الرقابة والتفتيش والملاحقة في الأجواء المجازية للعصابة الغريمة.
ومن بين الوزراء الباقين يأتي علي ربيعي وزير العمل وهو من العناصر القديمة في وزارة المخابرات ومحترف في احتواء احتجاجات العمال الضائقين ذرعا بحسب قوله.
وهکذا يتبين أن المعيار لاختيار الوزراء ليس شيئا إلا مواجهة الأجواء المتفجرة في المجتمع وعلی هذا الأساس تم اختيار عناصر اختصاصية في القمع والرقابة والإعدام والتعذيب.
وخلال حملته الإعلامية في الانتخابات لخص روحاني سجل النظام منذ 38عاما في «السجن والإعدام» محاولا إبعاد نفسه عن ذلک ليکون في منأی عنه، وبغض النظر عن طبيعة روحاني وتأريخه حيث يذعن نفسه بأنه يعتبر أکثر أفراد النظام «أمنيا»، تبين ترکيبة الحکومة الثانية عشرة حقيقة ملموسة ودامغة أنها تهتم بالقمع والسلب بحق المواطنين وليس إلا، کما تظهر أنه لماذا لم يعط روحاني حقيبة وزارية ولو لامرأة واحدة أو واحد من الأکراد ومن أبناء السنة وذلک رغم حاجته الإعلامية الماسة إلی ذلک. لأنه لم يکن يريد أن يخلق أقل فجوة في ترکيبة حکومته وهذا السد الخانق الذي وضعه أمام السيل العارم للغضب والکراهية لدی الشعب الإيراني. «ولا يمکن التوقع من روحاني أکثر من ذلک، حيث أنه کان خلال 38عاما مضت بين المسؤولين الأمنيين والعسکريين الأوائل في ممارسة القمع وتأجيج الحروب في هذا النظام وکما استذکر منافسوه کان منذ البدايات يطالب بشنق المتآمرين (حسب قوله) في صلوات الجمعة (بيان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ـ 20 أيار/ مايو2017).

 

 

 


زر الذهاب إلى الأعلى